بعد أكثر من شهرين من بداية عملية طرابلس التي أطلقها الجيش الليبي بهدف تحريرها من سطوة الميليشيات بدأ الموقف الأمريكي يتوضح شيئا فشيئا في ليبيا.

حيث أجرى في شهر أفريل الماضي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اتصالا هاتفيا مع المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي،خلال الاتصال الهاتفي "أثنى ترامب على الجهود التي يبذلها المشير حفتر في محاربة الإرهاب وتأمين المصادر النفطية الليبية" وفقا للبيت الأبيض، لافتا إلى "مناقشة الطرفين نظرة مشتركة لتحول ليبيا إلى نظام سياسي مستقر وديمقراطي".

ولم يتطرق بيان البيت الأبيض حول هذا الاتصال والحديث الذي جرى بين ترامب وحفتر إلى العمليات التي يقوم بها الأخير ضد الميليشيات في طرابلس، فيما اعتبرت تصريحات ترامب تحولا مخالفا لموقف واشنطن المُعلن مطلع شهر أفريل والذي جاء على لسان، وزير الخارجي الأمريكي، مايك بومبيو، حيث قال حينها: "أوضحنا أننا نعارض الهجوم العسكري لقوات خليفة حفتر على الحكومة في طرابلس ونحث على وقفها فورا..."

وفي رد على سؤال حول المكالمة بين ترامب وحفتر، قال باتريك شاناهان، القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي إن البنتاغون و"السلطة التنفيذية متوازيان حول ليبيا.." مؤكدا على أن "الحل العسكري ليس ما تحتاجه ليبيا".

جدير بالذكر أن الموقف الأمريكي جاء في بيان صادر عن البيت الأبيض، وليس في تغريدة للرئيس ترامب، كالعادة، مما يؤكد أنه موقف متناغم مع جميع أركان الإدارة الأمريكية، وهو اعتراف صريح وقراءة عميقة نتج عنها تبلور لموقف أمريكي واضح من المشير حفتر والجيش الليبي. 

ولعلّ ما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن موقف وزير الدفاع الأمريكي أكد هو الآخر، الموقف من تأييد المشير حفتر، وفي تعليق آخر على المكالمة الهاتفية بين الرئيس ترامب والمشير حفتر، قال فريدريك وهري الخبير في مؤسسة كارنيجي للسلام: "إن هذا الاتصال امتياز كبير لحفتر؛ فهو وللمرة الأولى لديه هذا التأييد الشخصي الذي يرفع من مكانته، ليضعه في اتصال مباشر مع أقوى زعيم في العالم".

من جانب آخر،أثار توجه إدارة ترامب بما يتعلق وضع "الإخوان المسلمين" على قائمة التنظيمات الإرهابية قلق بعض الدول الراعية لهذا التنظيم.

حيث بدأ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يشعر بالقلق، خوفاً من ضياع نفوذه فى ليبيا، المتمثلة بتنظيم الإخوان المسلمين، لهذا أوعز إلى قادة التنظيم فى ليبيا بطرح سيناريو حل الجماعة، تفادياً للخسائر الاقتصادية والسياسية التي ستتكبدها أنقرة في حال إدراج واشنطن للجماعة فى قوائم الإرهاب، عندها سيكون إردوغان ورجال دولته وكل الحكومات التى تتعاون مع إخوان ليبيا عرضة لفرض عقوبات أمريكية، وهو أمر تخشاه تركيا، فى ظل وضعها الاقتصادى المتردى بسبب عقوبات أمريكية سابقة، وفق ما نقل موقع "عثمانلي" التركي.

في نفس الإطار،قال المستشار السابق للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وليد فارس، إن الجيش الوطني الليبي يحاصر موانئ غرب ليبيا لوقف شحنات الأسلحة القادمة إلى الإرهابيين وميليشيات الإخوان.

وجاء في تغريدة له عبر صفحته بموقع تويتر، أن الخطوة التي يقوم بها الجيش لمنع وصول الأسلحة إلى المجموعات الإرهابية والمليشيات، يجب أن تدعمها القوات البحرية الأمريكية والفرنسية.

و اعتبر فارس، أن هناك فرصة أمام واشنطن والقاهرة لتوحيد تصورهما فيما يتعلق بليبيا.

وفي تصريح لراديو مونت كارلو الدولية،يقول وليد فارس إن العائق أمام وجود حل سياسي ليبي حتى الآن هي المليشيات وسلاحها المنتشر حسب المعلومات التي تصل إلى واشنطن من باريس وروما. وهذا يعني ضرورة وجود مؤسسة عسكرية قادرة على بسط السيطرة الأمنية. فيما عدا هذا الهدف، فإن الولايات المتحدة الأمريكية لا تتدخل، وفق وليد فارس، في تحديد الجهة أو الشخصيات التي تحكم ليبيا.

ومن جهتها قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية، لشؤون شمال أفريقيا، تريش كانديس: إن الهدف الأساسي الذي ينبغي تحقيقه في ليبيا يتمثل في القضاء على جميع المجموعات الإرهابية، من أجل تمكين الليبيين من توحيد صفوفهم وبناء دولة ديمقراطية. وأضافت كانديس في تصريحات لقناة "الحرة"، أن القوات المسلحة الأمريكية، ستدعم أي جهة تسهم في تحقيق ذلك، وإيجاد حل ديبلوماسي طويل الأمد.

يرى مراقبون أن الموقف الأمريكي مردّه أن مصالحها في المنطقة لم تعد تحتمل مزيد من الفوضى خاصة و أن الصراع على أشده بين القوى الكبرى حول إعادة إعمار ليبيا و أصبحت واشنطن شبه متيقنة أن حكومة الوفاق غير الجادة في السير بالبلاد نحو الإستقرار بل تحاول كسب شرعيتها من خلال تحالفاتها مع ميليشيات تهدد أمن البلاد.