مازالت الأوضاع الأمنية في ليبيا لم تستقر بعد‏، رغم أن المواجهات المسلحة قد خفت حدتها كثيرا عن ذي قبل‏.لكن تواصل وجود الجماعات المسلحة التي تمارس أنشطتها الإجرامية مستغلة حالة الإنقسام وغياب سلطة الدولة والقانون، مازال يلقي بظلاله على البلاد منذرا بالعودة الى مربع الصفر.

آخر مشاهد إستمرار مسلسل العنف في ليبيا، جاء مع إعلان إعلان بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا أن مسلحين تابعين لتنظيم داعش قتلوا ستة أشخاص بعد أسرهم خلال قتال ببلدة صغيرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.وأدانت الأمم المتحدة الهجوم في بيان، الاثنين ووصفته "بالبغيض للغاية."

وكان مسلحو داعش شنوا هجوما على بلدة الفقهاء يوم 28 أكتوبر الماضي، وقاموا خلاله بقتل واختطاف بعض سكان البلدة التابعة لبلدية الجفرة جنوب وسط ليبيا.وسلّط الهجوم الضوء على الاضطرابات في المنطقة، حيث ينشط تنظيم داعش وجماعات مسلحة أخرى، بعضها جاء من تشاد المجاورة ويعمد مسلحوها إلى سرقة مواطنين على الطرق السريعة، ومهاجمة دوريات أمنية تابعة للجيش الوطني الليبي.

الهلال النفطي

ومع تصاعد حدة المخاوف جراء حركات الجماعات المسلحة، أعلنت غرفة عمليات سرت الكبرى التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، بقيادة المشير خليفة حفتر، حالة الاستنفار القصوى لجميع الوحدات العسكرية والكتائب المسلحة فى منطقة رأس لانوف بالهلال النفطى الليبى، حسبما أفادت تقارير إعلامية.

ونقلت "إرم نيوز"، عن مصدر عسكري، تأكيده أن آمر غرفة عمليات سرت الكبرى اللواء سالم درياق، أصدر أوامره بمتابعة تحركات عناصر تنظيم داعش وتنظيم سرايا الدفاع عن بنغازي وفلول آمر حرس المنشآت النفطية السابق إبراهيم الجضران التي تم رصدها في مناطق غرب الموانيء النفطية.

وتضمنت حالة الاستنفار عودة كتيبة طارق بن زياد بقيادة الرائد عمر امراجع المقرحي إلى مناطق انتشارها في الهلال النفطي بعد انتهاء مهمة لها في بنغازي واقامة بوابات عسكرية في منطقة راس لانوف وتسيير دوريات مقاتلة مكثفة لرصد أية تحركات معادية.

من جهته، أكد آمر غرفة عمليات سرت الكبرى التابعة لعملية الكرامة سالم درياق، أن الوحدات العسكرية بالغرفة تقوم بواجباتها المكلفة بها بحراسة وتأمين الموانئ والحقول النفطية، وأن الوضع مطمئن وتحت السيطرة.وقال درياق في بيان نشرته وكالة الأنباء الليبية ، إن الوحدات العسكرية تقوم بنشر دورياتها إلى حدود منطقة الجفرة وجنوب منطقة سرت، مؤكدا جاهزية كافة الوحدات بتنفيذ المهام المكلفة بها، وأن الأمور تسير بصورة طبيعية.

وكانت منطقة الهلال النفطي، قد تعرضت لهجمات عديدة من مليشيات الجضران وسرايا الدفاع عن بنغازي، كان آخرها في شهر حزيران / يونيو الماضي، لكن الجيش الليبي شن هجوما معاكسا أدى إلى هروب المليشيات بعد أيام من سيطرتها على الموانيء النفطية وكبدها خسائر في الأرواح والمعدات.

