مع تفشي الهواتف الذكية، حيث يقضي الناس أغلب يومهم على منصات التواصل الاجتماعي، يتبادلون الأخبار والصور وكل التفاصيل التي تتعلق بمسار حياتهم، فقد انتهى الحال بعدد كبير سيما في أوساط الشباب إلى العزلة التامة، لم يعد يمثل لهم العالم الحقيقي شيئا، فحياتهم باتت تتلخص في اسم مستعار لشخصية كرتونية في أحد ألعاب الفيديو تدفع أصحابها إلى الهوس والإدمان والعزلة أكثر فأكثر.

يقول أحد الخبراء، إنه تلقى رسالة في صيف 2010 من طالب سويدي اسمه دانيال بيرغ، تحدث فيها عن محاضرة ألقاها في جامعة كامبريدج، تحدث فيها عن إدمان الإنترنت. ويضيف الخبير: بعد رسالة هذا الطالب أدركت أنني تحدثت عن حقيقة عميقة أكثر مما كنت أتصور، فلقد أخبرني أن الكثير من أصدقائه الذكور في جامعة ستوكهولم تركوا الدراسة وجنحوا إلى العزلة التامة، حيث يقضون كل أوقاتهم في اللعب.

سألته "كيف يشعرون تجاه وضعهم؟"، فرد بيرج "يشعرون بالغضب". أردفته بسؤال ثان متعجبا "لكنهم يواصلون اللعب؟"، فقال "إنهم يواصلون اللعب".

أخبرت هذه القصة لطلبتي في فلوريدا، هم لا يختلفون كثيراً عنها فبمجرد سماعها حتى اعترف لي أحد الطلبة أنه فقد عاما كاملا من حياته، وهو في عزلة تامة منقطعا عن العالم الخارجي يلعب على حاسوبه فقط، لكنه بدأ الآن يتعافى من هذا الإدمان تدريجيا.

وأفادت الدراسات الاستقصائية، التي أجريت في الولايات المتحدة وأوروبا بين عامي 2000 و 2009 (قبل استخدام الهواتف الذكية على نطاق واسع مثل اليوم)، أن معدلات انتشار إدمان الإنترنت بين 1.5 و 8.2 في المائة، ووجدت الدراسات الصينية أن الإدمان يتراوح بين 2.4 إلى 6.4 في المائة.

غير إن الإدمان على الإنترنت والتسلية الإلكترونية، ظهر بوضوح شديد في العام 2010، حيث تجسد في طلب فريق دولي من الباحثين من 1000 طالب جامعي من 10 دول مختلفة، البقاء بدون أنترنت لمدة 24 ساعة وتسجيل شعورهم، فكانت الإجابة مزيجا من المفاجأة، والأرق، والملل، والعزلة، والقلق، والاكتئاب، هو اعتراف صريح بالإدمان المفرط الذي يتداخل بين الثقافات.

صنفت منظمة الصحة العالمية إدمان الأطفال والمراهقين لألعاب الفيديو، كاضطراب عقلي، ما يجعل التفكير في كمية الوقت التي يقضيها هؤلاء أمام الشاشة أمرا حاسما في التقليل من خطر الإصابة به، بحسب "يورونيوز".

ويعرّف التصنيف الدولي للأمراض العقلية، الذي يعد مرجعا وضعته منظمة الصحة العالمية للأمراض القابلة للتشخيص، الإدمان على ألعاب الفيديو والألعاب الرقمية على أنه اضطراب صحة عقلي وهو "نمط مستمر أو متكرر للرغبة في اللعب" يصبح واسع النطاق و"يأخذ حيزا وأولية على باقي اهتمامات وأشغال الحياة اليومية".