تستعد إيطاليا لتنظيم مؤتمر دولي في نوفمبر المقبل يجمع الأطراف الليبية الفاعلة في المشهد السياسي من أجل الوصول إلى تسوية سياسية تنهي الأزمة التي حلت بالبلاد منذ سنوات.

وتسعى إيطاليا إلى حضور دولي واسع لهذا المؤتمر حيث تواصل السلطات الإيطالية توزيع الدعوات والحشد لهذا المؤتمر الذي أعلن عنه رئيس الحكومة الإيطالية قبل أشهر عند مقابلته مع الرئيس الأمريكي دولاند ترمب.

تحشيد دولي

كشف وزير الخارجية الإيطالي، إينزو موافيرو ميلانيزي، أن مناقشة رؤوساء الدبلوماسية الأوروبيين أمس الاثنين في لوكسمبورغ للوضع في ليبيا أتاحت التحقق من الإجماع والقناعة المشتركة على دعم مؤتمر باليرمو المقرر في يومي 12-13 من شهر نوفمبر المقبل.

حيث أشار الوزير الايطالي، في تصريح للصحفيين من لوكسمبورغ، إلى أن  الدول الأعضاء ومؤسسات الاتحاد الأوروبي أعادت التأكيد، بوضوح على إلتزامها بالتحدث بصوت واحد والمضي في جهود مشتركة ومترابطة من أجل تحقيق الامن في ليبيا.

في نفس الإطار،ناقش الممثل الخاص للأمين العام غسان سلامة ونائبته للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز أول أمس الثلاثاء مع نائبة وزير خارجية إيطاليا ايمانويلا دل ري تحضيرات مؤتمر باليرمو.

اللقاء أكد بحسب الصفحة الرسمية لبعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك على ضرورة حدوث تقارب دولي لدعم ليبيا وسبل تحقيقه.

يشار غلى أن هذا اللقاء يأتي بعد إجراء المبعوث الاممي عدد من اللقاءات داخل وخارج ليبيا التقى خلالها بأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط  ورئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح والممثلة العليا للاتحاد الاوروبي فيديريكا موغريني.

وأعلنت الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية، فيدريكا موغيريني، أنها ستشارك شخصيًا باسم الاتحاد الأوروبي في أعمال مؤتمر صقلية يومي 12 و13 نوفمبر المقبل حول ليبيا.

وأكدت المسؤولة الأوروبية الإثنين، على هامش اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لكسمبورغ، دعم الاتحاد الأوروبي خطة التحرك الإيطالية.

ويعمل رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي من جهته إلى حشد الدعم  على هامش انعقاد قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد لدعم لقاء باليرمو، لكن رغم هذه التحركات الإيطالية فقد بدأت روما تراجع حساباتها لعدة عوامل مجتمعة وفق مصدر دبلوماسي.

وقال المصدر إن رئيس الوزراء الإيطالي نفسه جوزيبي كونتي لم يعد يلوح بأي طموح محدد بشأن بلورة حل فعلي للأزمة الليبية، لكن مجرد القيام بمساهمة ضمن البحث عن استقرار البلاد.

وأكد المصدر الأوروبي أن إيطاليا لم تكشف لشركائها الأوروبيين حتى الآن عن أي جدول أعمال محدد وواضح لمؤتمر باليرمو، كما لا توجد قائمة للأطراف الليبية التي ستحضر المؤتمر، وهي أهم عناصر الإشكالية على الإطلاق.

وأعلنت غالبية الدول الأوروبية ومنها فرنسا ومالطا وألمانيا الأكثر اهتمامًا بإدارة الأزمة الليبية والاتحاد الأفريقي أيضًا، دعمها المؤتمر، لكن الدبلوماسيين يرددون أن أطرافًا ليبية فاعلة وفي مقدمتها المشير حفتر قائد الجيش الليبي، لا يزال يتكتم عن حقيقة موقفه من المؤتمر.

مشاركة ليبية بين الشك و اليقين

تحدثت صحيفة (لا ستامباالإيطالية في نسختها الورقية اليوم الثلاثاء عن إمكانية اعتذار رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح  والمشير خليفة حفتر عن المشاركة في مؤتمر باليرمو حول الأزمة الليبية المقرر في يومي 12-13 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، مستشهدة بتصريح لبرلماني ليبي بهذا الصدد.

وكان  البرلماني علي السعيدي، قد رجح في تصريح  صحفي يوم الأحد الماضي اعتذار صالح وحفتر، عن حضور مؤتمر باليرمو، لأنه لن يغير شيئاً على حد وصفه.  كما قال إنه  من وجهة نظري، المؤتمر سيزيد الأزمة الليبية خاصة أن هناك دولا كبرى تسعى إلى إطالة الأزمة من بينها إيطاليا، لأنها مستفيدة من الوضع الحالي على حد زعمه.

