منذ سنوات تتجه الأنظار تتجه نحو ليبيا كإحدى بؤر التوتر الخطرة، حيث مثل تواصل حالة الفوضى وغياب التوافق بين الفرقاء الليبيين،فرصة للتنظيمات الإرهابية والعصابات الإجرامية،للتمركز في هذا البلد الممزق،وهو ما يمثل مصدر قلق كبير لدول الجوار التي استخدمت الأراضي الليبية كمنصة لتهديد أمنها في عدة مناسبات

ورغم تحسن الأوضاع الأمنية في ليبيا وسقوط أغلب معاقل التنظيمات الارهابية فان مخاوف دول الجوار مازالت متواصلة،وخاصة الجارة تونس التي تكافح لكبح جماح الخطر الذي يتمثل في تسلل العناصر الارهابية الر أراضيها وما يمثله من خطر على أمنها القومي

إلى ذلك،أكدت وزارة الداخلية التونسية،أنه تم الاتفاق خلال اللقاء الذي جمع وزير الداخلية التونسي هشام الفراتي بوزير الداخلية بحكومة الوفاق الوطني بليبيا، فتحي باشاغا والوفد المرافق له،الثلاثاء،على تأمين الحدود المشتركة بين البلدين وتكثيف الجهود المبذولة لمقاومة الإرهاب ومكافحة تسلل العناصر الإرهابية في الاتجاهين

وإلتقى وزير الداخلية التونسية نظيره الليبي على هامش أعمال الدورة 36 لمجلس وزراء الداخلية العرب التي انعقدت بداية الأسبوع في العاصمة التونسية. ومن المنتظر عقد اجتماع للجنة الأمنية المشتركة بين تونس وليبيا في الفترة القريبة المقبلة، وسيتم خلال هذا الاجتماع تدارس المسائل الأمنية ذات الاهتمام المشترك وخاصة منها المتعلقة بتأمين الحدود وتكثيف الجهود المبذولة لمقاومة الإرهاب

ومن جانبها،قالت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني، إن المفوض بالوزارة فتحي باشاغا اتفق خلال لقائه مع وزير الداخلية التونسي هشام الفراتي على أن تجتمع اللجنة الأمنية الليبية التونسية المشتركة في أقرب وقت ممكن لوضع آلية لإدارة أي أزمة أو مشاكل يمكن تحدث في المعابر الحدودية، واستحداث آلية بين الجانبين لمراقبة الحدود

وأوضحت وزارة الداخلية الليبية عبر صفحتها على "فيسبوك" أن لقاء باشاغا والفراتي الذي عقد في العاصمة التونسية جرى خلاله "مناقشة عديد القضايا ذات الاهتمام المشترك في المجال الأمني، حيث تم استعراض العلاقات بين الجانبين".وأضافت وزارة الداخلية أن اللقاء ناقش قضايا أخرى تهم مواطني البلدين من بينها: تبسيط الإجراءات عند معابر الدخول والخروج ومعالجة مشكلة تشابه الأسماء والتعاون والتنسيق الأمني في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة

ويأتي هذا بالتزامن مع احياء تونس الذكرى الثالثة للهجوم الإرهابي الفاشل الذي شنته عناصر إرهابية مبايعة لـ"تنظيم داعش" الإرهابي على مدينة بن قردان التونسية (جنوب شرقي تونس) بهدف إقامة إمارة تابعة للتنظيم. وكان الهجوم قد انطلق في السابع من مارس/آذار 2016، حين تسلل عشرات الإرهابيين إلى المدينة ورفعوا الراية السوداء المعروفة في صفوف مقاتلي "داعش"، وحاولوا مهاجمة ثكنة عسكرية ومنشآت أمنية بغرض السيطرة عليها وإخضاع المدينة لهيمنة التنظيم الإرهابي

