تَصرف الجزائر ضعفي ما يصرفه بعض جيرانها كي تتحصل على نصف ما يحصلوا عليه!  و لهذا يدق اقتصاديون و خبراء جزائريون ناقوس الخطر أمام هذا الإنفاق الذي وصل إلى حد لا يطاق و يطالبون بترشيده و تحسين مردوده  خاصة و البلد تحت تهديد أزمة مالية  محتملة في الأشهر القادمة.                                                                   

لقد وصل عدد السكان الناشطين (القوة العاملة) في الجزائر سنة 2013 ، حسب المكتب الدولي للعمل ، إلى 000 964 11 شخص، اي بزيادة 4.7 بالمائة مقارنة بنسبة شهر سبتمبر 2012. و حسب الديوان الوطني للإحصائيات، يهيمن قطاعا الخدمات و التجارة على هيكل العمالة إذ استوعبا  59.8 بالمائة من مجموع الشغيلة سنتي 2012/2113، ثم يليه قطاع البناء بـ 16.6 بالمائة ( حوالي مليونين منصب شغل نصفها من الأصناف البسيطة). و تأتي الصناعة في المرتبة الثالثة بتشغيل 13 بالمائة أي 1.6 مليون شخص، و بهيمنة القطاع الخاص المكون أساسا من مؤسسات صغيرة و متوسطة . ثم تأتي الفلاحة بنسبة 10.5 بالمائة.                                                            

بين 2005 و 2012 ازداد عدد صفوف الموظفين التابعين للوظيف العمومي بـ 47 بالمائة ، حوالي مليونين سنة2012. و أكثر من 2.1 بالمائة سنة 2013 ، من بينهم  86  بالمائة استفادوا من وطائف دائمة حسب الإدارة العامة للتوظيف العمومي. و تبعا لذلك و حسب إحصائيات الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء، بلغ عدد الموظفين 3 ملايين سنة 2013!  و يتفق المراقبون أن أكبر المشاكل هو ذلك المتعلق بعدد الموظفين المتزايد باستمرار  و هو ما يضخم من الإنفاق العام دون خلق وظائف منتجة. ازدادت المصاريف بنسبة 11.3 بالمائة بالمقارنة مع سنة2013. و هذه الزيادة في ميزانية التسيير هي أسرع ثلاث مرات من الناتج المحلي الإجمالي المعلن منذ 2005 ، 4.5 بالمائة  و الذي لم يتحقق إلى اليوم. و يعتبر بنك الجزائر أن الإنفاق العام يتجه في مسارات مقلقة إذ انتقل من 45 بالمائة سنة 2011 إلى 50بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2012 بينما النسبة هي 27بالمائة في المغرب و 26 في تونس سنة2011.                      

استمرار المصاريف في التزايد سنة 2014 ستخلق مشكلا ماليا كبيرا حسب الخبراء فضلا على أنهم  يتوقعون بأن يكون العجز في الميزانية حوالي 45 مليار دولار و ربما أكثر.  فكيف سيكون المستقبل المالي للبلد لو انخفضت أسعار البترول ؟  وما العمل لمواجهة هذا الخطر الذي بات يهدد استقرار البلد في ظرف إقليمي مضطرب أمنيا و سياسيا و على وجه الخصوص في كل من ليبيا و تونس و مالي؟  

يجمع الجزائريون  أن الجزائر غير مسيرة بطريقة محكمة و أن الحكومات المتعاقبة كانت كلها فاشلة في النهوض بالاقتصاد الوطني و لم تفعل الشيء الكثير من أجل إقلاع نهضوي حقيقي بل أضاعت كثيرا من الوقت  و المال في محاولة لشراء السلم الاجتماعي. و يطالب جميعهم بتكوين حكومة وفاق مكونة من كفاءات شابة قادرة على إعادة ترتيب أمور الدولة الجزائرية برمتها ليتسنى لها التكيف مع المعطيات العالمية الجديدة وتجنيب البلد من الوقوع في حالة من الإفلاس يصعب تداركها.