هناك من يرى أن «داعش» أسس له أول «مستعمرة» في ليبيا ففي دراسة للباحث أرون زيلين من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، جاء فيها أن «داعش» والجماعات الجهادية المحلية المتحالفة معه استطاعت السيطرة على مدينة درنة الليبية مما يظهر الكيفية التي يستطيع فيها التنظيم التحايل على فكرة الحدود التقليدية ويوسع مناطق نفوذه. 

وأِشار زيلين إلى قرار مجلس شورى «شباب الإسلام» الذي أعلن الأسبوع الماضي أن مدينة درنة أصبحت جزءا من أرض «داعش» (الخلافة) ولم يصدر من هذه تعليقا حول الإعلان و لم تعلن ضمها رسميا لأرض الدولة الإسلامية المزعومة لكن هناك إمكانية أو احتمال للتوسع وهو ما يضع نموذج «داعش» على طرف النقيض مع استراتيجية «القاعدة» وأخواتها. 

ويظهر التطور الكيفية التي لم تعد فيها الحدود مهمة لـ «داعش» وشكل الدولة التي قد تنمو أبعد من حدود الشام والعراق. وكان مجلس شورى «شباب الإسلام» قد أعلن في شهر نيسان/إبريل عن سيطرته على مدينة درنة التي يسكن فيها 80.000 نسمة والتي تبعد 150 ميلا للشرق من مدينة بنغازي. 

وقام أشخاص ملثمون على متن سيارات بيكب ويحملون الكلاشينكوفات وراجمات الصواريخ قد أعلنوا انهم قوة أمن المدينة، مع أن قوة «مجلس شورى شباب الإسلام» ليست الوحيدة في درنة ولم تكن قادرة على إدارة شؤونها لوحدها ولكنها استطاعت السيطرة على مستشفى الحريش بنفس الطريقة التي سيطرت فيها حركة أنصار الشريعة على مستشفى الجلاء في مدينة بنغازي. 

وفي أيار/مايو بدأت المجموعة هذه بإصدار بيانات على صفحتها في «الفيسبوك» عن أفراد من الحكومة الليبية «المرتدين» و جماعات معارضة لهم وكذا أفراد من أبناء المدينة الذين «تابوا «وانضموا إليها. ومنذ ذلك الوقت نشر مجلس «شورى شباب الإسلام» أسماء أكثر من مئة شخص أعلنوا توبتهم. ورغم التظاهرات ضد تطبيق الشريعة إلا أن مجلس الشورى هذا بدأ بتطبيق نظام «الحسبة» ومحاسبة أفراد على سلوكهم غير الإسلامي. ونشرت صفحة المجلس في حزيران/يونيو وآب/أغسطس أخبارا عن مصادرة كميات من الكحول والمخدرات. وطبقت المجموعة الحدود حيث أدت لتخويف السكان وأثرت على سمعة الجماعة في الوقت نفسه. وإلى جانب استخدامها شعارات «داعش» وعلمه أعلن مجلس شورى «شباب الإسلام» في 22 حزيران/يونيو دعمه للدولة الإسلامية وخلافة أبو بكر. 

وجاء في البيان ضرورة دعم هذه الدولة الإسلامية المضطهدة من الكفار والمنافقين ومرضى النفوس. وسبق بيان الدعم هذا الإعلان الرسمي عن درنة كجزء من أرض الخلافة والذي صدر في 3 تشرين الأول/اكتوبر، وبموجبه أصبحت ولاية درنة جزءا من الدولة الإسلامية المزعومة. 

ويعتقد الكاتب أن الإعلان جاء بسبب وصول وفد من سوريا مكون من 15 شخصا عقدوا ندوة في مجلس الصحابة تحت شعار «الخلافة على منهاج النبوة». 

وحضر الندوة مئات من الأشخاص ورفعت أعلام الدولة وظهرت سيارات مجلس شورى «شباب الإسلام» وعليها عبارات «الحسبة « و»الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، واستمع الحضور لأناشيد أصدرتها مجموعة «أنجاد الإعلامية» التابعة ل «داعش». ولم يلق إعلان مجلس شورى شباب الإسلام قبولا عاما من السكان ورفضت كتائب الشهيد أبو سليم ما قام به المجلس وأقسم أفرادها أن لا يقدموا البيعة لأي شخص خارج ليبيا. 

وتخوض هذه الكتائب حربا مع مجلس الشورى والتي خلفت وراءها عددا من القتلى في الأسابيع القليلة الماضية. 

وهو ما يثير الشكوك حول مزاعم واستمرار بيعة مجلس الشورى، لكن تاريخ درنة مرتبط بالجهاديين وسافر الكثير من أبنائها للعراق بعد الإحتلال الأمريكي عام 2003، وكذا إلى أفغانستان في الثمانينيات من القرن الماضي. 

وتظل فكرة توسع «داعش» خلف حدودة الطبيعة صعبة خاصة أنها تحتاج لقدرات لوجيستية. ولو قبل «داعش» البيعة فسيكون قد انحرف عن نموذج «القاعدة» التي تعتمد على حلفاء محليين. ومهما كان فإعلان مجلس شورى «شباب الإسلام» يعبر عن الجاذبية التي بات «داعش» يتمتع بها لدى الجماعات الجهادية في عدد من بقاع العالم ( عن القدس العربي )