يواصل الجيش الوطني الليبي معاركه ضد الميليشيات والجماعات الإرهابية على تخوم العاصمة الليبية طرابلس. معركة بات يبدو واضحا أنها ستحسم خلال الأيام أو الساعات القليلة القادمة وفقا لتصريحات القيادات العسكرية وذلك في ظل اطلاق الجيش الليبي لعملية اقتحام العاصمة طرابلس وهو ما يعني الفصل الأخير لمعركة تحرير المدينة وانهاء نفوذ المليشيات المسلحة فيها.

واستأنف الجيش الوطني الليبي، الاثنين، تقدمه في جميع محاور طرابلس حيث قصف سلاح الجو مواقع الميليشيات في العاصمة، تمهيدا لتقدم الوحدات البرية.وقالت شعبة الإعلام الحربي التابعة للقيادة العامة للجيش الليبي ،إن "الوحدات العسكرية تتقدم بخطى ثابتة في جميع محاور العاصمة ، وتُسيطر على مواقع وتمركزات جديدة وتُكبِّد العدو خسائر كبيرة"،وأكدت أن "المعنويات والهمم عالية، وساعة النصر قريبة بإذن الله".

وقالت شعبة الإعلام الحربي إن شباب عملية الكرامة، نفذ ليلة البارحة عمليتين نوعيتين في العاصمة طرابلس.وتابعت أن العملية الأولى تمت في الهجوم على مقر غرفة العمليات، بما يعرف بمزرعة المجدوب، وقتل عدد من عناصر المليشيات وانسحاب المجموعة التي نفذت العملية دون خسائر، وإرباك في محور الخلّة.أما العملية الثانية، فتمثلت في استهداف سيارة مسلحة للمليشيات في شارع عمر المختار بوسط طرابلس، من خلال الرماية المباشرة، ما أدى إلى مقتل سائقها وإصابة من معه.

وأعلن اللواء 73 مشاة اليوم الاثنين، عن بدء تقدم وحدات القوات المسلحة جنوب طرابلس منذ ساعات الصباح الأولى في جميع المحاور، وأكد أن وحدات الجيش حققت تقدماً كبيراً في عين زارة، ومحور وادي الربيع جنوب طرابلس، مشيراً إلى أن سلاح الجو قد قدم غطاء جوياً لتقدم القوات، وذلك باستهداف نقاط تمركز مسلحي الوفاق أمام الوحدات المتقدمة.

وتزامن ذلك مع اصدار آمر غرفة العمليات المتقدمة في الجيش الليبي، اللواء صالح عبودة، أمرًا لكافة القوات التابعة للجيش الليبي، والمتواجدة بمحاور طرابلس، بالتقدم لتنفيذ المهمة الأخيرة لتحرير العاصمة طرابلس.ووفقًا لمقطع مصور نشرته العديد من الصفحات الداعمة للجيش الليبي، يسمع فيه بوضوح النداء الموجه لكافة قوات الجيش بضرورة التحرك، وتنفيذ الأوامر الخاصة باقتحام وسط العاصمة طرابلس.ونقل موقع "ارم نيوز" عن مصدر عسكري،قوله إن كافة القوات بدأت بالتقدم من جميع المحاور؛ تنفيذًا للتعليمات بشأن المرحلة الأخيرة من تحرير طرابلس، وبإسناد من قوات الطيران الجوي.

ومن جهته، قال قائد محور عين زارة بجنوب طرابلس التابع للجيش اللواء فوزي المنصوري إن دخول قوات الجيش سيحدث خلال الأيام أو الساعات القليلة المقبلة.وأشار المنصوري في تصريحات خاصة لصحيفة "السرق الأوسط" اللندنية،الاثنين 22 يوليو،إلى أن دخول طرابلس سيتم خلال وقت قريب جداً ، لافتاً إلى أن عملية الاقتحام ستكون سريعة وحاسمة، على حدّ تعبيره.

وأضاف:"القوات جاهزة تماماً، وتنتظر فقط التعليمات النهائية من المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني باقتحام العاصمة"، موضحاً أن مواقع القوات ومعنويات الجنود ممتازة في ظل التقدم الذي تحرزه ميدانياً.وبيّن اللواء المنصوري أن "تعليمات المشير حفتر إلى قوات الجيش خلال هذه المعركة تنص على الحفاظ على أرواح السكان المدنيين والبنية التحتية وممتلكات المواطنين ، معتبراً أن مصير الميليشيات المسلحة بعد دخول الجيش سيكون إما القتل وإما السجن وإما الهروب".

وتابع المنصوري :"هذه معركة وطنية صرفة والقوات الموجودة على الأرض هي فقط قوات الجيش الوطني الليبي، ومطلوب من سكان العاصمة التعاون مع الجيش وإغلاق الأحياء لمنع تسلل أو هروب عناصر الميليشيات والإفصاح عن أماكن وجود الإرهابيين وعدم السماح للميليشيات بالاقتراب منها".

