نشرت صحيفة "ذي امريكان كونسيرفاتيف" تقريرا بعنوان "كيف دفع أعضاء حلف الناتو بأمريكا لغزو ليبيا؟"، كشف التقرير عن الدور الكبير الذي لعبته كل من فرنسا وبريطانيا في تشجيع ودفع أمريكا إلى شن غارات ضد نظام الزعيم الليبي السابق معمر القذافي.  

وقالت الصحيفة الأمريكية إن تدخل حلف الناتو في ليبيا عام 2011 يذكرنا بأنه حتى حلفاء واشنطن منذ فترة طويلة مثل فرنسا وبريطانيا يمكنهم خلق الخطر، وأضافت الصحيفة أن في مذكراتهم  تكشف وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع روبرت جيتس -في بعض الأحيان ربما عن غير قصد- كيف حثت تلك الدول إدارة أوباما المترددة على اتخاذ مثل هذه الخطوة المصيرية في ليبيا. وكانت كلينتون نفسها مواتية للبعثات العسكرية "الإنسانية"، في حين كان جيتس عدائيًا بشكل علني، مما يؤكد مدى التأثير الذي لحق بالضغط على صنع القرار الأمريكي.

مع اندلاع الثورات ضد الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء الشرق الأوسط الكبير في أواخر عام 2010 وأوائل 2011 -ما يسمى الربيع العربي-  فكرت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في كيفية الرد، وكان الزعيم الليبي معمر القذافي هدفا لانتفاضة.

في البداية  بدت حتى كلينتون حذرة من تورط الولايات المتحدة في أي عمل عسكري للإطاحة بالقذافي، وقالت كلينتون "عندما التقيت بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ، حث الولايات المتحدة على دعم التدخل العسكري الدولي لوقف تقدم القذافي نحو معقل المتمردين في بنغازي في شرق ليبيا" ،مضيفة "لقد كنت متعاطفة ولكن غير مقتنعة". وقد أشارت كلينتون إلى أن "الولايات المتحدة قضت العقد الماضي في حروب طويلة وصعبة في العراق وأفغانستان".

وفي شهادة أمام الكونجرس لم تشدد كلينتون فقط على الحاجة إلى "موافقة دولية" قبل أن تشرع واشنطن في مثل هذه المغامرة، واستشهدت بسبب رئيسي لحذرها "في كثير من الأحيان سارعت بلدان أخرى إلى المطالبة بالعمل، ولكنها نظرت إلى أمريكا بعد ذلك –تقصد لم تقدم هذه الدول أي شيء-، لقد تحملت أمريكاكل الأعباء وأخذت كل المخاطر" كان تعليقها بمثابة انتقاد غير مرتاح لأعضاء حلف الناتو الأوروبيين.

وكان أعضاء من جامعة الدول العربية يضغطون من أجل التدخل الدولي. لكن كلينتون أشارت إلى أنه في اجتماع للقوى الاقتصادية لمجموعة الثماني  "كان الأوروبيون أكثر حماسا، لقد تلقيت دعما للتدخل العسكري من ساركوزي ".

وقد أثار التأييد البريطاني للتدخل العسكري في ليبيا استغراب كلينتون بشكل أكبر، وقالت كلينتون  "عندما رأيت وزير الخارجية البريطاني وليام هيج على العشاء في تلك الليلة، ضغط للقيام بإجراء في هذه القضية"، وأضافت  وإذا كان هيج يعتقد أن الحرب في ليبيا كانت ضرورية "لإان لهذا ثقل كبير"، ففي رأي كلينتون ، كان هيج براجماتياً حكيماً، ليس صليباً متهوراً أو يميل إلى الانخراط في حربو الساحة الدولية.

كما شدد جيتس على تأثير حلفائنا، حيث صرح أعتقد أن ضغط الجامعة العربية "والضغط البريطاني والفرنسي القوي على حلف الناتو للتصرف، أقنع الرئيس بأن الولايات المتحدة ستحتاج إلى أخذ زمام المبادرة" في تنظيم "حملة عسكرية لوقف القذافي".