ونقلت صحيفة (لا ستامباتساؤل مصدر، وصفته بـالمطلع عن مغزى عدم  إعلانهم  المشاركة في المؤتمر إلى الآن ، تاركين بذلك كل شيء في حالة عدم يقين وأشارت إلى أنه على الرغم من الدعم الأوروبي الذي تلقاه وزير الخارجية انيزو موافيرو ميلانيزي أمس الاثنين، ولكن يُسجّل في الوقت الراهن عجز في التحضير ومشاكل في الإدارة والتنسيق بشأن المؤتمر قبل أقل من شهر من انطلاقه.

كما أشارت الصحيفة عن مخاطر حصر التركيز على إحداث تقارب بين رئيس حكومة الوفاق، فائز السراج والمشير خليفة حفتر لأن التوازنات على الأرض تقررها أيضاً قوى أخرى، كتلك  في مصراتة وترهونة، التي، من جانبها، لا تريد أن تستثنى من عملية الاستقرار في ليبيا.

يشار إلى أن تصريحات البرلماني الليبي السعيدي تضمنت أيضا مطالبة الاتحاد الأوروبي بـرفع العقوبات عن رئيس النواب عقيلة صالح ليتمكن من حضور مؤتمر باليرمو.

من جانب آخر،بحسب المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي، فإن السراج تلقّى مكالمة هاتفية من رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، تناولت التحضيرات الجارية لمؤتمر باليرمو الخاص بالأزمة الليبية، موجهاً إليه الدعوة لحضور المؤتمر.

وأوضح المكتب، الأربعاء، أن رئيس الوزراء الإيطالي أكد على دعم بلاده جهود السراج لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، ورغبتها في ضرورة حل الأزمة الليبية عن طريق الحوار بين الأطراف.

من جانبه، أثنى السراج على ما تبذله الحكومة الإيطالية من جهد لدعم المسار الديمقراطي في ليبيا، معبّراً عن ترحيبه بحضور المؤتمر الذي تمنّى أن يحقق نتائج إيجابية تساهم في حل الأزمة السياسية الليبية.

أفق هذا المؤتمر

أعلن رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي أن بلاده على استعداد لرعاية المصالحة والاستقرار في ليبيا، في إشارة إلى مؤتمر باليرمو الدولي المقرر في يومي 12-13 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

وقال كونتي مخاطبا مجلس الشيوخ الإيطالي يوم الثلاثاء، "عشية انعقاد القمة الأوروبية يومي الخميس والجمعة القادمين، ليس لدينا حل لجميع المشاكل ولكن بالتأكيد، إيطاليا، بطبيعتها، على استعداد لتحفيز عملية تحقيق الاستقرار من أجل مصلحة الشعب الليبي أيضاً".

في نفس الإطار ،قالت نائبة رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الإيطالي، السيناتورة ستيفانيا كراكسي، إن رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، يجازف بنتائج عكسية للمؤتمر المزمع عقده في باليرمو حول ليبيا، يومي الثاني عشر والثالث عشر من نوفمبر المقبل.

وقالت كراكسي أن هناك مجازفة كبيرة بأن تتحول فكرة جيدة إلى نتائج عكسية، مع كل ما يترتب على ذلك من أضرار لعملية الاستقرار في ليبيا نفسها، والتي نريد أن نؤيدها، حسب قولها، مشيرة إلى إنه على الرغم من أن من الطبيعي والمفهوم تماما، أن إيطاليا لا يسعها إلا أن تكون محاورا للسلام، ورائدا لاستقرار الواقع الليبي المعقد، فإن كلمات رئيس الوزراء، لا سيما على ضوء المؤتمر المقبل الذي دعت الحكومة إليه، تعطي انطباعا بالقلق، وتبدو تأكيدا للشائعات التي انتشرت على الصحف حول وضع المؤتمر، مشيرة إلى أن كونتي، قبل أقل من شهر من موعد المؤتمر، لم يكتف فقط بعدم لفظ كلمة واحدة عن الجهات المؤيدة والمشاركين، بل صرح علنا أنه ليس هناك أي حل.

يؤكد المحلل السياسي محمد الهنقاري أن حشد إيطاليا لمؤتمر روما جاء "نتيجة الفشل السياسي الداخلي في ليبيا في إعادة بناء الدولة بين الأطراف المتصارعة التي ظهرت بعد الثورة الليبية ولم تستطع هذه الكيانات حل الأزمة، بل تسببت في حروب وانقسام سياسي ومؤسساتي".

ويتابع المتحدث لـ"أصوات مغاربية"، "أعتقد أن هناك اتفاقا سياسيا جديدا منافسا لاتفاق الصخيرات إذا حضرت الأطراف الفاعلة المؤثرة على الأرض".

ويفيد الهنقاري بأن إيطاليا تعول في مؤتمر روما على إلزام الأطراف الدولية لوقف الدعم وحث الأطراف الليبية على المشاركة السياسية لإعادة استقرار الدولة الليبية.

ويشير الهنقاري إلى أن مخرجات مؤتمر باليرمو تدعم الوصول إلى مرحلة التصويت على الدستور وعقد انتخابات عام 2020 إضافة إلى معالجة الأمن ومحاربة الإرهاب.