وشدد قائد محور عين زارة على أن قوات الجيش تدربت عملياً على عملية تحرير طرابلس خلال تحريرها لجميع المدن الليبية من بنغازي ودرنة وإجدابيا وغيرها من قبضة الجماعات الإرهابية التي كانت تسيطر عليها على مدى السنوات الماضية.وإختتم اللواء المنصوري حديثه بالقول:"نحن نواجه الميليشيات المسلحة المدعومة من تركيا، وليلة أول من أمس كان هناك قصف بالطائرات التركية المسيرة على مواقع الجيش في عين زارة بجنوب طرابلس".

وتأتي هذه الخطوة الأخيرة بعد أن باتت قوات الجيش الوطني الليبي على مشارف العاصمة الليبية طرابلس بعد تحقيقها نجاحات متتالية والسيطرة على مناطق استراتيجية حول معسكر اليرموك جنوب طرابلس، مما سيعجل بمعركة تحرير المدينة من سيطرة الميليشيات المسلحة والعصابات الخارجة عن القانون.

ويعتبر معسكر اليرموك من أهم المواقع العسكرية فى المنطقة، حيث يقع على الطريق الرابط بين منطقة قصر بن غشير وخلة الفرجان، وتمثل السيطرة على ذلك المعسكر انجازًا مهمًا للتقدم تجاه مدن العاصمة الأخرى.وهو ما أكده المتحدث باسم القائد العام للجيش الليبي اللواء أحمد المسماري الذي قال أن القوات المسلحة أصبحت قريبة من قلب العاصمة طرابلس.وأضاف أن السيطرة على المعسكر ستمهد الطريق للتقدم باتجاه حي صلاح الدين، القريب من قلب العاصمة.

وشهدت الأيام القليلة الماضية تأكيدات من الجيش الوطنى الليبى عن استعداده للدخول إلى العاصمة الليبية طرابلس فى خطوة اعتبرها البعض حاسمة فى المصير الليبى، خلال قادم الأوقات.وكان المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش الوطني الليبي، قد وجه السبت الماضي، تعليمات لأهالي العاصمة الليبية طرابلس للاستعداد لساعة الصفر لاقتحام العاصمة.

ومن جهتها، أصدرت تنسيقية جنوب طرابلس، التابعة لغرفة العمليات، بياناً، دعت فيه شباب المناطق المستعدين إلى انتظار أوامر التقدم من القوات المسلحة للتحرك.ودعا البيان الذي جاء بتوقيع رئيس تنسيقية جنوب طرابلس، الشباب إلى أخذ الحيطة والحذر في مواجهة التشكيلات المسلحة، كما طالبهم بتأمين المناطق والأحياء السكنية والمحافظة على الممتلكات ومؤسسات الدولة، والوقوف ضد الخارجين عن القانون.كما أشار البيان إلى ضرورة التنسيق الداخلي في ما بين شباب مناطق وأحياء جنوب طرابلس، لمنع تمركز التشكيلات المسلحة داخل المناطق السكنية.

وتشير هذه التطورات الى أن العد التنازلي بدأ، وبدأت معه قوات الجيش الوطني الليبي في إطباق قبضتها على مختلف أنحاء البلاد، لتقترب من قلب العاصمة طرابلس، وتبقى (مؤقتا) نسبة قليلة جدا من أراضي البلاد في يد الميليشيات المسلحة التي تحالفت بالرغم من صراعاتها السابقة وذلك بهدف حماية وجودها الذي يستهدف نهب ثروات الشعب الليبي وخدمة أجندات خارجية.

وترتبط هذه المليشيات بعلاقات مشبوهة خاصة مع قطر وتركيا اللتين تمثلان الداعم الرئيسي للفوضى في ليبيا والمنطقة عموما.وعلى الرغم من الدعم التركي اللامحدود بالعتاد والسلاح ونقلها للعناصر الارهابية من سوريا الى ليبيا،فقد فشل حلفاؤها في طرابلس في تحقيق أي تقدم في مواجهة الجيش الليبي العازم على تطهير كل شبر من البلاد من الإرهاب والتنظيمات المسلحة الموالية لجماعات الإسلام السياسي.

وتدعم أنقرة قوات حكومة الوفاق الوطني رغم حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا منذ العام 2011.وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا أن بلاده توفّر أسلحة لحكومة الوفاق الوطني بموجب "اتفاق تعاون عسكري" بين أنقرة وطرابلس.وهو ما اعتبره مراقبون اعترافا صريحا من أردوغان بدوره التخريبي في ليبيا الذي سبق أن أكدته سفن السلاح التي ضبطت خلال السنوات الماضية قادمة من تركيا نحو المتطرفين في ليبيا والتي كان نظام أردوغان يدعي عدم علمه بها.

ويمكن القول بأن نجاح الجيش الليبي في الدخول الى العاصمة الليبية طرابلس وانهاء سيطرة المليشيات المسلحة فيها،من شأنه أن يكسر شوكة تيار الاسلام السياسي الذراع التخريبية لأردوغان وقطر في البلاد،وسيمثل نقطة هامة في اطار اعادة بناء البلاد بعد سنوات من الخراب والدمار على أيدى المتطرفين والمليشيات التي استنزفت ثروات شعب ظل لسنوات يعاني أوضاعا معيشية صعبة في دولة تعتبر الأغنى في المنطقة.