انتهى مؤتمر باليرمو الذي رعته إيطاليا من أجل التوصّل إلى تسوية للأزمة الليبية، وأصدر المجتمعون بيانا أكدوا فيه احترامهم لنتائج الانتخابات ومعاقبة من يحاول عرقلة العملية الانتخابية.

وشددت الأطراف الليبية المشاركة في مؤتمر باليرمو في مسودة البيان الختامي للمؤتمر على "ضرورة تحمل المؤسسات الشرعية مسؤولياتها من أجل إجراء انتخابات نزيهة وعادلة بأسرع وقت ممكن، مع ضمان توافر جميع الشروط الفنية والتشريعية والسياسية والأمنية، والدعم من المجتمع الدولي"، مؤكدة على "ضرورة اعتماد دستور من أجل تحقيق السيادة".

ولفت البيان الذي تناقلته مصادر إعلامية إلى أن "اتفاق الصخيرات المسار الحيوي الوحيد للوصول إلى الحل السياسي، مشيرة إلى دعمها الكامل لخطة الأمم المتحدة وجهود المبعوث الخاص غسان سلامة".

مؤكدا "دعم الحوار برعاية مصر لبناء مؤسسات عسكرية وأمنية فاعلة تحت الرقابة المدنية وطالبت الإسراع بالعملية".

هذا الاجتماع الذي يأتي بعد أشهر من اجتماع باريس، شهد مفاجآت كثيرة أهمها إعلان خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي عدم مشاركته في المؤتمر لكنه ذهب، آخر لحظة إلى إيطاليا، للمشاركة في "قمة مصغرة" على الهامش جمعت كبار الدّول المؤثرة في الساحة الليبية ودول الجوار.

هذا الاجتماع الذي غابت عنه كلّا من قطر وتركيا، التي انسحب مندوبها، نائب الرئيس التركي، فؤاد أقطاي، من المؤتمر معربا عن "خيبة أمله الكبيرة" بحسب تعبيره.

** حفتر يزيح الأتراك والقطريين ويفرض شروطه: 

تحدّثت تقارير إعلاميّة عن أنّ القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر اشترط عدم حضور كل من تركيا وقطر في "الاجتماع المصغّر" الذي عقد على هامش المؤتمر الأصلي باليرمو، ووصل حفتر بشكل استعراضي متأخّر رافضًا حضور أعمال المؤتمر، مكتفيًا بالقمة المصغرة التي خطفت كل الأضواء من المؤتمر نفسه.

قبول المنظمين بشروط حفتر، وإبعاد تركيا من هذه القمّة تسببت في انسحاب المندوب التركي فؤاد أقطاي وإصدار بيان (يوم الثلاثاء) قال فيه: "نعلن انسحاب تركيا من المؤتمر بخيبة أمل عميقة. للأسف لم يتمكن المجتمع الدولي من التوحد هذا الصباح".

وأضاف نائب الرئيس التركي أنّ "الأزمة الليبية لا يمكن حلها طالما استمرت بعض الدول في اختطاف العملية السياسية لمصالحها الخاصة. هؤلاء الذين تسببوا في الأزمة الحالية برمتها لا يمكن أن يساهموا في حلها" بحسب تعبيره.

** حضور قطري باهت: 

إلى ذلك نشرت كان الحضور القطري في المؤتمر باهتًا حيث ظهر وزير الخارجية القطري في الصورة الجماعيّة الختامية للمؤتمر بشكل طرفي على أقصى اليسار، ولم تتحدّث التقارير الإعلاميّة عن أي نشاط لوزير الخارجية القطري خلال المؤتمر أو تقديمه لأي مواقف أو مقترحات .

في حين اكتفت وسائل الإعلام القطريّة الرسميّة برقيات رسميّة عن لقاءات هذا الأخير مع كل من غسان سلامة وفائز السراج ورئيس مجلس الدّولة خالد المشري، بصياغات رسميّة ولغة ديبلوماسية.

وفي هذا السياق نشرت وسائل إعلام عربية مقطع فيديو، قالت فيه بأنّ وزير خارجية قطر ظهر "معزولا في مؤتمر باليرمو"، ويوضح الفيديو، الذي تداولته مواقع إخبارية ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب المصادر نفسها "وزير الخارجية القطرى كشخص غير مرغوب بوجوده، حيث وقف وحيدا ولم يتطرق أحد إلى الحديث معه" بحسب تعبيرها.

كما نقلت المصادر ذاتها عن مصدر عسكري ليبي، قوله أن "القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر اشترط منع قطر وتركيا من المشاركة في الاجتماع الأمني الرئاسي في إيطاليا".


** انحسار كبير للدورين القطري والتركي في ليبيا:

هذا الحضور الباهت لكل من قطر وتركيا الذان يمثلان محورا إقليميا متكتلا حول الإسلام السياسي ويمثلان أحد أهم داعميه ماليا ولوجستيا وعسكريا وإعلاميًا، يكشف انحسار دور هذا المحور في اللعبة الإقليمية، مع انحسار قوّة الإسلام السياسي في ليبيا وانكسار شوكة الجماعات الجهاديّة والتراجع الكبير لقوّة مدينة مصراتة العسكريّة التي تعتبرُ الحليف "الجهوي" الأهم لتركيا في ليبيا.

هذا الانحسار يقابله تضخّم كبير في حجم "عدّوهم" المعلن خليفة حفتر، عسكريًا وسياسيًا، حيث بدا حفتر، في وصوله الاستعراضي الى باليرمو وفي تصريحاته الصحفيّة حريصًا على إيصال رسائل قوّة دعّمها برفض حضور تركيا وقطر للاجتماع الأهم في المؤتمر، ونجاحه في تهميش دورهما وتأثيرهما في هذه القمّة، بدا كأنّه ربح نقاطًا أخرى في المواجهة مع هذه المحور الإقليمي الذي كان شديد التأثير (بل الأكثر تأثيرًا) في مجريات الأحداث في الساحة الليبية .