كمال مرجان وزير و ديبلوماسي تونسي تقلد عديد المناصب السامية في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي أهمها وزارتي الدفاع والخارجية من سنة 2005 إلى سنة 2010. كما عين بالديوان السياسي لحزب التجمع المحل وانتمى إلى لجنته المركزية على إثر انعقاد مؤتمر التحدي سنة 2008. وهو من مواليد 9 ماي 1948 بمنطقة حمام سوسة الساحلية وهي نفس المدينة التي ينحدر منها بن علي. متزوج وأب لطفلين.

كمال مرجان كفاءة وطنية ودولية و رجل دولة في عيون كثير من التونسيين, بما في ذلك جزء كبير من خصومه السياسيين, فهو قضى غالبية حياته المهنية خارج تونس مشتغلا بالديبلوماسية الدولية بالمنتظم الأممي بعيدا عن السياسة بجميع ألعابها وحساباتها و تجاذباتها, فحتى في نظام بن علي لم تكن له مهام سياسية واكتفى بحقائب فنية على غرار وزارتي الدفاع والخارجية التي غادرها بعد اندلاع أحداث جانفي 2011 التي أسفرت عن سقوط نظام الرئيس بن علي.

يعتبر مرجان من أهم وزراء بن علي الذين حازوا على صيت عالمي منقطع النظير خصوصا بالولايات المتحدة الأمريكية والمنتظم الأممي وكذلك بالمنطقة العربية والإفريقية لا سيما بعد تحمله لمسؤوليات عليا صلب الهيئة الأممية العليا لشؤون اللاجئين حتى أن بعض الجهات صنفته ب "الابن المدلل" لأمريكا. كما تحدثت بعض الأطراف عن صراعه الصامت قبل جانفي 2014 مع أصهار بن علي وخاصة مع زوجته ليلى الطربلسي التي يؤكد المقربون من العرش آنذاك أن التيار لا يمر بسهولة بينهما, إلا أن الرئيس التونسي السابق أصر على التمسك بمرجان نظرا لكفاءته ولصيته الدولي وكذلك لصلة القرابة التي تجمع بينهما حتى أن البعض أشار سواء في الخفاء أو في العلن إلى أن بن علي كان يعد مرجان لخلافته وقتها.

بعد سقوط نظام بن علي امتنع كمال مرجان دارس الحقوق والحاصل على ديبلوم أكاديمية الحقوق بلاهاي و ديبلوم جامعة وسكنسون الأمريكية عن ثلب النظام والعائلة الحاكمة رغم انتقاده لهما في بعض الأحيان. كما رفض الانخراط في منظومة الدفاع عن بن علي أو محاولة تلميعه بالإضافة إلى رفضه كذلك الاصطفاف وراء أحزاب ولدت من رحم حزب التجمع المحل وكذلك رفض الانضمام إلى الأحزاب الدستورية وامتنع في نفس الوقت عن الالتحاق بحركة نداء تونس ليؤسس بعد ذلك حزبه الخاص المسمى ب "المبادرة الوطنية الدستورية" ثم يعلن مبدئيا عن نيته في الترشح للانتخابات الرئاسية بتونس. و رغم أن إعلان مرجان عن نواياه الرئاسية جاء متأخرا مقارنة بغيره إلا أن العارفين بطباع الرجل والمقربين منه أكدوا أن من طباع الرجل التعقل والرصانة وأيضا الدهاء السياسي وأضافوا أن الرئاسة هي حلم مرجان القديم المتجدد و حتى منذ أن كان بن علي في السلطة وأن جهات أجنبية على رأسها أمريكا عملت وتعمل إلى دفعه إلى سدة الحكم.