هجمات

وتأتي هذه التطورات، غداة إعلان المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا في بيان، حالة القوة القاهرة في الصادرات من حقل الشرارة النفطي بسبب ما اسمته "وجود خطر يهدد سلامة العمال نتيجة لإغلاق الحقل من قبل مليشيات تدعي انتماءها لحرس المنشآت النفطية".

وأكدت المؤسسة أن إغلاق أكبر حقولها النفطية سيتسبب في خسائر يومية في الإنتاج تُقدر بحوالي 315 ألف برميل يوميا، وخسارة إضافية قدرها 73 ألف برميل يوميا في حقل الفيل النفطي.وأضافت أن هذا الأمر قد تكون له تداعيات سلبية على الإنتاج في مصفاة الزاوية بسبب اعتمادها على إمدادات الخام من حقل الشرارة.

وشهد حقل الشرارة الذي يعتبر أكبر حقل في ليبيا ويمثل إنتاجه قرابة ثلث الإنتاج الليبي من الخام الذي يتخطى مليون برميل يومياً حالياً، هجمات قادها مسلحون بجانب إغلاقات متكررة، تسببت في خسائر بملايين الدولارات للدولة الليبية، بسبب حصار فرضته مجموعات مسلحة أو مشكلات أمنية.

ويتزامن ذلك مع هجوم شنته مجموعة مسلحة مجهولة الهوية، الأحد، على الحقل الغربي بجهاز النهر الصناعي بمنظومة الحساونة سهل الجفارة ودمرت معدّاته بشكل شبه كامل.وأسفرالهجوم عن تخريب وسرقة معدات 4 آبار، وبات عدد الآبار المدمرة والخارجة عن الخدمة 92 بئراً.بحسب جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي.

ويقع الموقع المستهدف ضمن حقل يضم مجموعة آبار مياه عذبة جنوبي مدينة "الشويرف" في منطقة جبال "الحساونة".وقالت تقارير إعلامية إن هذه الاعتداءات من قبل الإرهابيين تأتي في ظل غياب الحماية عن هذه الآبار الاستراتيجية والحيوية المغذية لمدن الساحل الغربي ومدن جبل نفوسة ومدينة الشويرف والمناطق المحيطة فى ظل تردي الوضع الأمني بالمنطقة.

أزمة

ودفعت هذه التطورات، بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، للإعراب عن استنكارها للاعتداءات التي تشهدها عدة مناطق في ليبيا من قبل مسلحي وتهديدها لسلامة المدنيين والمرافق الحيوية جنوب ليبيا، ودعت السلطات الليبية لاتخاذ إجراءات فورية إزاء الفوضى بالبلاد.

وأكدت البعثة في بيانها "إدانتها للاعتداءات على حقل الشرارة النفطي ومنظومة المياه في الحساونة"، مشيرةً إلى أن الإغلاق القسري لحقل الشرارة النفطي من قبل العناصر المسلحة التي تدعي ارتباطها بحرس المنشآت النفطية المحليين، في حال استمراره، سيؤدي إلى خسارة إنتاجية تبلغ 388 ألف برميل في اليوم، تصل قيمتها إلى 32.5 مليون دولار.

وتابعت "أن هذا التدخل في سبل معيشة الليبيين والثروة الوطنية الليبية بمثابة ضربة موجهة ضد الليبيين في جميع أنحاء البلاد"، داعية حكومة الوفاق الوطني على العمل بسرعة وبحزم للنهوض بتقديم الخدمات إلى المنطقة".

ولا تزال ليبيا تعيش انقسامًا سياسيًا حادًا يمنع توحيد مؤسسات الدولة، فيما يتواصل وجود الميليشيات والتنظيمات الإرهابية والعصابات الإجرامية، التي مازالت تستبيح الأراضي الليبية وتسعى لإستنزاف ثرواتها، وهو ما يشكل خطرًا كبيرًا على المواطن الليبي الذي يعيش في دائرة معاناة مستمرة منذ سنوات.