أطلقت القوات المسلحة الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر،عملية عسكرية في المنطقة الجنوبية الخارجة عن القانون والغنية بالنفط،تهدف لحماية وتأمين سكان مناطق الجنوب الغربي من المتطرفين، سواء من تنظيم "داعش" أو من تنظيم "القاعدة"، والعصابات الإجرامية المنتشرة في المناطق الجنوبية.

ويهدف الجيش الوطني الليبي من الحملة في جنوب غربي البلاد،إلى محاربة المجموعات المسلحة، وتأمين منشآت النفط هناك، بما في ذلك حقل الشرارة الذي يعتبر أكبر حقل نفطي في ليبيا، ولا يزال مغلقا منذ مطلع الشهر الماضي، بسبب رفض مؤسسة النفط إعادة فتحه، قبل وضع ترتيبات أمنية "بديلة" من قبل حكومة الوفاق في العاصمة طرابلس.

لكن مصطفى صنع الله، رئيس مؤسسة النفط الموالية لحكومة الوفاق،قال في إشارة إلى حملة الجيش الوطني الليبي،خلال مشاركته في مؤتمر لمعهد "تشاتام هاوس" في لندن، أن مسعى إعادة تشغيل حقل الشرارة النفطي "تعقد أكثر بإطلاق مهمة دولية لمكافحة الإرهاب، وتوسعت لتصبح محاولة للسيطرة على منطقة قد تحوي بنية تحتية وطنية للنفط.

وأضاف صنع الله وفقا لـ"رويترز"، أن "ما يثير قلقي هو إطلاق سلسلة من الأحداث، قد تكون لها تبعات غير معروفة بالنسبة لليبيا والمؤسسة الوطنية للنفط". مبرزا أن حقل الشرارة، سيظل مغلقا لحين مغادرة مجموعة مسلحة تحتل الموقع، وذلك بعد أكثر من شهر على إغلاق الحقل بسبب الاحتجاج، معتبرا أنه "على المجموعة المسلحة التي تحاول ارتهان المؤسسة الوطنية للنفط... أن تغادر الحقل قبل أن تدرس المؤسسة استئناف الإنتاج".

وكان الحقل يُنتج ما يصل إلى 315 ألف برميل يوميا قبل إغلاقه. لكنه خسر 13 ألف برميل يوميا من طاقته الإنتاجية منذ الشهر الماضي بسبب خروقات أمنية، وفقا لما ذكره صنع الله للصحفيين.والحقل تحت حالة القوة القاهرة منذ ديسمبر كانون الأول. وقبل أن تنزلق البلاد في صراع في 2011، كان الموقع قادرا على إنتاج 340 ألف برميل يوميا.

ويواجه قطاع النفط الليبي تعطيلات منذ أن بدأت الاضطرابات وتكون مركزي سلطة متنافسين في الشرق والغرب. وكثيرا ما يستهدف المحتجون والمجموعات المسلحة حقول النفط والبنية التحتية للطاقة.

وقال صنع الله إن الحل المفضل لتأمين الحقل يتضمن نشر قوات حرس المنشآت النفطية الذي تديره المؤسسة مضيفا أن مؤسسة النفط ستتبنى هذا الخيار لكن مع "بعض التردد".وتابع إن مؤسسة النفط اقترحت كإجراء فوري تشكيل "قوة مختلطة قد توفر حلا داخل إطار أمني تفاوضي" بقيادة حكومة الوفاق الوطني في طرابلس وبدعم من الأمم المتحدة.

وأحدثت تصريحات صنع الله جدلا في الأوساط الليبية،حيث أبدت مجموعة "أبناء ليبيا" استغرابها واستهجانها من التصريحات التي وصفتها بالخطيرة المنسوبة لرئيس المؤسسة الوطنية للنفط ، والتي حذر فيها من سيطرة الجيش الليبى على الحقول النفطية في الجنوب، وأصر فيها على تبعية أي قوة لحماية الحقول إلى حكومة الوفاق الوطني المفوضة.

وأكدت المجموعة في بيان لها،على أن الجيش الليبي هو من طرد العصابات الإجرامية من الحقول النفطية في شرق البلاد، وهو من يحميها وييسر تصدير النفط الذي يتفاخر بتصديره صنع الله في محاضراته في مراكز الدراسات البريطانية وغيرها.

