ترجمة نجاة فقيري
أعلن رئيس وزراء حكومة الوفاق الليبية فايز السراج ، مساء الأربعاء الماضي ، في كلمة تلفزية نيته تسليم مهامه أكتوبر القادم . وقد سمي هذا الرجل البالغ من العمر 60 عاما، رئيسا لحكومة الوفاق على إثر اتفاقيات الصخيرات الموقعة تحت رعاية الأمم المتحدة في ديسمبر 2015.
ويأتي هذا الإعلان مع انطلاق محادثات منذ أسابيع قليلة بين الفرقاء الليبين بعد صراعات و نزاعات مستعرة منذ صيف 2014، وسط احتجاجات اجتماعية غير مسبوقة ضد الظروف المعيشية والفساد في عدة مدن عبر البلاد.
 ففي الاجتماع الأخير في مونترو (سويسرا) في أوائل سبتمبر ، توصل الحزبان إلى نتيجة مفادها أن تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية في غضون 18 شهرا أمر ملح و في غضون ذلك ، يجب تشكيل "حكومة وحدة تمثيلية".
شرعية متنازع عليها منذ فترة طويلة
منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 ، غرقت ليبيا في فوضى سياسية حيث يتنازع الفرقاء الليبيين على السلطة و النفوذ.و منذ البداية ، لم يلق وصول السراج استحسانا حيث  لم يتمكن من الاستقرار في العاصمة طرابلس إلا في مارس 2016 عندما حكمت هناك عدد كبير من الميليشيات.
ولد فايز السراج في عام 1960 لعائلة كبيرة محافظة وميسورة الحال من طرابلس ، تمتلك متاجر وأراضي شاسعة وقد شاركت في كتابة تاريخ ليبيا الحديث. كان والده مصطفى السراج من مؤسسي الدولة بعد الاستقلال عام 1951.
درس فايز السراج ،الرجلال الأنيق ،طويل القامة ، والذي يرتدي نظارات داكنة دائما ، الهندسة المعمارية ، قبل أن يصبح موظفا حكوميا في قطاع الأشغال العامة والإسكان ، ثم يؤسس شركته الخاصة. متزوج وأب لثلاث بنات يعشن في الخارج مع والدتهن منذ 2014.
في مناخ سياسي واجتماعي "شديد الاستقطاب" ، سعى إلى تحقيق "أكبر قدر ممكن من الإجماع" بين الأطراف المختلفة ، "لكن الصعوبات كانت مستعصية" ، كما قال في خطابه. وعبر فايز السراج عن أسفه حتى اليوم "ما زالت بعض الأطراف تراهن على حل عسكري يخدم أهدافها".


و إذ نجح في الحصول على تحشيد السلطات الاقتصادية والسياسية للعاصمة ، فإنه فشل في إقناع مجلس النواب المنتخب عام 2014 شرقي البلاد ، والذي يرفض منح ثقته لحكومة الوفاق الوطني .
علاوة على ذلك ، و نظرا لعدم قدرتها على إنشاء شرطة نظامية أو جيش قوي بما يكفي لضمان الأمن في العاصمة ، اضطرت حكومة الوفاق الوطني إلى طلب مساعدة الجماعات المسلحة القوية في طرابلس ، والتي انتهى بها الأمر إلى الاندماج في المؤسسات ومجالات السلطة.
إعلان ضد التيار؟
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، الجمعة ، إنه يشعر بالحزن إزاء الرحيل المقرر لهذا الحليف التركي الذي يدعمه عسكريا ضد قوات الجيش الليبي. وقال رئيس الدولة التركية في تصريحات للصحافة "إنه لأمر محزن بالنسبة لنا" ، مضيفا أنه ينبغي عقد اجتماع في الأيام المقبلة بين الوفدين التركي وحكومة الوفاق الوطني.
وتأتي هذه الاستقالة وسط رياح احتجاج جديدة ونادرة تهب في شرق البلاد كما في غربها ضد النخبة السياسية الفاسدة وضد تدهور الأوضاع المعيشية ، بما في ذلك انقطاع التيار الكهربائي لأوقات طويلة والأزمة المصرفية الخطيرة و انعدام السيولة.
لقد أعطى خليفة حفتر ،رجل شرق ليبيا القوي ، بداية الحلحلة الجادة للأزمات، بالإعلان عن استئناف انتاج النفط، فمنذ يناير توقف الإنتاج والتصديرمن حقول النفط والموانئ ، للمطالبة بتوزيع عادل لعائدات النفط التي تديرها حكومة الوفاق.


تسبب ذلك في خسارة إيرادات تزيد عن 9.8 مليار دولار (8.2 مليار يورو) ، وفقًا لشركة النفط الوطنية (NOC) . وقال حفتر في كلمة تلفزية قصيرة "قررنا استئناف إنتاج وتصدير النفط بشروط أولها التوزيع العادل لعائدات النفط" ، و ثانيها أن عائدات النفط "لا تستخدم لدعم الإرهاب" مشيرا إلى أن رجاله لن يقفوا في طريق استئناف العمليات النفطية مؤكدا  أن قواته "تنحي جانبا كل الاعتبارات العسكرية والسياسية" للرد على "معاناة" الليبيين وتدهور الأوضاع المعيشية".
و نظرا لكون البلاد تمر بنقطة تحول، مدد المجتمع الدولي لتوه مهمة الأمم المتحدة في ليبيا، تحت ضغط من الولايات المتحدة ، من خلال قرار تم تمريره هذا الأسبوع. كما أنها في طور استعادة السيطرة ، ولا سيما في المفاوضات، حيث عاد الخصوم الليبيون إلى مسار الحوار وعقدت اللقاءات بالتوازي في بوزنيقة بالمغرب من 6 إلى 10 سبتمبر وفي مونترو بسويسرا في الفترة من 7 إلى 9 سبتمبر ، لاستئناف الحوار وإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية.