تُشكّل ليبيا وجهةً ومعبرًا لآلاف المهاجرين الأفارقة الراغبين في الوصول إلى السواحل الأوروبية.وخلال السنوات الأخيرة،إستقبلت الشواطئ الإيطالية التى تحملت العبئ الأكبر،آلاف الهاجرين وهو ما دفعها إلى السعي إلى إبرام إتفاقيات مع عدة أطراف ليبية للحد من تدفق المهاجرين إلى شواطئها.

وعلى الرغم من الحديث عن انخفاض كبير في معدلات انطلاق المهاجرين من السواحل الليبية،فإن الواقع على الأرض مازال يرسم صورة مأساوية مع تواصل مسلسل غرق المهاجرين في رحلة البحث عن الحلم.

انخفاض

أكد نائب رئيس الوزراء الإيطالي وزير الداخلية ماتيو سالفيني، انخفاض عدد المهاجرين المنطلقين من السواحل الليبية نحو إيطاليا بنسبة 92%، وفق ما نقلت وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء.

وأوضح سالفيني، خلال جلسة استماع أمام اللجنة البرلمانية الإيطالية الخاصة بمراقبة تنفيذ اتفاقية شنغن،الأربعاء، أن تدفقات المهاجرين نحو شواطئ بلاده خلال الفترة من يونيو إلى نوفمبر الماضي سجلت انخفاضا بنسبة 83% مقارنة بالعام الماضي.

وقال سالفيني، إن طلبات اللجوء في عام 2018 في إيطاليا بلغت 49 ألفاً و636 طلبا، مسجلة انخفاضاً بنسبة 60% عن العام الماضي، مؤكدا أن مجمل طلبات اللجوء التي تمّ فحصها بلغت 86 ألف و446، مُنِح 7% منهم وضعية اللاجئ، و23% الحماية الإنسانية، بينما رفضت طلبات 66% منهم، حسب قوله.

وأشار وزير الداخلية الإيطالي، إلى تسجيل 130 ألف طلب لجوء في العام الماضي، جرت معاينة 81 ألف طلب، نالت نسبة 8% منهم وضعية اللاجئين و34% الحماية الإنسانية، بينما تمّ صد 58% من الطلبات المقدمة، وفقا لوكالة آكي.

وكانت إيطاليا أعلنت زيادة حجم دعمها إلى حكومة الوفاق الليبية من أجل مكافحة الاتجار بالبشر وتحسين أوضاع المهاجرين والنازحين، مؤكدة تقديمها مليون يورو إلى منظمة الصحة العالمية في ليبيا لتحسين الدعم الصحي للمهاجرين.

كارثة جديدة

وتأتي تصريحات المسؤول الإيطالي،في وقت تتواصل فيه كارثة غر ق المهاجرين مجددا في البحر الأبيض المتوسط.حيث أعلنت منظمة الهجرة الدولية أنّ 12 شخصًا لقوا مصرعهم، وفقد 3 آخرون، جراء غرق قارب مطاطي للمهاجرين قبالة السواحل الليبية في البحر المتوسط.

جوقال بيان للمنظمة الدوليةإن القارب المطاطي غرق قبالة سواحل مدينة مصراتة الليبية، بعد أن ظل عالق في البحر على مدى 10 أيام.وأضاف البيان أن 10 من المهاجرين تم إنقاذهم، نُقل 4 منهم إلى مستشفى بطرابلس، والستة الآخرون نقلتهم السلطات الليبية إلى معسكر للاجئين.وأشارت المنظمة إلى أن القارب غرق الثلاثاء، دون ذكر جنسيات من كانوا على متنه. وفق "الأناضول".

وغرد رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا عثمان بلبيسي على "تويتر"،قائلا: "إن الناجين الـ10 يعانون من جفاف شديد، وتم نقلهم إلى أحد مراكز الاحتجاز...".وأعرب رئيس بلبيسي عن قلقه من قلة عمليات البحث والإنقاذ في المنطقة مع بدء فصل الشتاء،مشيرا إلى أن عدد الوفيات في البحر العام الحالي زاد عن العام الماضي، داعيًّا إلى تعزيز عمليات البحث والإنقاذ في المنطقة.

ولا يزال كثير من المهاجرين يلقون حتفهم في حوادث غرق زوارق مطاطية غير آمنة، تحمل عددا أكبر من حمولتها، انطلاقا من ليبيا إلى القارة الأوروبية.ووفقا للمنظمة غرق 1277 مهاجرا الهجرة بالبحر المتوسط هذا العام حتى الآن، مقارنة مع 2786 في نفس الفترة من العام الماضي.

ويعد الساحل الغربي في ليبيا نقطة انطلاق لمهاجرين معظمهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء يفرّون من الحروب والفقر سعياً وراء حياة جديدة في أوروبا، لكنّ عدد المهاجرين الذين يصلون إلى إيطاليا تراجع كثيراً منذ العام الماضي في ظل حملة على شبكات التهريب داخل ليبيا، فيما كثّف الاتحاد الأوروبي جهود دعم دوريات خفر السواحل الليبي.

أزمة

وتعد ليبيا من أكبر الدول على مستوى العالم لعبور المهاجرين إلى أوروبا عبر سواحلها، وتكتظ مراكز إيواء المهاجرين بآلاف المهاجرين، الذين قامت الأجهزة الأمنية الليبية بإنقاذهم في عرض البحر أو أوقفتهم داخل البلاد، وتقدم لهم المنظمة الدولية للهجرة فرصة العودة إلى بلادهم عبر برنامج العودة الطوعية.

وأعلنت منظمة الهجرة الدولية،في نوفمبرالماضي، أن أكثر من 15 ألف مهاجر أعيدوا من ليبيا إلى بلدانهم الأصلية منذ مطلع السنة الحالية، وهم ينحدرون من 32 بلداً في آسيا وإفريقيا.وقال مكتب المنظمة بليبيا، في بيان، إنه "منذ بداية العام 2018، تمكن أكثر من 15 ألف مهاجر من العودة إلى ديارهم في إطار برنامج العودة الطوعية.

ومنذ اندلاع الأزمة في ليبيا عام 2011، ساء الوضع الأمني، واستغل المهربون الوضع الفوضوي في البلاد لنقل عشرات آلاف المهاجرين سنوياً إلى إيطاليا الواقعة على بعد 300 كلم من الشواطئ الليبية.

وتمكنت المنظمة العالمية للهجرة عام 2017، ضمن برنامجها الخاص بالعودة الطوعية، من إعادة 20 ألف مهاجر إفريقي إلى بلدانهم الأصلية، وارتفع هذا العدد ليصل إلى 30 ألف في الأشهر المنقضية من العام الجاري.

وسارعت المنظمة في تنفيذ عمليات الإعادة بعد الأزمة التي أحدثها بث شبكة "سي.ان.ان" الفضائية، لفيلم وثائقي اظهر مهاجرين يتم بيعهم بالمزاد في ليبيا، وقد تم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي، الامر الذي اثار تعاطفا كبيرا واستدعى ردود فعل منددة في افريقيا والامم المتحدة.

ويُلاقي مئات المهاجرين حتفهم سنوياً عند محاولتهم عبور المتوسّط في ظروف محفوفة بالمخاطر انطلاقا من السواحل الليبيّة.فيما يعاني آخرون من إنتهاكات كبيرة في مراكز الإحتجاز،حيث تعرب العديد من المنظمات الدولية، بينها المفوضية العليا للاجئين، عن الأسف للظروف الصعبة جداً التي يعيش فيها المهاجرون في ليبيا.