في 13 سبتمبر 2014 أعلن كمال مرجان الترشح رسميا لرئاسة الجمهورية على إثر جلسة استثنائية عقدها المجلس الوطني للحزب. وأوضح أن مقتضيات المرحلة التي تمر بها البلاد تستوجب الكثير من الجهد لتحقيق أهداف الثورة وصون مكاسب الجمهورية مؤكدا أن حزب "المبادرة" الذي يرأسه سيكون كذلك مفاجأة الانتخابات التشريعية. هذا الإعلان قابله شق من التونسيين المعارضين لعودة رموز نظام بن علي إلى الساحة السياسية بنوع من السخرية والاستخفاف على خلفية أن الشعب الذي أسقط بن علي لن يعيد انتخاب أزلامه. في حين اعتبره البعض الآخر تحد من رجالات خدمت البلاد وخبرت الحكم قد يطيح بأحلام وطموحات الحاكمين الجدد لتصدق تكهنات مرجان ولو نسبيا بالفوز بثلاثة مقاعد في البرلمان المقبل وهي نتيجة اعتبرها هامة باعتبار أن حزبه الوليد حديث التشكل كما أثارت هذه النتائج استبشار أنصاره. في المقابل مثلت هذه المسألة نوعا من الرجة النفسية بالنسبة لدعاة الإقصاء و الشق الرافض لعودة ماكينة التجمع لا سيما وأن نتائج الانتخابات بوأت كذلك حركة نداء تونس ذات المرجعية البورقيبية صدارة التصويت.

مرجان الخارج من جلباب بن علي وأصيل مسقط رأسه حمام سوسة وقريب العائلة الحاكمة سابقا حسم أمره إذن وترشح للرئاسة حلم الأمس الذي قد يتحقق وقد لا يتحقق خلال أيام قليلة قادمة هو كذلك محسوب على نظام تعمل فئة واسعة من الشعب على القطع معه وطي صفحته بالكامل. وهذا الأمر من شأنه عرقلة خطوات مرجان في طريقه إلى عرش قرطاج.

في المقابل يتساءل آخرون عن الجبهة السياسية الداخلية التي تدعم كمال مرجان وتعمل على إيصاله إلى سدة الحكم, بما أن الجبهة الخارجية معلومة لديهم. وهذا التساؤل طفا على السطح منذ أن عاد هذا الأخير إلى الظهور في المشهد السياسي بالبلاد وخصوصا بعد أن رفض الالتحاق بحركة نداء تونس وبعد أن التقطت له صورة في حفل زفاف قرينة راشد الغنوشي منذ فترة, إضافة إلى مشاركته في مأدبة العشاء التي جمعته و راشد الغنوشي و الباجي قايد السبسي و حمادي الجبالي ورياض بن فضل ممثل الجبهة الشعبية على طاولة سفير أمريكا بتونس جاكوب والس, حتى أن البعض اعتبر أن هذا اللقاء الذي جمع بين الجليد والنار نظرا لاختلاف الإيديولوجيا والمشارب بين المشاركين فيه هو صورة مصغرة تختزل المشهد السياسي المقبل في تونس لا سيما وأن مرجان يحمل كل مواصفات الرئيس التوافقي الذي دعت إليه حركة النهضة. على نقيض ذلك تؤكد جهات مقربة من العائلة الدستورية والتجمعية أن هؤلاء لن يتحالفوا مع الإسلاميين في إدارة شؤون المشهد السياسي المقبل وإن قبلوا إن خيار أو اضطرارا التعايش معهم على خلفية أن تونس ترفض الإقصاء وهي أرض جميع أبناءها.

يبدو أن مهمة مرجان صاحب المظهر الوقور والكاريزمي المقبلة لا يمكن إلا أن تكون ذات وجهتين محددتين: إما قصر قرطاج وإما العودة إلى رحاب الديبلوماسية الدولية, وبين هذه وتلك يبقى الرجل الذي يتحوز على تجربة سياسية وديبلوماسية معتبرة بين فكي كماشة: حلم الرئاسة و تراكمات إرث الانتماء إلى نظام بن علي و ما خلفه هذا النظام من بصمات سلبية لدى شريحة هامة من التونسيين.