كشف الكاتب السويسري، ستيفاني هيس، عن تجربة جديدة أقدمت عليها بلدية كولتن السويسرية، تتمثل في تطبيق تجربة الديمقراطية المباشرة، التي اسمها "لاندسغماينده" والتي تعني المؤتمر الشعبي.

ويقول هيس، في تقرير نشر اليوم الجمعة، أن مدينة كولتن التي تعد بوابة سويسرا نحو العالم، حيث مر خلالها  أكثر من 31 مليون مسافر في عام 2018، فقد وجدت طريق العودة نحو اللبنة الأساسية للديمقراطية المباشرة: وهي المؤتمر الشعبي (أو لاندسغماينده). أما مفهومها عن هذا المؤتمر، فهو أمر يبدو جديرا بالاقتداء.

ويصف الكاتب السويسري، تفاصيل التقاء الناس في "المؤتمر"، قائلا: "طائرة ركاب تحلق في هذا اليوم من أيام السبت الصيفية فوق ميدان المؤتمر ببلدية كلوتن التي يقع بها مطار زيورخ. بل إن هذا التحليق كان منخفضاً لدرجة تجعل المرء يتخيّل أنه سيتمكن من الإمساك بها. أما الميدان الذي يجتمع به حوالي سبعمائة شخص، فهو مرصوف بأحجار طبيعية، وتحيط به مبانٍ شاهقة تتطلع نحو السماء.

هنا ترتفع منصة، وهناك تجلس فرقة موسيقية محلية وتعزف مقطوعة من موسيقى الجاز المعروفة في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي باسم "سوينغ". بينما يبيع أحدهم الحلوى الإسبانية، ويبيع آخر فطائر "الكريب" الفرنسية. حضر بعض السكان رجالاً ونساءً مصطحبين كلابهم في أيديهم، بينما أمسك آخرون بأطفالهم ـ في جو أشبه ما يكون بالاحتفالات الشعبية.

في المؤتمر البلدي بكلوتن الكل مرحب به، حتى الحيوانات. فالحرية التي يتمتع بها هذا المشروع الوطني الناجح لم تتحقق برفع الأيدي، بل بالتصويت في صندوق الاقتراع."

ويضيف هيس، "ينعقد المؤتمر البلدي في بلدية كلوتن. ومع أنه ليس مؤتمراً سياسياً رسمياً، إلا أنه يتطابق تماما مع الفكرة الأساسية التي قامت عليها الديمقراطية المباشرة. فالهدف الرئيسي الذي يسعى إليه المنظمون يتلخص في فتح المجال أمام هؤلاء الأشخاص الذين لا يتم إدماجهم عادةً في سويسرا، كي يدلوا بآرائهم.

"ففي هذا المؤتمر البلدي يُسمح للجميع بالمشاركة"، على حد قول دانيال نويكوم، رئيس جمعية المؤتمر البلدي بكلوتنرابط خارجي. والمقصود بالجميع ليس فقط الناخبين والناخبات من أبناء سويسرا البالغين سن الثامنة عشر عاماً على الأقل، بل كذلك سكان المدينة رجالاً ونساءً، من جميع الجنسيات والأعمار."

ويقول هيس، في تقريره، إن بلدية كلوتن ، أرست في الفترة الأخيرة مفهوماً جديداً للمؤتمر البلدي، حيث أصبح يُمثل الرد العملي على السؤال المطروح حول تطور المدن المتأثر بشدة بظاهرة العولمة.

في المؤتمر البلدي بصيغته غير الرسمية، قامت بلدية كلوتن كذلك بتوسعة مجال الحقوق السياسية. وبشكل خاص، أصبح الشبان والأجانب رجالاً ونساءً ـ أي الفئتان اللتان لا يحق لهما الاقتراع ولا الانتخاب ولا الترشح - محل ترحيب في المؤتمر البلدي. حيث يُعتبر التنوع العالمي هنا جزءً من الحياة اليومية، إذ ينتمي السكان إلى 120 جنسية مختلفة.

"فأغلبهم جاء إلى هنا للعمل. وهم يبقون هنا لعدة سنوات، ومن ثَمَّ يرتحلون مرة أخرى"، على حد قول دانيال نويكوم. أما أن ينشأ بهذه الصيغة للمؤتمر البلدي أساساً للشعور بالانتماء، فإنه أمر غاية في الصعوبة. حيث أن المؤتمر البلدي ما هو إلا محاولة لتقوية الترابط.

ويختتم الكاتب السويسري تقريره "إذن فهذا المؤتمر البلدي لا يعتبر آلية حكومية رسمية. لكن لديه سلطة توزيع الأموال. وفي هذه المرة بلغت تلك الأموال 30000 فرنك، أي بزيادة عشرة آلاف فرنك عن الأعوام السابقة."

وتتشابه هذه الفكرة وآليات تطبيقها بشكل كبير مع فكرة المؤتمرات الشعبية التي مارسها الشعب الليبي عقب إعلان سلطة الشعب في 2 مارس 1977 .