لم ينقشع غبار الحرب التي يخوضها الجيش الوطني الليبي ضد المليشيات المسلحة والعناصر الإرهابية في العاصمة الليبية طرابلس بعد،حتي فتح المتطرفون جبهة قتال أخرى، ضدالقوات المسلحة الليبية، بعد شنهم هجوما ارهابيا مباغتا على بلدة الفقهاء بمحافظة الجفرة في الجنوب الليبي ما اسفر عن سقوط ضحايا.

وهاجم مسلحون بلدة الفقهاء بمنطقة الجفرة، ليل الثلاثاء،وقتلوا شخصين واختطفوا آخر.ونقلت صفحات على موقع التواصل الاجتماعي تعرض البلدة للهجوم الارهابي وسط انقطاع للاتصالات،فيما قالت تقارير اعلامية محلية ان مجموعة مسلحة مجهولة الهوية دخلت ليلة أمس إلى منطقة الفقهاء ببلدية الجفرة، وقتلت أحد عناصر الحرس البلدي عبد الكافي أحمد، ورئيس المجلس المحلي أحمد ساسي، كما خطفت المواطن مفتاح احميد ساسي.

وسرعان ما تكشفت حقيقة العناصر المجهولة،مع اعلان تنظيم داعش الإرهابي تبنيه للهجوم،وقالت وكالة أعماق الإعلامية التابعة للتنظيم في بيان لها اليوم الثلاثاء إن عناصر التنظيم الإرهابي جابوا بلدة الفقهاء بمحافظة الجفرة وسط ليبيا للمرة الثانية، بحثا عن قيادات بالجيش الوطني الليبي والدوائر التابعة لها.

وأكدت الوكالة أن عناصر التنظيم الإرهابي تمكنوا من الدخول إلى البلدة عند منتصف الليل، وتمكنوا من قتل رئيس المجلس البلدي وقائد الحرس البلدي، إضافة لقتل وأسر عناصر من قوات الجيش الليبي.وأكدت الوكالة ، أن العملية تندرج ضمن غزوة "الثأر لولاية الشام المباركة"، والتي بدأتها أمس في مختلف المناطق التي تسيطر عليها أو تنشط فيها خلاياها في عدد من دول العالم.

وتخضع بلدة الفقهاء الواقعة في منطقة الجفرة لسيطرة الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، وتعرضت العام الماضي إلى هجوم لتنظيم "داعش، اختطف خلاله نحو 13 شخصا، تم تحريرهم لاحقا بعد أن نفذ الجيش عملية عسكرية في إحدى مزارع منطقة غدوة الواقعة إلى الجنوب من مدينة سبها.

وتقع بلدة الفقهاء في منطقة نائية ومفتوحة جنوبي منطقة الجفرة، وهي إحدى المناطق الخمسة المكونة للمنطقة إلى الغرب من جبال الهروج البركانية.وتعتبر مناطق جبال الهروج ذات الطبيعة الوعرة والمفتوحة على الصحاري ملاذًا لعناصر التنظيم منذ إخراجه من مدن درنة وسرت وصبراتة وبلدات أخرى كان يسيطر عليها.

ودفع الهجوم الغرفة الأمنية المشتركة سبها،لإعلان استمرار حالة النفير العام وتسيير دوريات في محيط المنطقة والمزارع، حفاضا على أمن المدينة.ودعت الغرفة المواطنين التعاون لبسط الامن والإبلاغ عن أي خروقات تحدث من قبل الأفراد.

وشن تنظيم داعش هجمات متعددة على بلدات في جنوب ليبيا منذ انسحابه إلى الصحراء بعد خسارته في عام 2016 مدينة سرت الساحلية معقله الرئيسي التي سيطر عليها في مايو 2015، ليتخذها إمارة له.وفي منتصف يناير الماضي،أطلق الجيش الوطني الليبي عملية عسكرية نجح خلالها في بسط سيطرته على أغلب مناطق الجنوب،والقضاء على عدد كبير من العناصر الارهابية.

لكن تنظيم "داعش" الارهابي،أطلق تهديدات علنية بالانتقام لهزائمه،وشنت خلاياه النائمة اواخر مارس الماضي،هجوما على بلدة غدوة جنوبي مدينة سبها،ما أدى إلى مقتل شاب وخطف 3 أشخاص آخرين.وقالت تقارير إعلامية إن المجموعة المهاجمة كانت تستقل 10 سيارات دفع رباعي أغلبها مصفحة، واشتبكت مع الأهالي، ما أدى إلى مقتل الشاب محمد عبد الله هنقام.

وياتي هجوم داعش الاخير على بلدة الفقهاء، في وقت مازال فيه الجيش الليبي يواصل حربه لتحرير العاصمة الليبية من المليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية التي تسيطر عليها منذ سنوات.حيث يواصل الجيش التقدم في محيط طرابلس من محاور عدة،وذلك بعدما نجح في السيطرة على المطار الدولي ومناطق في محيط العاصمة.

وأكد المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري سيطرة القوات الليبية على معسكر اليرموك بالكامل جنوبي مدينة طرابلس، مشددًا على أن الهدف من عملية تحرير طرابلس وطني بحت.وقال المسماري - خلال مؤتمر صحفي،الإثنين - إن معركة طرابلس تسير وفق الخطة الموضوعة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى سيطرة القوات أيضًا على عدة مواقع في وادي الربيع.

وأعلنت القيادة العامة للجيش الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، الخميس الماضي، إطلاق عملية للقضاء على الإرهاب في العاصمة طرابلس، والتي تتواجد بها حكومة الوفاق المعترف بها دوليا برئاسة فائز السراج، ودعا الأخير قواته لمواجهة تحركات الجيش الليبي بالقوة، متهما المشير حفتر بالانقلاب على الاتفاق السياسي للعام 2015.

ووسط استمرار الانقسامات والتصعيد بين الأطراف الليبية،يبقى الخطر الارهابي في ليبيا قائما،فرغم دحر تنظيم "داعش" الإرهابي وخلاياه من مدينة سرت وسط البلاد،وطرد العناصر الإرهابية من مدينتي بنغازي ودرنة شرق البلاد، لكن يبدو أن هذه العناصر لا زالت تجد لنفسها مكاناً وسط الفوضى والانقسام المستمر بين الأطراف الرئيسية في البلاد،حيث تعود حركة الارهاب إلى النشاط بشكل مقلق،مع استمرار الهجمات الدموية في مدن مختلفة.

وتلقي العملية الإرهابية الاخيرة الضوء من جديد على تخوفات كثير من السياسيين والمحللين، بشأن عدم انتهاء الحرب عملياً ضد التنظيمات الإرهابية، وأن عناصرها الهاربة من درنة وبنغازي وسرت تلملم نفسها وتتمركز في مناطق عديدة من البلاد، ومن ثم الانطلاق لتنفيذ عمليات خاطفة ومباغتة ضد أهداف تختارها بدقة.