كشف المنتدى الاقتصادي العالمي في "دافوس" عن التصنيف الجديد الذي يقيس جودة التعليم في 140 دولة حول العالم، ﻭﺍﻋﺘﺒﺮ ﺍﻟمؤﺷﺮ، ﻟﻴﺒﻴﺎ وخمس دول عربية أخرى، هي السودان ﻭسوﺭﻳﺎ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﺍﻟصومال، كدول ﻏﻴﺮ ﻣﺼﻨّفة، بسبب عدم توافر أبسط معايير جودة التعليم فيها.
واستند التصنيف السنوي للدول الأفضل على صعيد جودة التعليم، على معايير مواكبة المؤسسات التعليمية للتطوير والبحث والتدريب العالمي، ومستوى الدعم الاقتصادي للمؤسسات التعليمية، وواقع امتلاكها وسائل تكنولوجية حديثة ومناسبة لسوق العمل، وغيرها.
وينتقد كثير من الليبيين تعامل حكومة بلادهم لـ"الوحدة الوطنية"، والتي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، مع التصنيف الأخير، إذ اكتفت وزارة التعليم العالي بالتصريح بأنها تعمل على تشكيل لجنة "لفحص المناهج الليبية وتوحيدها والتأكد من محتواها".
وتعاملت وزارة التعليم في حكومة الوحدة الوطنية مع موجة الغضب والأسئلة التي طرحت حول أسباب استبعاد ليبيا من مؤشر الجودة العالمي للتعليم، بتأكيد عملها لتشكيل لجنة لفحص المناهج وتوحيدها والتأكد من محتواها، وتهيئة الظروف المناسبة لاستعادة العملية التعليمية شكلها المناسب وسط التحديات الكبيرة التي تواجهها.
من جهة أخرى، اعتبرت "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان"، خروج ليبيا من التصنيف العالمي للتعليم، "مؤشر انتكاسة للمنظومة التعليمية، وتراجعاً في مستوى التعليم ويتطلب موقفاً جاداً ومسؤولاً من السياسات والخطط والبرامج للمؤسسات التربوية والتعليمية في ليبيا".
وقد واجه الرأي العام الليبي أخيراً صدمة استبعاد ليبيا من المؤشر السنوي للدول الأفضل على صعيد جودة التعليم الذي يصدره منتدى "دافوس"، في حين حاولت السلطات امتصاص هذه الصدمة والجدل الذي أحدثته عبر تقديم عدد من الأسباب والمبررات.
وانقسمت الآراء في الأوساط الليبية بين الاحتجاج على الإهمال الحكومي لقطاع التعليم، وبين المطالبة بضرورة تحميل المسؤولية للجميع وعدم حصرها في السلطات.
في ذات الصدد،علق عضو مجلس النواب جاب الله الشيباني على خروج ليبيا من التصنيف العالمي لجودة التعليم.
الشيباني وفي تدوينة له على صفحته بموقع "فيسبوك"،قال :"التعليم المخادع، تعليم الببغاوات الذي يضحكون به على الشعوب المتخلفة، الذي يجعلنا نأكل مما لا نزرع ونلبس مما لا نحيك ولا نصنع إبرة ولا قميص ولا حبة بنادول، ونعتمد في حياتنا على ما يأتينا من وراء البحر، أو هكذا أرادوا لنا أن نكون سوق لاستهلاك منتجاتهم".
وأضاف قائلا:"هذا التعليم لا يستحق أن نبكي عليه حتى لو صنفنا على رأس قائمة الدول الأمية، تعليم الشهادات الجوفاء التي لا تسمن ولا تغني من جوع".
كما أردف الشيباني "يجب أن نأتي بتعليم غيره ولا يكون مثله، نحتاج إلى ثورة حقيقية وبرامج وخطط لبناء تعليم حقيقي ومختبرات علمية تحقق لنا الاستقلال الحقيقي والاعتماد على الذات من المأكل والملبس والدواء والمعدات وجميع أدوات العصر".
كما انتقد البعض الوسائل البدائية التي ما زالت توظف في التعليم الليبي، إذ ليس هناك، بحسب قولهم، مخابر بحوث تضم تجهيزات حديثة، ولا كتب مدرسية تستجيب للمعايير، باعتبار أن بعضها لم يتم تغييره منذ عقود من ناحية الشكل والمضمون. كما أن تقادم التجهيزات في المدارس والمعاهد والجامعات يعطل تطور التعليم الليبي الذي لا ترصد له موازنات مالية معتبرة، رغم أن البلد غني ويحصد مداخيل هامة من تصدير المحروقات.
 كما أن التدريس في ليبيا يغلب عليه التلقين والحفظ، ويغيب عنه التفكير النقدي الحر، وبالتالي، يرى البعض أنه لا بد من تغيير الأسلوب التعليمي والمناهج، وإذا اقتضى الأمر استيرادها من الخارج. كما دعا هؤلاء إلى السماح بوجود المؤسسات التعليمية الأجنبية التي ستساهم في تطوير التعليم المحلي الذي سيكون القائمون عليه مضطرين إلى منافسة المدارس الأجنبية.
إلى ذلك،يرى مراقبون أن حل أزمة التعليم الليبي ليحقق القفزة المرجوة التي تعيد له مكانته، يبدأ بحزمة إصلاحات يجب أن تغطي متابعة المعلم وتأهيله وتحسين وضعه المادي. وتنقسم تلك الحزمة إلى ثلاثة محاور رئيسة كفيلة بتغيير واقع التعليم والنهوض به، وتشمل تفعيل آلية مستحدثة للمتابعة والتوجيه والتفتيش التربوي، مدعّمة بلائحة دقيقة تنظم وتقيّم أداء المعلم إدارياً وتربوياً ومعززة بنظام مكافآت وترقيات واضح ومنصف، وتنفذ بحزم وصرامة.