وجاء الهجوم الإرهابي الفاشل على مدينة بن قردان التونسية على الحدود مع ليبيا، أيام قليلة بعد استهدافه من قبل القوات الأمريكية في مدينة صبراتة المحاذية للحدود مع تونس.وقد تكبد "داعش" في هجومه على بن قردان خسائر كبيرة تمثلت في القضاء على 55 فردا من أتباعه، إضافة إلى خسارة عتاد كبير ومتطور. كما انكشفت مخططاته لقوات الأمن والسلطات التونسية

وعانت تونس خلال السنوات الماضية من هجمات ارهابية، أبرزها اعتداءين على المتحف الوطني ومنتجع سياحي في تونس.وقُتل في الاعتداءين اللذين أعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مسؤوليته عنهما العام 2015 ، 59 سائحاً أجنبياً،وقال مسؤولون تونسيون إن المهاجمين تدربوا في ليبيا

وشكّل خطر التونسيين المقاتلين في صفوف تنظيم داعش بليبيا، محور اهتمام الأجهزة الأمنية منذ سنوات لا سيما في ظل تقارير إعلامية وتصريحات رسمية تتحدث عن أعداد كبيرة للمقاتلين التونسيين.ويثير دحر تنظيم داعش في عدة مناطق ليبية مخاوف لدى دول المنطقة حول مآل مقاتلي هذا التّنظيم إثر هروبهم من معاقلهم هناك، خاصّة وأنّ أغلب هؤلاء المقاتلين ليسوا ليبييّن.كما أن كل تشديد للخناق على الجماعات الإرهابية في ليبيا سيجعلها تفكر في حلول بديلة تتمثل بالأساس في الهروب نحو الدول المجاورة ومنها تونس

ويأتي هذا التنسيق بعد أيام من نجاح الجيش الليبي في تأمين حدود ليبيا كاملة باستثناء تلك التي مع تونس، حيث أمنالجيش السيطرة على منطقة الكفرة، القريبة من الحدود مع السودان وتشاد، كما سيطرت القوات الليبية على الحدود مع النيجر، بعدما دخلت قوات إلى منطقة القطرون القريبة من الحدود، واستكملت السيطرة على الشريط الحدودي مع الجزائر 

وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة الليبية اللواء أحمد المسماري إن الجيش سيستمر   في التنسيق الوثيق مع دول الجوار للتحكم في الحدود الجنوبية الليبية.وأكد المسماري في تصريحات خاصة لقناة "الغد" المصرية،الخميس،على أن الهدف من التنسيق مع دول الجوار هو منع الجريمة المنظمة العابرة لها عبر الحدود الجنوبية الليبية

وأضاف المسماري :"بالفعل بدأت عملية التنسيق مع دول الجوار وفقا لخطة تعاون وتنسيق بين بلدان المنطقة".وأوضح المتحدث باسم القوات المسلحة أن الجيش لقن   الجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية عبر الحدود درسا قاسيا خلال معركته في الجنوب ، مضيفاً "سنظل نحارب الإرهاب أينما وجد في ليبيا

وعانت ليبيا في السنوات الأخيرة من تهالك في تأمين الحدود خاصة بالمنطقة الجنوبية، بسبب ضعف الأجهزة الأمنية وهو ما مكن التنظيمات الارهابية والعصابات الأجنبية من اتخاذ الأراضي الليبية في الجنوب ملاذا آمنا لعناصرها ومركزا لأنشطتها.ويكتسي ملف الحدود أهمية بالغة، بالنظر لما تواجهه ليبيا من تحديات خلال الفترة الراهنة تتمثل في الإرهاب والهجرة غير الشرعية والتهريب

ويرى مراقبون أن نجاح الجيش الليبي في تأمين الحدود يعتبر اللبنة الأولى في اتجاه تحقيق الاستقرار في كامل ربوع البلاد.ويشير هؤلاء الى إن دول الجوار ستتنقل إلى مرحلة تعتبر فيها الجيش الليبي شريكا ستراتيجيا،كونها هي أيضا بحاجة إلى تأمين حدودهما مع ليبيا،والأمر ينطبق على الدول الأوروبية التي ستشهد خلال الفترة المقبلة انخفضا في حجم الهجرة غير الشرعية، التي أثارت توترا بينها