تعيش الساحة السياسية التونسية أياما "صعبة" من الإنتظار والتجاذبات والتكهنات بعد مشاورات حثيثة لتشكيل حكومة جديدة هي الرقم 13 منذ يناير 2011، حكومة أكد رئيسها ،المكلف من قبل رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد، هشام المشيشي أنها ستكون حكومة كفاءات مستقلة بعيدة عن كل الأحزاب فكان بذلك تعيينه وتوجهاته محل تساؤلات عدة وتطلعات كثيرة للحكومة المقبلة خاصة مع الوضع العام المتأزم بالبلاد التونسية.

هشام المشيشي الذي تم تكليفه من طرف رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد في 25 يوليو 2020 بعد استقالة رئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ، ليكون بذلك "مفاجأة" لكل الأحزاب، إذ يعتبر شخصية مستقلة بعيدة عن التجاذبات الحزبية حسب الشارع التونسي وهو وزير الداخلية في حكومة الياس الفخفاخ، شغل خطة مستشار أول لدى رئيس الجمهورية مكلفا بالشؤون القانونية، متحصل على الأستاذية في الحقوق والعلوم السياسية بتونس وعلى شهادة ختم الدراسات بالمرحلة العليا للمدرسة الوطنية للإدارة بتونس وعلى الماجستير في الإدارة العمومية من المدرسة الوطنية للإدارة بستراسبورغ، كما تقلد خطة رئيس ديوان بوزارات عدة وشغل خطة مدير عام للوكالة الوطنية التونسية للرقابة الصحية والبيئية للمنتجات وعمل أيضا كخبير مدقق باللجنة الوطنية التونسية لمكافحة الفساد.

 تراوحت ردود الأفعال بين مساند ومعارض ومتحفظ عن هذا الاختيار المفاجئ لرئيس الجمهورية التونسية، ومنذ تكليفه بتشكيل الحكومة قام المشيشي بسلسلة مشاورات مكثفة مع جميع الأحزاب و كل مكونات المشهد السياسي التونسي من منظمات و مجتمع مدني و أكد رئيس الحكومة المكلف في تصريحاته القليلة التي أدلى بها تمسكه تشكيل "حكومة كفاءات مستقلة تماما" عن الأحزاب السياسية وهو ما يدعو للتساؤل "هل ستمر حكومة الكفاءات المستقلة من خلال كتل الأحزاب المكونة للبرلمان التونسي"؟.


 
أيام معدودة تفصل المشيشي عن عرض حكومته أمام البرلمان لن تتجاوز في أقصى التقديرات حسب تصريح المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة المكلف،الأسبوع المقبل."حكومة إنجاز إقتصادي و إجتماعي سيكون محور اهتمامه المواطن التونسي و أولوية أولوياتها تقديم الحلول العاجلة التي لا تحتمل الإنتظار بعيدا عن كل التجاذبات و الخصومات السياسية، و في تقديري الصغة الأمثل لهذه الحكومة أن تكون حكومة كفاءات مستقلة تماما"، كان هذا أهم ما جاء في آخر تصريحات رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي و الذي مثل "مفاجأة" جديدة للأحزاب السياسية التونسية.

 و في الأراء المختلفة لبعض الأحزاب السياسية حول هذا التمشي و مدى تقبل الكتل الممثلة لها في البرلمان لما ستكون عليه" حكومة الكفاءات المستقلة تماما" و مدى استعدادها للتصويت لها، أكد القيادي في حركة النهضة، التي تم إقالة جميع وزارئها من حكومة إلياس الفخفاخ" السابقة، سمير ديلو في تصريح إعلامي صباح اليوم الجمعة،أن "الإشكالية في حكومة المشيشي لا تتعلق بالأسماء المقترحة بقدر ما تتعلق بالمسار و التمشي الذي انتهجه"، مضيفا أن "  مسألة تقييم الأسماء المقترحة ستخضع لجملة من الإجراءات والتثبت مع مصالح مختصة في وزارة الداخلية ومع هيئة مكافحة الفساد قبل اعلانها رسميا". وختم ديلو بقوله " مافماش(لا يوجد) حاجة اسمها حكومة تكنوقراط  لأن الحكومة يجب أن يكون لديها برامج و رؤية سياسية و أهداف سياسية وهذا لا يمكن أن يقوم به عقل سياسي بل عقل إداري ". فيما أكد رئيس كتلة حركة النهضة في تصريح إعلامي سابق أن " الخيار الأصلح لتونس هو حكومة وحدة وطنية سياسية ذات حزام برلماني وسياسي واسع وقوي".

 و قال أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي في تصريح إذاعي اليوم، إنه من ''الممكن أن تحظى الحكومة بموافقة النواب خوفا من حلّ البرلمان ولكن إمكانية استمرارها وتمريرها للقوانين العادية والأساسية وغيرها غير مضمونة إلا إذا فكر رئيس الحكومة في إيجاد حزام برلماني بطريقة ما". كما أكد النائب عن حزب قلب تونس أسامة الخليفي، في تصريح له، اليوم الجمعة، أن " قلب تونس لديه نية لتفهم التمشي الذي انتهجه رئيس الحكومة خاصة في ظل التجاذبات السياسية التي جعلت المشيشي يختار أعضاء حكومة منتمين للإدارة" مضيفا أن " البلاد في حاجة اليوم لـوحدة وطنية حقيقية، وهذه الحكومة يجب أن تمر وأن تستمر ,وفي استمراريتها يجب أن يكون هناك تشارك مع الأحزاب والكتل البرلمانية لتمرير القوانين والإصلاحات".
 
يرى بعض الخبراء والمحللين بالساحة السياسية التونسية أن لا مفر للأحزاب من قبول تركيبة حكومة المشيشي "خوفا" من سيناريو حل البرلمان من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد، فيما يرى البعض الآخر أن رئيس الحكومة المكلف و تركيبة حكومته المرتقبة "أمام موقف صعب". تختلف الآراء و التحاليل فيما يبقى الهم الوحيد المواطن التونسي هو إنقاذه من "الغرق" الاقتصادي و الاجتماعي و الوبائي الذي عاد بقوة.