في أعقاب قمة مجموعة الثماني في مارس أبلغت كلينتون الرئيس باراك أوباما أن "حلفائنا في الناتو مستعدون لاتخاذ زمام القيادة في أي عمل عسكري"، وهذا النهج يتوافق تمامًا مع تفضيلات البيت الأبيض. وشددت كلينتون على أن أوباما "أراد الإبقاء على تورط الولايات المتحدة محدودًا، لذا سيتعين على حلفائنا تحمل الكثير من الأعباء وبهذا تبتعد أمريكا  عن معظم الطلعات الجوية" التي ستكون ضرورية لفرض منطقة حظر جوي والتخلص من الدفاعات الجوية للقذافي.

ومع ذلك  كانت هناك مجموعة واسعة من وجهات النظر بين أعضاء حلف الناتو الأوروبي حول كيفية المضي قدما. فكانت فرنسا متلهفة للحرب لدرجة أن ساركوزي أمر الطائرات بالعمل قبل ساعات من الموعد المتفق عليه لشن الضربات الجوية الأولى ضد قوات القذافي، من ناحية أخرى وافقت تركيا على الخيار العسكري ولكن تردد كبير، وكما أكد جيتس أن ألمانيا العضو الأكثر أهمية في الناتو لم تكن متحمسة. وأشارت كلينتون "ولأننا نمتلك أكثر القدرات" فأن "الولايات المتحدة بدأت في الدور التنسيقي الرئيسي. وكانت الخطوة المنطقية التالية هي قيام حلف الناتو بتنظيم التدخل ".

وكانت المرحلة العسكرية الأولية بشكل ساحق عملية أمريكية إذ أطلقت السفن الحربية للبحر المتوسط أكثر من 100 صاروخ كروز على أهداف في ليبيا. ولجميع التأكيد الرسمي على تنفيذ منطقة حظر الطيران  تم توجيه العديد من تلك الصواريخ إلى القوات البرية الليبية في مواقع المتمردين. أصبح هذا معروفًا بتطبيق "منطقة عدم القيادة".

على الرغم من أن الناتو كان مسؤولاً رسمياً إلا أن العملية ظلت في الغالب عملية أمريكية. الواضح أن التغير الذي طرأ على طموح الانظمة في فرنسا وبريطانيا والأعضاء الأوروبيين الآخرين تجاوز قدراتهم. 

أكد جيتس عدم التوازن عندما قال "صوت جميع الحلفاء في منظمة حلف شمال الأطلسي البالغ عددهم ثمانية وعشرين صوتًا لدعم المهمة العسكرية في ليبيا، لكن نصفهم فقط قدموا نوعًا من المساهمة ، وفقط ثمانية فقط قدموا طائرات لمهمة الإضراب. كان على الولايات المتحدة أن تقدم نصيب الأسد من قدرة الاستطلاع ومعظم إعادة تزويد الطائرات بالوقود في الجو ؛ بعد ثلاثة أشهر فقط من الحملة، اضطررنا إلى إعادة تزويد أقوى حلفائنا بالقنابل والصواريخ الموجهة بدقة ، فقد استنفدوا إمداداتهم الهزيلة. وفي المراحل النهائية  كان علينا أن ندخل المعتكف مع مقاتلينا وطائراتنا بدون طيار".

من غير المؤكد ما إذا كانت الولايات المتحدة كانت ستشن الحرب في ليبيا بدون ضغط حلفائها الأوروبيين. كان هناك بالتأكيد مؤيدون أمريكيون مؤثرون للتدخل العسكري، بما في ذلك داخل الدائرة الداخلية لإدارة أوباما. واستشهد جيتس بكل من كلينتون وسفيرة الأمم المتحدة سوزان رايس، وكبار موظفي مجلس الأمن القومي سامانثا باور وبن رودس كمؤيدين صوتيين. لكن الإدارة كانت منقسمة بشكل حاد مع نائب الرئيس جو بايدن   ورئيس هيئة الأركان المشتركة   ومسؤولين آخرين يتشاطرون تردد جيتس. بدا الرئيس نفسه ممزقا بشكل خاص. ووفقًا لما قاله جيتس  فقد صرح أوباما لاحقًا بأن قرار التدخل في ليبيا جاء بأغلبية محدودة للغاية وهو "51-49" لصالح التدخل.



*"بوابة إفريقيا الإخبارية" غسر مسؤولة عن محتوى المواد والتقارير المترجمة