عندما نتحدث عن ليبيا، إنما نتحدث عن قطر عربي، وُضع هو الآخر على لائحة الموت، وتحول إلى مشروع ضحية وسط هذا الإعصار الأعمى المدمر الذي يجتاح الوطن العربي من مشرقه إلى مغربه .
ضحية، تكاد تكون منسية، لا أحد يعينها على مصيبتها، أو يشفق عليها، أو ينقذها من مصير مجهول أُدخلت فيه عنوة .
ليبيا مظلومة، وشعبها مظلوم، صدّق الفرية ووقع في الفخ، كما وقعت شعوب أخرى، تحولت إلى أدوات للصراعات الإقليمية والدولية، وسيقت إلى ساحات الموت باسم الحرية والديمقراطية فإذا بها ضحية الطائفية والمذهبية والتطرف والتكفير، ومشاريع التقسيم والتجزئة والتذرير .
ليبيا الآن مرتع للفوضى، دولة سائبة ومتروكة بلا نظام، ما أقيم فيها من مؤسسات عاجزة ومشلولة . تبدو أشبه بغابة يسرح فيها الأوغاد والأشرار وقطاع الطرق والعصابات المسلحة التي تحمل اسم ميليشيات .
الشعب مغلوب على أمره، تحول إلى رهينة بيد المسلحين الذين تحولوا إلى مجموعات من المرتزقة تمارس القتل والاغتيال والاختطاف العشوائي .
والأخطر من كل ذلك، هو أن ليبيا تحولت إلى "ولادة" للإرهاب العابر للحدود، ومصدر لتهريب السلاح المتنوع الأشكال والأغراض الذي نهب من مخازن النظام السابق، وبات متاحاً لكل ما هب ودبّ من منظمات إرهابية في ليبيا وجوارها وإلى أبعد من ذلك .
ليبيا تحولت بعد "تحريرها" إلى مصدر خطر للأمن والسلام الإقليمي والدولي . . والعالم يتفرج على جرح آخر مفتوح على المجهول . . بعد العراق وسوريا وغيرهما .
ليس مقبولاً، لا إنسانياً ولا سياسياً ولا أمنياً ترك ليبيا هكذا، مصدر خطر على الجميع، تخرج من جنباتها الثعابين والعناكب . ليس مقبولاً أن تبقى خنجراً مسموماً في ظهر أشقائها وجيرانها .
لقد فعلها الغرب في ليبيا واكتفى بالتفرج وترك الفوضى الهدامة تفعل فعلها .
الغرب جرّد الحرية والديمقراطية من معناهما القيمي والأخلاقي والإنساني وحوّل الساحات العربية باسمهما إلى مقتلة وأكوام جثث وسداح مداح للفوضى والتخريب والتكفير . آن للعرب أن يدركوا ما يجري على أرضهم ومن حولهم . . فالخراب عميم والسفينة تغرق . ألا يستدعي كل ذلك وقفة موحدة لتدبر الأمر وإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ .

 

- صحيفة الخليج