رأى الكاتب الأمريكي ريتشارد نورث باترسون أن انتخابات منتصف المدة المزمعة بالولايات المتحدة في نوفمبر المقبل تنطوي على احتمالات وجودية وقد تشهد تغييرًا لمستقبل أمريكا إما للأفضل أو للأسوأ.

وأكد في مقاله بصحيفة (بوسطن جلوب) أنه وعلى مدار النصف قرن الماضي، لم تحمل انتخابات منتصف مدة أكثر مما تحمله تلك الانتخابات من احتمالات تتعلق بـ: مستقبل الرئيس دونالد ترامب في الرئاسة، وبطبيعة الرئاسة ذاتها.

ونبه الكاتب إلى أن مَن يسيطر على الكونغرس الأمريكي المنقسم قادر على التأثير بقوة على مسار الديمقراطية الدستورية في البلاد؛ ورأى أن آمال الديمقراطيين المعقودة على استعادة مجلس النواب صعبة التأكيد؛ ذلك أن استطلاعات الرأي العامة التي تعلي أسهم الديمقراطيين تتجاهل طبيعة وخارطة توزيع الدوائر الانتخابية؛ كما أن الاقتصاد لا يزال مستقرا وترامب مستمر لا يزال في إثارة العالم. 

ونوه الكاتب عن أنه وفي حال اتخاذ مجلس النواب موقفًا، فإن الجمهوريين سيتحصنون بمجلس الشيوخ الذي سيتمكن ترامب بفضل سيطرتهم عليه (مجلس الشيوخ) من تعيين المزيد من قضاة المحكمة العليا ومن تعجيل وتيرة تجديد المحاكم الفيدرالية؛ كما أن أغلبيةً في المجلسين (النواب والشيوخ) كفيلة بتفويض ترامب والجمهوريين لهدم مشروع الرعاية الطبية (أوباما كير) وشبكة الأمان الاجتماعي وتقويض وزارة العدل وتعزيز العنصرية والنيل من الرقابة والتفتيش.. باختصار سيعجل ذلك من وتيرة هجوم يشنه الرئيس ترامب على النسيج الاجتماعي والدستوري للولايات المتحدة.

لكن، على افتراض استعادة الديمقراطيين لمجلس النواب، بحسب الكاتب، فإن ذلك كفيل بعمل تحول في لجنة المراقبة والإصلاح الحكومي التي كانت في ظل سيطرة الجمهوريين تمنح ترامب حصانة فعلية ضد الاستجواب؛ أما في ظل الديمقراطيين فإنهم سيقومون باستدعاءات قضائية للتحقيق في: عائدات ضرائب ترامب، وتجاوزات أفراد عائلته وحكومته، وتقويضه لوكالة حماية البيئة الأمريكية، ووزارة التعليم، وانتهاكاته بشأن التراخيص الأمنية، وتصرفاته الشخصية غير القانونية – مرسخة ذلك في ذاكرة الوعي العام.

ولفت الكاتب إلى أنه وفي ظل سيطرة الجمهوريين، قادت لجنة الاستخبارات في مجلس النواب جهود ترامب للتخلص من المحقق الخاص روبرت مولر؛ لكن تحت سيطرة الديمقراطيين ستعمل ذات اللجنة على تنشيط التحقيقات في صلة ترامب وابنه بروسيا، كما ستعمل على تحصين مولر.

سينجم عن ذلك، بحسب الكاتب، صراع وجودي بين التنوير والإحراق الدستوري – هذا الصراع يؤججه رئيسٌ يعلم أن إطلاق يد التحقيق الحُرّ كفيل بتقويض أركان نظامه.

حينئذ، وفي ظل هذا الافتراض بشأن استعادة الديمقراطيين لمجلس النواب، فإنهم بالأغلبية سيحولون دون أن يستبدل ترامب وزير العدل جيف سيشنز بآخر يستعمله لتقويض التحقيقات بشأن التدخلات الروسية في الانتخابات الأمريكية؛ أما تحت أغلبية الجمهوريين فإنهم سيدعمون الهجوم على سيادة القانون ما لم يهدد ذلك وجودهم هم أنفسهم.

على كل حال، رأى صاحب المقال أن التصدعات في حائط السياسة الأمريكية ستكون أعمق من تلك التي أحدثتها فضيحة ووترغيت التي كان الديمقراطيون إبانها يسيطرون على المجلسين (النواب والشيوخ) فضلا عن إيثار بعض الجمهوريين المعتدلين وقتئذ للواجب على الولاء الحزبي؛ كما أن الرئيس آنئذ (نيكسون) أذعن في نهاية الأمر لسيادة القانون.. أما ترامب في عدميته ونرجسيته، فسيحاول تقويض سيادة القانون لحماية نفسه.

وهكذا فإن شهر نوفمبر قد يشهد تغييرا لمستقبل أمريكا إما للأفضل أو للأسوأ.