تراجعت قيمة اليورو الثلاثاء لتبلغ دولارًا واحدًا، في مستوى لم يُسجّل منذ عام طرح العملة الموحدة للتداول قبل عشرين عامًا، وذلك في ظل المخاطر الناجمة عن قطع إمدادات الغاز الروسي على الاقتصاد الأوروبي.
وبلغت قيمة اليورو دولارًا واحدًا نحو الساعة 09:50 بتوقيت غرينتش لفترة وجيزة، في سابقة منذ ديسمبر/ كانون الأول 2002، قبل أن ترتفع مجدّدًا بشكل طفيف.
أسباب تراجع اليورو
وفي الأيام الماضية، طرق اليورو أبوابًا جديدة من مسيرته، فالعملة التي أطلقت عام 1999، وجدت نفسها عند أدنى مستوى لها في العشرين عامًا، بعدما حاوطتها الظروف الجيوسياسية والأمنية والنقدية، لتضعف المدخرات الاقتصادية لمعظم دول القارة الأوروبية.
لكن ما الذي دفع اليورو لهذا الهبوط الحاد أمام الدولار، وهما عملتان تنتميان للقوى البارزة التي تواجه المد الروسي؟
يبدو أن للجغرافيا السياسية وقعًا مختلفًا على طرفي الشمال الأطلسي، إذ إن الأوروبيين يتذوقون يوميًا مرارة ما يجري في أوكرانيا، فهم من يستقبل اللاجئين، وهم كذلك من يواجه التحديات الأمنية، ومن عليهم دفع ثمن أكبر لابتياع الحبوب والطاقة، وهي سلع تتمتع الولايات المتحدة باكتفاء ذاتي منها.
في غضون ذلك، تجد ألمانيا التي هي من عول عليها الأوروبيون لإنقاذهم من أزماتهم السابقة، نفسها اليوم في وضع لا يحسد عليه، فها هي تسجل في مايو/ أيار أول عجز تجاري منذ 3 عقود، بعدما بلغ الفائض لديها خلال العام الماضي قرابة 198 مليار دولار. وإذا كانت صاحبة شركات مرسيدس تعاني من هذا الواقع، فإن دول التكتل الأخرى ستكون في وضع أكثر تعقيدًا.
فإيطاليا مثلًا تفوقت وارداتها في أبريل/ نيسان على صادراتها بواقع 3.7 مليارات دولار، وهو ما ينسحب على فرنسا وإسبانيا.
ويبلغ مؤشر أسعار المستهلك في القارة العجوز 8.1% وهو أقل مما تسجله الولايات المتحدة بنصف نقطة مئوية، لكن التمايز الذي تسبب في دعم الدولار وإضعاف اليورو يرجع للحملة الشرسة التي يقوم بها البنك الاحتياطي الاتحادي الأميركي حيال أسعار الفائدة، فقد زادها منذ بداية العام ثلاث مرات بواقع 1,5%، ويعتزم القيام بسلسلة خطوات مشابهة طيلة الأشهر المقبلة.