اقترح المحلل الاقتصادي والرئيس السابق لهيئة سوق المال سليمان الشحومي، استخدام عوائد بيع الدولار بالسعر الجديد في سداد جزء بسيط من الدين العام، وتخصيص الجزء الأكبر الأخر كاحتياطي تنموي كمجنب للإنفاق علي برامج التنمية في المستقبل.

وقال الشحومي في ورقة تحليلية بعنوان ، "عوائد بيع الدولار وفرص التنمية"، "إن مشروع الميزانية العامة للدولة يعكس برنامج حكومي لتحصيل الايرادات وإنفاق النفقات خلال سنة مالية قادمة وتعد له التقديرات السنوية وفقا لمستهدفات محددة وفِي ضوء قوانين حاكمة كالقانون المالي للدولة وقانون التخطيط والتي تنص علي ترتيبات في مرحلة الإعداد والتجهيز والمصادقة علي مشروع الميزانية كما تحدد أن الانفاق يجب أن يركز 70% منه علي الانفاق التنموي وتحدد القوانين آليات وسبل التنفيذ لاحقا للميزانية، وبسبب انسداد الأفق السياسي وترسخ الانقسام المؤسسي ظهرت الترتيبات المالية مع المجلس الرئاسي كمخرج مؤقت ولكنه تحول بعد ثلاث سنوات من العمل به إلى قاعدة تحكم العمل والإنفاق والتحصيل للأبواب بالميزانية العامة للدولة الليبية، واشترك البنك المركزي في الاشراف والرقابة علي تنفيذ الترتيبات المالية و تعامل معها كسلفة تمنح للحكومة لتنفيذ التزاماتها بالمرتبات أساسا والمصروفات العمومية و دعم الكهرباء".

وتابع الشحومي، "الآن هذه الترتيبات يشتد حولها الخلاف والنقاش بين الحكومة والبنك المركزي والسبب عوائد بيع الدولار بالسعر التجاري بعد اقرار فرض ضريبة عليه من المجلس الرئاسي عن العام الماضي وللعام الحالي. ويري البنك المركزي أن العوائد يجب أن تسدد الدين العام السابق، في حين تريد الحكومة استخدامها للإنفاق علي مشروعات التنمية المتوقفة. والسؤال الذي يبرز الآن هل هناك برنامج أو خطة محددة بالأولويات والمدد و غيرها لتفعيل وإعادة تدوير المشروعات المتوقفة، وتبقي المعضلة الأكبر هي وجود سعرين للصرف والتي ربما سيخلق استخدام هذه الاموال من قبل الحكومة في توريدات بالسعر الرسمي ضغطا كبيرا علي الاحتياطيات الاجنبية فالحكومة في هذه الحالة تبيع الدولار بسعر 3.9 دينار للدولار وتعيد استخدام الدينارات في شراء دولار بسعر 1.4 دينار للدولار لتمويل عمليات الانفاق التنموي او تمويل الاحتياجات الآخري من الأدوية و مواد التجهيز والتشغيل المختلفة، و هنا سنقع في مشكل كبير جدا وفساد من نوع جديد في اعتمادات الحكومة بدلا من اعتمادات القطاع الخاص، الأخطر من ماسبق هو ان ينجرف هذا العائد الغير تقليدي الي تمويل الانفاق الجاري وليس التنموي.

في تقديري أن التوسع في الانفاق اعتمادا علي موارد استثنائية مثل عوائد بيع الدولار سيخلق ازمة حقيقية بالاقتصاد الليبي خصوصا اذا لم يتم تحقيق هذه الايرادات بشكل مستقر وثابت وأيضا في ظل تردي اوضاع الادارة العامة للدولة الليبية سيتحول الصراع من امام ابواب المصرف المركزي والمصارف التجارية الي صراع داخل مكاتب وأروقة وزارات الحكومة المهترئة ومؤسساتها المفككة".

وأضاف "قد يكون من الأنسب أن تستخدم عوائد بيع الدولار بالسعر الجديد في سداد جزء بسيط من الدين العام وأن يخصص الجزء الأكبر الاخر كاحتياطي تنموي كمجنب للإنفاق علي برامج التنمية في المستقبل ويحتفظ به لدي البنك المركزي وعندما تستقر الدولة وتتوحد السلطات و يعاد ترميم المؤسسات يطلق برنامج واسع لإعادة الإعمار والتنمية عبر استخدام هذا الاحتياطي وغيره من مخصصات التنمية المستحقة للشعب الليبي علي ان تتولي ادارته والإشراف علي تنفيذ المشروعات التنموية مؤسسة محترفة و متخصصة ولديها خبرة دولية ومشهود بكفائتها في الإشراف ومتابعة تنفيذ مشروعات، والبدائل المطروحة الآن عبر أن تنفذ الحكومة من خلال أدواتها المنهكة والمفككة والمفخخة ومع الشعور السائد بالفساد المستشري والمنظم، سيؤدي إلى إهدار وضياع فرصة مهمة أخرى لتحقيق تنمية مكانية وبشرية لليبيا. فهذه العرائض من بيع العملة هي في الواقع ضرائب يدفعها المواطن الليبي لابد من استخدامها برشد".