في ساعة متأخرة من ليل الخميس، أعلن المركز الليبي لمكافحة الأمراض، عن تسجيل أول حالة وفاة بفيروس كورونا. وقال المركز في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، "تسلم المختبر المرجعي لصحة المجتمع عينة أخذت من امرأة عقب وفاتها يبلغ عمرها 85 عاما. وبعد إجراء اختبار كشف فيروس كورونا، تبين أن نتيجة العينة موجبة". كما أضاف المركز "هذه الحالة هي أول وفاة تسجل جراء فيروس كورونا المستجد".
هذا وارتفع عدد المصابين بالفيروس إلى 11 مصاباً، بعدما سجلت ليبيا أول إصابة في 24 مارس لمواطن ليبي عائد من الخارج. وقررت حكومة الوفاق مؤخراً الإفراج عن 466 سجيناً ضمن خطتها لمواجهة تفشي الفيروس. فيما اتخذت السلطات في شرق وغرب ليبيا منتصف الشهر الماضي قرارات لمواجهة خطر الوباء أهمها إغلاق المنافذ البرية والبحرية ثلاثة أسابيع وتعطيل الدراسة، إلى جانب فرض حظر التجول لمدة 17 ساعة يوميا.
من جانبها حذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في تقرير موجز نشرته اليوم الجمعة، من أنه بعد عام واحد على بدء المواجهات العسكرية في طرابلس، ليبيا، فإن الاوضاع تتردى مع وجود فيروس كورونا والذي يأتي معه بمخاطر جديدة. وعلى الرغم من الاتفاق المبدئي على هدنة إنسانية، إلا أن القتال قد تصاعد بشكل ملحوظ في الأسبوع الماضي. كما أدى تدهور الأوضاع الأمنية إلى تقويض قدرة عشرات الآلاف من النازحين سابقاً على العودة بأمان إلى مناطقهم الأصلية.
 في هذه الأثناء، أكدت السلطات وجود عشر إصابات بفيروس كورونا وحالة وفاة واحدة في ليبيا، مما أثار مخاوف جديدة بشأن قدرة الخدمات الصحية الضعيفة في البلاد على التصدي للمرض. وقد أثر الصراع المستمر تأثيراً شديداً على النظام الصحي والخدمات الطبية في البلاد، والتي لديها موارد مالية محدودة وتواجه نقصاً في المعدات والأدوية الأساسية. كما تضررت العديد من المستشفيات والمرافق الصحية أو أغلقت أبوابها، والواقعة في مناطق قريبة من النزاع. كما أدت الأوضاع الأمنية المتقلبة إلى ارتفاع في مستويات الجريمة، مع تزايد حالات السطو والهجمات المستهدفة.
ويعاني النظام الصحي الليبي حالة انهيار مديدة، في أعقاب الحرب التي نشبت في العام 2011 وبدأت بتدخل حلف شمال الأطلسي، والذي خلف خسائر هائلة على مستوى البنية التحتية في البلاد، شمل جميع المرافق العامة، ومن بينها المستشفيات والمصحات، إلى جانب خسارة البلاد لمئات الكوادر الطبية وشبه الطبية، إما قتلوا خلال الحرب أو فضلوا الهجرة هرباً من الأوضاع الأمنية غير المستقرة وسيطرة الميليشيات على السلطة. ففي العام الماضي وحده، وحتى الأيام القليلة التي مضت من الحالي، وثق بيان المنظمة أكثر من 41 هجومًا استهدف العاملين في مجال الصحة والمرافق الصحية بجميع أنحاء البلاد، وأسفرت الهجمات عن مقتل 6 عاملين في مجال الصحة ومرضى، وإصابة 25 عاملًا صحيًّا، فضلًا عن تعرُّض 7 آخرين للاعتداءات المسلحة.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن من المشكلات العويصة – التي تعاني منها ليبيا – هي انعدام مرافق الرعاية الصحية الأولية، مثل العيادات المحلية ومستشفيات المناطق. ولا تمتلك البلاد سوى أقلّ من 1500 من تلك المرافق لتلبية احتياجات سكانها الذين يناهز عددهم 6.5 مليون نسمة. ونتيجة لذلك بات يتعيّن على الناس الذين يلتمسون خدمات الرعاية الأساسية أو الروتينية الوقوف في طوابير خارج مستشفيات البلد المتخصّصة.
وفي بعض الأماكن كانت المرافق، دوماً، نادرة. أماّ في أماكن أخرى فقد تعرّضت لأضرار وخيمة. وما زاد الطين بلّة نزوع الكثير من العاملين الصحيين الأجانب الذين كانوا يوفرون الخدمات الصحية في ليبيا إلى الفرار من البلد خلال نزاع عام 2011. ولم يعد إلاّ البعض منهم، ممّا يخلق حاجة إلى أطباء وممرّضين مدرّبين- لاسيما في المناطق النائية والريفية. وقد تسبّب النزاع في ظهور احتياجات صحية جديدة. وكنتيجة مباشرة لانعدام الخدمات المحلية أصبح عشرات الآلاف من الليبيين يتلقون خدمات الرعاية الصحية في الخارج، ممّا يكلّف الحكومة ملايين الدولارات يومياً. لكن ومع جائحة كورونا، لم يعد السفر للخارج وتلقي العلاج متاحاً في ظل حالة الإغلاق الشامل التي تعيش تحتها دول الجوار وحتى الدول الأوروبية، التي وعلى الرغم من أنها تملك أنظمة رعاية صحية عالية التجهيز والجودة، إلا أنها تعاني خلال مرحلة تفشي الوباء.
إن وضع النظام الصحي في ليبيا الذي لطالما كان فعالاً بات اليوم في وضع حرج للغاية. فقد أقفلت عدة مستشفيات وأصبح وضع مستشفيات أخرى صعباً بسبب تدميرها أو نقص الطاقم الطبي ذي الخبرة والنقص في الأدوية والمعدات الأساسية، ومن أهمها خلال هذه الجائحة، أجهزة التنفس الصناعي، الضرورية لإغاثة المصابين بفيروس كورونا، ومواد الحماية كالأقنعة والقفزات ومواد التطهير، الموجهة أساساً للإطار الطبي وشبه الطبي.