يتفاقم الوضع الغذائي في ليبيا مع استمرار أزمة الاستقرار الحكومي، وطول أمد حرب أوكرانيا، وسط تحذيرات دولية من أن ثلث الليبيين يعانون انعدام الأمن الغذائي، ومعاناة أطفال من أمراض سوء التغذية.

ويعاني ثلث الليبيين من انعدام الأمن الغذائي ومن ارتفاع سعر الحد الأدنى للإنفاق على سلة الغذاء بـ16 في المائة، منذ اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، وفق أحدث تقرير لبرنامج الأغذية العالمي.

وقال التقرير إن 13 في المائة من الأسر الليبية لديها فجوة في الأمن الغذائي وأن سعر سلة الغذاء زاد بنحو 164 دولارا منذ فبراير الماضي.

ويقدر برنامج الأغذية العالمي عدد الليبيين الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية بنحو مليون و300 ألف شخص، 699 ألفا منهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وبعضهم يستفيد من مساعدات غذائية يشرف البرنامج على توزيعها شهريا في عدد من مناطق البلاد.

وبلغ مجموع المستفيدين من مساعدات البرنامج الأممي في يونيو الماضي مثلا 65989 شخصا، منهم 43992 تلميذا و2950 مهاجرا من المقيمين في البلاد.

وبالتوازي، أعلن مكتب منظمة "يونيسف" في ليبيا، برنامجا مسحيا بمشاركة 25 موظفا بوزارة الصحة، ومكتب الإحصاء ومعهد الرعاية الصحية الأولية، لتقييم التغذية للأطفال والنساء ورصد مدى التدهور، والوقاية من الوفيات المرتبطة بالتغذية.

وأدى تعثر طرق التجارة بعد حرب أوكرانيا إلى نقص حاد بالوارد من القمح إلى ليبيا، ومنعت دول تصدير منتجات أساسية لحاجة السوق المحلية لها، من بينها مصر وتونس، اللتان تعتمد عليهما ليبيا في المواد الغذائية.

وليبيا تستورد من روسيا وأوكرانيا 650 ألف طن قمح، وهو نصف احتياجاتها، وأغلقت بعض المخابز أبوابها بسبب غلاء الدقيق واختفائه من الأسواق.

ومنذ اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، أعلنت وزارة الاقتصاد والتجارة الليبية، عن حزمة قرارات تروم تخفيف تداعيات الأزمة على اقتصاد البلاد، منها البحث عن أسواق بديلة لاستيراد كميات من المواد الغذائية الأساسية.

ووصل إنتاج ليبيا من القمح والشعير خلال العام الماضي إلى 100 ألف طن، فيما تستهلك البلاد نحو 1.26 مليون طن سنويا.

في وقت سابق،قالت وكالة "سبوتنيك" عن وزير الاقتصاد في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، محمد الحويج، أن ليبيا تبحث عن بدائل لتوريد القمح من ألمانيا وإيطاليا واليونان للتعويض عن أوكرانيا.

وتابع الوزير الليبي أنه "تم عقد اجتماعات مع سفراء هذه الدول وذلك لإيجاد آليات سريعة لتوريد الاحتياجات كما هو يجري الآن في توريد كميات من مادة الدقيق".

وحول أزمة الخبز قال وزير الاقتصاد الليبي إن "إدارة التجارة الداخلية بالوزارة تقوم بدراسة تكلفة أسعار رغيف الخبز وفق الأسعار الحالية لمادة الدقيق وإصدار قرار بالخصوص وفقا للتكلفة الفعلية بعد استقرار أسعار الدقيق وهذا السعر سيحدد لفترة ثلاث أشهر قابلة للمراجعة والتعديل".

وقد شهدت أسعار الدقيق ارتفاعا بشكل كبير مما تسبب في إغلاق عدد من المخابز ورفض مخابز أخرى شراء الدقيق بأسعار مرتفعة يعتبرها كثيرون "مبالغا فيها".

وأوصى وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية محمد الحويج بتخصيص 60 دينارًا دعمًا نقديًا للفرد وفقًا للرقم الوطني في كل أسرة لمواجهة غلاء المعيشة، وذلك في تسجيل مصور بثته منصة حكومتنا التابعة للحكومة.

ووجه الحويج أصحاب المطاحن وشركات صناعة واستيراد السلع الغذائية بتوفير مخزون استراتيجي من السلع الأساسية لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، منوهًا بأن الوزارة ستباشر ضبط المخالفين والمضاربين في إطار تنظيم السوق المحلية، وتحقيق الاستقرار والأمن الغذائي للمواطن.

من جانب آخر،يرى مختصون أن ليبيا تعتمد في 90 بالمئة من غذائها على الاستيراد، ولا توجد خطة للأمن الغذائي، كما أن المشاريع الغذائية والزراعية اختفت تقريبا، ومخازن الأغذية متهالكة ولا تستوعب تخزين كميات كبيرة كما أن الاستثمارات في الزراعة والصناعات الغذائية كانت دائما تؤول لمستثمرين أجانب، ومع سوء الوضع الأمني والتقلبات السياسية لن يغامر أحد بوضع أمواله في ليبيا، كما لا يرون أن الاستثمار في هذه المجالات يدر عائدا مثل مجالات أخرى.

وفضلا عن الفوضى الأمنية التي تعيشها البلاد  و الحرب الأوكرانية، تعاني ليبيا من تداعيات أزمة الاستقرار الحكومي؛ حيث ترفض الحكومة منتهية الصلاحية بقيادة عبد الحميد الدبيبة تسليم السلطة للحكومة المنتخبة من البرلمان بقيادة فتحي باشاغا؛ مما يعطل سير   العمل الحكومي عن توفير الخدمات.

كما أن إقدام جماعات مسلحة على إغلاق حقول النفط، مصدر الدخل الوحيد، أثر على القدرة الشرائية لليبيين.