تعتبر المؤشرات الدولية ذات أهمية بالغة للدول في إطار رسم ووضع السياسات العامة ومتابعتها وتقييمها، بناء على الأثار التي ترتبها تلك السياسات تقدماً أو تراجعاً في تصنيف الدول وترتيبها على المستوى العالمي، في مختلف المجالات.

فهذه المؤشرات الدولية تعمل على تقييم الوضع العام من خلال عدّة مداخل،من ذلك مؤشر الحرية الإقتصادية، ومؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة، ومؤشر الإزدهار العالمي...

مؤشر مفزع

أعلن مؤشر التنمية البشرية لسنة 2018 الصادر من منظمة الأمم المتحدة تراجع ترتيب الدولة الليبية من الرتبة 82 إلى 108، بعد دولة اليمن التي تراجعت من 158 إلى 178، وقبل سوريا التي تراجعت من 128 إلى 155.

يعتبر مختصون أن مؤشر التنمية البشرية الذي يصدره البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لتقييم البلدان من حيث جودة الحياة التي قوامها في النظام الصحي والنظام التعليمي ومستوى معيشة الأفراد أو بشكل أكثر تحديدا مستوى الدخل، يعد أحد المعايير التي تصلح لمعرفة مدى وحجم التغيير الذي يطرأ على البلدان مع مرور الأيام وتوالي الأعوام.

وجاءت المغرب ضمن الدول متوسطة التنمية البشرية، خلف الجزائر التي حلت الأولى ضمن الدول المغاربية بالرتبة 85، ثم تونس في الرتبة 95، وليبيا 108، والعراق في المرتبة 120، وفلسطين التي تعاني الاحتلال في الرتبة 119، ومصر التي تعرف اضطرابات منذ 2011 في الرتبة 115.

وجاءت دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى عربياً والـ34 عالمياً، في حين جاءت تركيا في المرتبة 64 عالمياً، وإيران في المرتبة 60، وتقدمت دول إفريقية على المغرب مثل الغابون 110، وبوتسوانا 101.

التقرير شمل 189 دولة، تبين أن 59 دولة منها صنفت في مستوى عالي جدا من حيث التنمية البشرية، و53 في مستوى عالي و39 في مستوى  متوسط و38 في مستوى  ضعيف.

وفي المراتب الخمس الأولى، جاءت الدول على التوالي: النرويج، سويسرا، أستراليا، إيرلندا، ألمانيا. 

أما المراتب الخمس الأخيرة فهي على التوالي لكل من بوروندي، تشاد، جنوب السودان، وجمهورية إفريقيا الوسطى، والنجير.

دلالات هذا المؤشر

رصد مؤشر التنمية انحدارا مهمًّا،حيث رجعت ليبيا ستة وعشرين درجة إلى الوراء حتى استقرت في الموقع الثامن بعد المئة.

 حيث وصف التقرير هذا التراجع بأنه من ضمن الانخفاضات الثلاثة الأكثر حدة في تصنيف التنمية البشرية ، حيث تموقعت ليبيا في  مرحلة المنافسة مع دول التنمية البشرية المتوسطة بعد أن كان موقعها السابق اثنين وثمانين يضعها ضمن دول التنمية البشرية المرتفعة، وقبل ذلك كانت في عام 2011 في المرتبة أربعة وستين على الرغم من انخفاض مرتبة ليبيا عشرة مواقع في ذلك العام ولكنها لم تتراجع عن تصنيف دول التنمية البشرية ذات المستوى "العالي" حيث كانت حينها في الترتيب الخامس إفريقيًا والسادس عربيًا بحسب نفس السنة.

يشير مراقبون أن هذا التراجع الذي يرصده المؤشر هو تراجع في نوعية التعليم والرعاية الصحية وجوانب أخرى رئيسية من الحياة، وهو ينعكس على حياة الناس 

 و يمثل التقرير تعبيرة للتفاوت التفاوت بين الدول: أن الطفل المولود اليوم في النرويج ، البلد الذي يتمتع بأعلى مستويات التنمية البشرية، يتوقع أن يعيش ما يزيد عن اثنين وثمانين سنة، ويقضي ثمانية عشر عامًا تقريبًا في المدرسة، في حين أن الطفل المولود في النيجر، البلد الأخير في مؤشر التنمية البشرية، يتوقع أن يعيش حتى يبلغ الستين سنة ويقضي خمس سنوات منها فقط في المدرسة.

في ليبيا نظام الرعاية صحية شهد تدهورا خطيرا ،حيث توفيت عديد النساء في مناطق وسط ليبيا أثناء الولادة لعدم وجود أقسام نساء وولادة في المستشفيات، وغير ذلك كثير من الشواهد على سوء الخدمات الصحية، فضلا عن تردي نوعية التعليم، إضافة إلى عجز الناس عن الاستفادة من دخلهم لأسباب مختلفة أهمها نقص السيولة في المصارف، التي تعد نتيجة لغياب الثقة في النظام المصرفي والخدمات المصرفية...

تراجع سريع

حلت ليبيا حسب مؤشر التنمية البشرية الأممي  في المرتبة56 في مؤشر2007 ،2008، والمرتبة53 في مؤشر2010،2009 وهي الدولة غير الخليجية الوحيدة في التنمية البشرية العالية منذ فترة، والمرتبة 64 في مؤشر2012،2011،وحافظت على نفس المرتبة في مؤشر2013-2012

قبل أن يبدأ الهبوط السريع في السنة الموالية،إذ تراجعت ليبيا للمرتبة 94 في مؤشر التنمية البشرية 2015،2014 كما جاءت دولة ليبيا في قاع مؤشر الازدهار العالمي لسنة 2016، حيث حلت في المركز 136 من أصل 149دولة.