خلال الأشهر الماضية تمكنت ليبيا من زيادة إنتاجها من النفط ،وذلك في محاولة لتعزيز مصدرها المهم الوحيد للدخل،إلا أن الأوضاع المضطربة التي تمر بها البلاد،وتواصل حالة الفوضى وغياب مؤسسات موحدة وإنتشار الجماعات المسلحة،مازالت تقف عائقا أمام تحسن هذا القطاع الحيوي.

إلى ذلك،قال مهندس في حقل الشرارة النفطي الليبي، الأربعاء 15 أغسطس/آب، إن الحقل ينتج 260 ألف برميل يوميا بعد إعادة تشغيل محطة تحكم أُغلقت بسبب اختطاف اثنين من العاملين.ونقلت وكالة "رويترز"، عن مهندس - لم تذكر اسمه- قوله، إن المحطة 186 أُعيد تشغيلها يوم الأحد في ظل تحسن الوضع الأمني، وإنها تنتج نحو 50 ألف برميل يوميًّا، ما يعادل نحو نصف طاقتها.

وانخفض إنتاج حقل الشرارة لأقل من 100 ألف برميل يوميًّا، بعد هجوم مسلح، الشهر الماضي، على المحطة رقم 186 التابعة لحقل الشرارة وإختطاف اثنين من العاملين. وهدد الموظفون بعد عملية الخطف بإغلاق الحقل ما لم يتم توفير الحماية الكاملة لهم.وكان إنتاج حقل الشرارة يتراوح من قبل بين 200 ألف و300 ألف برميل يوميًّا، إلا أن المؤسسة الوطنية للنفط توقعت خسارة 160 ألف برميل يوميًّا من إنتاجه.

وبالتزامن مع ذلك،تتواصل الإعتداءات وأعمال تخريب التي تطال المنشآت النفطية من قبل الجماعات المسلحة.وآخرها إعلان شركة مليته للنفط والغاز تعرض المحطة رقم ( 15 ) الواقعة على امتداد الخط البري الرابط بين مجمع مليته و حقل الوفاء ، لعمل "تخريبي" نتج عنه اشتعال النيران بالمحطة وانفجار مقذوف تم وضعه بالمحطة.

وبين المكتب الإعلامي للشركة أن فرق الطوارئ ومكافحة الحرائق بالمجمع تمكنت من إخماد الحريق والسيطرة عليه، وتم العثور على مقذوفات أخرى لم تنفجر.وأكدت الشركة ان المحطة لم تصب بأي إضرار، ومازالت في الخدمة.

وبسبب الهجمات على حقول النفط في ليبيا وإغلاق بعضها لأسباب مختلفة فإن ميزانية الدولة المعتمدة بشكل كلي على إيرادات بيع النفط قد تضررت بشكل كبير ما أسفر عن أزمة مالية تعيشها البلاد في الوقت الحالي.

الجيش يتأهب

وفي مؤشر على تواصل المخاطر المحيطة بالمنشآت النفطية،أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية،الأربعاء 14 أغسطس/آب، تعليمات لقوات الجيش الليبي بالبقاء على حالة التأهب القصوى في منطقة الهلال النفطي، مشيرةً إلى أن جماعات إرهابية تهاجم بين الحين والأخر بعض الأهداف الحيوية جنوب وغرب البلاد.

وقال مدير المكتب الإعلامي للقيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية خليفة العبيدي، في بيان صحفي: "القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية المشير خليفة حفتر، اطلع على أوضاع الهلال النفطي واستتباب الأمن في تلك المنطقة الممتدة من مدينة أجدابيا شرقا وحتى بن جواد غربا".

وتابع "جاء ذلك خلال اجتماع القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية المشير خليفة حفتر، اليوم الأربعاء في الرجمة مع آمر منطقة الخليج العسكرية وأمراء الوحدات العسكرية المنتشرة على طول تلك المنطقة".وأضاف البيان "القائد العام قد أطلع على انتصارات القوات المسلحة في دحر جيوب الجماعات الإرهابية التي تهاجم بين الفينة والأخرى بعض الأهداف الحيوية بجنوب وغرب البلاد".

وأكمل "القائد العام أصدر تعليماته بضرورة الإبقاء على حالة التأهب القصوى ودحر كل من تسول له نفسه المساس بقوت الليبيين وأمنهم وسلامتهم".

وتعهد الجيش الليبي،في وقت سابق، بتأمين حقول النفط في منطقة الهلال النفطي، رغم قراره تسليم الموانئ النفطية إلى المؤسسة الوطنية الليبية، التابعة لحكومة الوفاق.وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس،في يوليو الماضي،رفع حالة "القوة القاهرة" في موانئ رأس لانوف والسدرة والزويتينة والحريقة بعد أن تسلمت المنشآت النفطية من الجيش. 