وأكد البيان على أن حالة القوة القاهرة التي يفرضها صنع الله على حقول الجنوب، رغم إعلان السراج إمكانية استئناف الإنتاج، قد كلفت الشعب الليبي أكثر من مليار دولار حتى اليوم ، مشيرا الى أنه بدلا من أن يطلب صنع الله من الجيش التدخل لإزالة القوة القاهرة التي يدعيها، يحاول عرقلة الجيش وتحريض المجتمع الدولي عليه.

ومن جهته،وجه عضو مجلس النواب علي التكبالي تحذيرات لرئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله من استخدام من وصفهم بالمرتزقة لحماية الحقول النفطية في ليبيا.وقال التكبالي في تدوينة له على فيسبوك،الأربعاء، "نحذر صنع الله أمير النفط من جلب المرتزقة من القوات الخاصة البريطانية المتقاعدين بدعوى حماية الحقول النفطية.

وكشف التكبالي عن مفاوضات يُجريها صنع الله مع  متقاعدين عسكريين بريطانيين من القوات الخاصة لشكيل قوة "مرتزقة" لحماية آبار النفط.ونقل موقع "ارم نيوز"،عن التكبالي قوله  إن"هذه المفاوضات تُجرى بقيادة مدير التسويق في المؤسسة العامة للنفط خليفة رجب عبد الصادق"، مشيرًا إلى أنها تهدف إلى "سحب البساط من تحت أرجل الجيش الوطني الذي سيطر، وفي طريقه للسيطرة فعليًا على آبار النفط".

وأكد أنه سيقدّم كلَّ الأدلة على ما يُحاك في لندن إلى النائب العام، كاشفًا أن الدفع لهؤلاء المرتزقة سيكون من الأموال المجمدة.

وبيَّن عضو مجلس النواب أن  رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج تفاوض مع البريطانيين سرًا لمنع الجيش من البقاء في مناطق الجنوب، معتبرًا أن ذلك "ينم عن جهل بواقع الأحداث، وأصول اللعبة السياسية، نظرًا لأن الجيش دخل إلى الجنوب بضوء أخضر  بعد أن اقتنعت كل الدول أنه بات يشكل الحل المرتقب لليبيا"، بحسب قوله.

ونجح الجيش الليبي، بعد أقل من أسبوعين على إطلاق معركة الجنوب، في تأمين مدينة سبها، قبل أن ترسل الحكومة المؤقتة،الاثنين،وفدا حكوميا برئاسة وزير الداخلية ووكيلا وزارتي الصحة والعدل والذي عقد لقاءات مع مسؤولين محليين في بلدية سبها.ورأى الكثيرون أن هذه الزيارة تشير إلى إصرار الحكومة المؤقتة على حماية ثروات البلاد، فتحرير سبها يعد أمرا جوهريا لتأمين حقول النفط في جنوب البلاد، وهو أحد الأهداف المعلنة لحملة الجيش الوطني الليبي.

ويسهم الجنوب الليبي بنحو نصف إنتاج ليبيا من النفط بمقدار نصف مليون برميل يوميا، بينما يشكل انتشار الجماعات المسلحة تحديا أمام التنمية الاقتصادية في هذه المناطق.

فهذه المنطقة الغنية بالثروات والتي يعدّ منجماً خصباً لم يستثمر بعد،تحولت لساحة لتدخل الأطراف الخارجية منذ 2011 لتسهيل نهب الثروات، من ذهب ويورانيوم وفوسفات ونفط،وأصبحت قاعدة لحركات التمرد الأفريقية، والهجرة غير القانونية،والتنظيمات الإرهابية العابرة للحدود.

وبحسب الكثيرين،فإن إعلان الجيش الليبي عن بدء عملية عسكرية شاملة في الجنوب، لتطهيره من الإرهابيين والجماعات المسلحة الدخيلة،جاء كتطور كبير طال انتظاره في هذه المنطقة الشاسعة، التي ستحقق استعادتها عددا من الأهداف العسكرية والاستراتيجية في اتجاه تحرير كافة الأراضي الليبية.