جاء الاعلان عن انضمام جماعة "حماة الدعوة السلفية" الجزائرية المحلية الى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي كدليل أخر على أن فرع القاعدة المغاربي يواصل توسيع قاعدته التنظيمية و الحركية في توازي تام مع توسيع نسق عملياته خاصة في التطورات الحاصلة العام الماضي و ما تبع التدخل العسكري الفرنسي في المنطقة من وجود الحافز القوي للقاعدة لمزيد من التجنيد و توسيع قاعدتها الشعبية كقوة "دافعة للصائل" كما في الفكر الجهادي المعاصر.

مراقبون يرون أن " هذه الخطوة ستفتح الباب أمام تنظيمات وكتائب جهادية مغاربية أخرى للالتحاق بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب، بالرغم من أن جماعة حماة الدعوة السلفية لا يعد تنظيما كبيرا من الناحية العسكرية والنوعية" فجماعة حماة الدعوة السلفية التي تأسست في1997، في غرب الجزائر وكانت تسمى "كتيبة الأهوال"، هي إحدى المجموعات الرئيسية في الجماعة الإسلامية المسلحة في تسعينيات القرن الماضي ويقودها شخص شارك في حرب أفغانستان، يدعى "سليم الأفغاني" واسمه الحقيقي محمد بن سليم.ولم يعرف للتنظيم أي نشاط منذ سنوات طويلة بسبب قلة عدد أفراده وإمكانياته المتواضعة، وقد رفضت قيادة "حماة الدعوة السلفية"، في وقت سابق الانضمام إلى القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.

و مهما كان حجم جماعة حماة الدعوة فان هذه الخطوة سيكون لها الاثر المعنوي العميق على المتأثرين بفكرة الجهاد خاصة و ان انصار التيارات الجهادية كانوا و منذ تبلور أفكارها بداية تسعينات القرن الماضي في حرج كبير من مسألة "وحدة الجماعات المجاهدة" الامر الذي أشعل خلافات عديدة في أفغنستان و العراق و حتى في التجربة السورية السابقة و الحالية فعامل توحيد الراية و الامارة ذي أهمية قصوى و بالغة في الفكر الجهادي المعاصر ،و الاهم من ذلك أن جماعة حماة الدعوة كانت ترفض في السابق الانضواء تحت لواء القاعدة و قد رفضت من قبلها لواء الجماعة السلفية للدعوة و القتال و لذلك لأسباب منهجية و حركية ،و قبولها اليوم بالانظمام الى قاعدة المغرب الاسلامي يدل على أن نقاشات و حوارات منهجية وحركية قد أدت الى هذه الخطوة .

أمر أخر على قدر من الاهمية ،فالقاعدة و بعد تسريب خلافاتها مع أحد أمرائها في الصحراء "مختار بلمختار" أمير كتيبة الملثمين السابق ،شعرت بأن الشرخ التنظيمي يمكن ان يتوسع خاصة و ان امارة الصحراء هي الفرع الاكثر نشاطا في الاونة الاخيرة و هي الرئة التي يتنفس منها التنظيم ماليا و لوجستيا ،و هي تعلم أيضا أن لملمختار نفوذ واسعا هناك بين المقاتلين والانصار و القبائل لذلك أرادت ان تثبت لعناصرها أنها مازلت قوية و متماسكة و ماضية في طريق توحيد الجماعات الجهادية الناشطة في بلاد المغرب تحت راية واحدة و أمير واحد هو "عبد الملك درودكال"،المعروف بأبي مصعب عبد الودود.

يشار الى أن وكالة "أسوشيتد برس" كانت قد نشرت في أكتوبر /تشرين الثاني الماضي رسالة عثر عليها صحافيون في مالي موقعة من طرف 14 قائدا في التنظيم ، تحمل إدانة بلمختار بعدم الرد على اتصالات القيادة والامتناع عن تقديم تقارير بشأن نفقاته وعدم حضوره بعض الاجتماعات وعصيانه لأوامر القيادة، ويعود الخلاف بحسب مراقبين إلى "أسباب ذات صلة بزعامة الجماعة، وتوزيع المبالغ المدفوعة لافتداء الرهائن".

و يرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، هادي يحمد أن " الخلافات مع أمير كتيبة الملثمون مختار بلمختار والتي اندلعت مع التنظيم الأم بعد مقتل القيادي في القاعدة عبدالحميد أبو زيد، قد أعطت انطباعاً عن بداية تفكك التنظيم، ولذلك جاءت هذه الخطوة للرد على منتقدي القاعدة حتى من أبناء التيار الجهادي في المغرب العربي،فقد برز العديد من الأصوات الجهادية التي قللت من مبايعة الجماعة السلفية للدعوة والقتال لقاعدة الجهاد في أفغانستان منذ العام 2007، خاصة أن التنظيم بالرغم من أن اسمه يدل على فضاء نشاطه المغاربي غير أنه بقي تحت سيطرة العناصر الجزائرية حصرا."

توسع القاعدة التنظيمي و الحركي بات مصدر قلق للولايات المتحدة الامريكية ،الامر الذي عبر عنه المدير الجديد لمكتب التحقيقات الفدرالي، جيمس كومي، في نوفمبر الماضي، أمام لجنة مجلس الشيوخ، أن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي يشكل ”تهديدا كبيرا” للمصالح الأمريكية والغربية بشمال إفريقيا ومنطقة الساحل، مضيفا أن هذه المجموعة أثبتت قدرتها على استهداف المصالح الأمريكية من خلال الاختطافات وطلب الفديات".

و أضاف  كومي "أن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ”يواصل توسيع فعاليته العملياتية وتواجده بليبيا ومالي، مهددا المصالح الأمريكية والغربية بالمنطقة”. وأفاد مدير ”أف. بي. أي”، أنه إذا كان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والمجموعات المقربة منه لا تشكل تهديدا كبيرا داخل التراب الأمريكي على المديين القصير والمتوسط، فإنه يشكل ”خطرا كبيرا على المصالح الأمريكية والغربية بالمنطقة”، خاصة على السفارات بتونس وليبيا وكذا المصالح الاقتصادية للبلدان الغربية".

كما لم تخفي الادارة الامريكية خوفها من عملية الانصهار التي وقعت بين كتيبة الموقعون بالدماء بقيادة مختار بلمختار وحركة التوحيد و الجهاد تحت اسم "المرابطون" فسارعت بوضع بلمختار على لوائح الارهاب،فقد اعتبر مدير المركز الأمريكي لمكافحة الإرهاب، ماتيو أولسن، في تدخله أمام لجنة الكونغرس أن "هذا الانصهار يهدف دون شك إلى القيام بعمليات واسعة النطاق ضد المصالح الغربية في المنطقة.

وفي 22 أغسطس 2013 أعلنت "الحركة من أجل الوحدة والجهاد في غرب إفريقيا" اندماجها مع "كتيبة الموقعون بالدماء" تحت اسم جديد وهو "المرابطون"، وأكدتا في البيان المشترك بينهما أنهما ستركزان عمليتهما في الفترة القادمة على المصالح الفرنسية الواقعة في منطقة شمال إفريقيا، ولم يتم بعد الإعلان عن اسم الزعيم الجديد لهذه الجماعة.