وتمتد منطقة الهلال النفطي من ميناء الزويتينة شمال شرق مدينة اجدابيا، مرورًا بالبريقة وراس لانوف، وصولًا إلى ميناء السدرة على الطريق الساحلي المؤدي إلى مدن سرت والمنطقتين الوسطى والغربية من ليبيا. وتتمثل المنشآت النفطية في منطقة الهلال النفطي، أساسًا، في الخزانات والموانئ التي تصدر عبرها شحنات النفط والغاز إلى الخارج، إضافة إلى عدد من منشآت التحويل والتكرير. وتعد حقول السرير والنافورة ومسلة والبيضاء وماجد، الواقعة على مسافة تراوح بين 300 و500 كم جنوب بنغازي، المزود الرئيس لمنشآت الهلال النفطي بكميات النفط الخام، التي تقارب نصف إنتاج ليبيا.

وظلت منطقة الهلال النفطي، خصوصًا البريقة وراس لانوف، مسرحاً لعمليات كرٍ وفر،بين قوات الجيش الوطني الليبي والعصابات المسلحة.وفي يونيو الماضي،هاجمت قوات إبراهيم الحضران والميليشيات المتحالفة معها مينائي "السدرة" و"راس لانوف" النفطيين،وأحدث الهجوم خسائر كبيرة قبل أن ينجح الجيش الليبي في طرد الجماعات المسلحة وتأمين المنطقة.

وتلقي التهديدات بإغلاق حقول النفط والفوضى الأمنية في محيط مناطق نفطية بظلال ثقيلة على إنتاج النفط الليبي الذي أخذ في التعافي بعد سنوات من انهيار الإنتاج إلى أدنى مستوى له.والنفط هو المورد المالي الوحيد لليبيا التي تعاني من شح في السيولة تسببت مراراً في طوابير طويلة أمام المصارف وفي حالات احتقان اجتماعي.ومن شأن تعطيل الإنتاج  أن يعمق جراح الاقتصاد الليبي المتعثر ويرفع من معاناة المواطن الليبي.

في مرمى الميليشيات

على صيد آخر، اقتحم مسلحون، مقر شركة "البريقة" الليبية لتسويق النفط، في العاصمة طرابلس، واستولوا على بعض المستندات.وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط،أن مسلحين تابعين للأمن المركزي بطرابلس دخلوا إلى المقر التابع لشركة البريقة لتسويق النفط الكائن بمنطقة شارع الظل بمدينة طرابلس.مشيرة إلى أن الجهات التي تقف وراء هذا العمل غير شرعية.

وبين المكتب الإعلامي للمؤسسة أن المسلحين طالبوا بمقابلة عماد بن كورة رئيس لجنة إدارة شركة البريقة لتسويق النفط وبعد علمهم بعدم وجوده قاموا بدون الحصول على إذن قانوني بالاستيلاء على مفاتيح مكتب رئيس لجنة الإدارة بالشركة عنوة.واستنكرت المؤسسة "هذا التصرف وإرهاب الموظفين، الذين يحاولون تأدية مهامهم بهذه الطريقة المشينة"، ولفت البيان إلى أن "المؤسسة قامت بإحالة بلاغ لمكتب النائب العام فور علمها بالحادثة.

وحملت المؤسسة الوطنية للنفط وشركة البريقة لتسويق النفط كامل المسؤولية لكل من يقف خلف هذه الواقعة عن النتائج المترتبة على ذلك وخصوصا أن مكتب رئيس لجنة الإدارة يحتوي على أختام رسمية ومستندات تخص الشركة ونشاطها.وتابعت المؤسسة انه إذا أرادت الجهة التي تقف وراء هذا العمل أن تُعامل كجهات شرعية معترف بها فعليها أن تقوم باحترام التشريعات وإتباع نهج دولة المؤسسات والقانون.

وكانت المؤسسة الوطنية للنفط،أكدت في وقت سابق، تعرض رئيس لجنة إدارة شركة البريقة لتسويق النفط في طرابلس ،عماد بن كوره،للتهديد من قبل ميليشيات مسلحة.وقالت المؤسسة في بيان صدر عن مكتبها الإعلامي إن بن كوره تعرض لتهديدات بهدف إجباره على إعادة النظر في قرار حل مكتب مراقبة توزيع الوقود والغاز، الذي كان يرأسه ميلاد عبد الله الهجرسي المحال إلى التحقيق حسب البيان.

وبحسب البيان فإن "بن كوره تم تعيينه في منصبه الحالي من قبل مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، كرئيس لجنة متابعة محطات الوقود التي كانت تهدف إلى وقف تزويد "المحطات الوهمية" غرب ليبيا بالوقود، علمًا بأنّ هذه المحطات غير الشرعية تستقبل مخصصاتها من الوقود، لتوزعها لاحقًا على عصابات التهريب".

وتسيطر جماعات مسلحة على طرابلس، الأمر الذي يشكل وفق مراقبين، خللا في عمل المجلس الرئاسي والحكومة المنبثقة عنه برئاسة فايز السراج، ويؤكد أن العاصمة تحت سيطرة السلاح غير الشرعي.

ويشير مراقبون،إلى أن أن جهات مسلحة كثيرة في طرابلس، لديها صبغة رسمية وتتبع رسميًا حكومة الوفاق، غير أنها تنتهك في أغلب أعمالها القانون، ولا تأتمر بأوامر المسؤولين الحكوميين؛ لأن أغلب عناصرها كانوا ضمن الجماعات المسلحة والتحقوا بهذه الأجهزة عنوة، وبدون تدريب كاف وفهم لأصول العمل القانوني.