بالأمس كان الترحاب بهم على الملأ، لكن اليوم على قادة الإخوان أن يحسموا أمرهم قبل اختيار البلد الذي ينوون اللجوء إليه بدل دولة قطر، التي تواجه ضغوطاً من جيرانها.

ولطالما كانت حركة "النهضة الإسلامية"، التي أمسكت بزمام الحكم في تونس منذ 2011 وحتى 2013 تتصدر، إبان الإطاحة بحكم الإخوان في مصر، الجبهة المناوئة لخطوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وإزاحته للرئيس السابق محمد مرسي من سدة الرئاسة، تحت وطأة الاحتجاجات الشعبية.

وباستثناء دولة قطر الداعمة للإخوان، وتركيا معقل التنظيم العالميللإخوان المسلمين، فإن أغلب الدول العربية لاذت بالصمت، بل بارك بعضها علناً خطوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وفي الجهة المقابلة، تبنى قادة النهضة مقترحاً تم تداوله بقوة، ويرتبط بإمكانية استضافة قادة الإخوان بتونس، بينما تحدثت تقارير عن إمكانية تحول تونس، في ظل حكومة التحالف المستقيل بقيادة النهضة، إلى مركز استقطاب للإخوان بدل قطر وتركيا، اعتماداً على قانون اللجوء السياسي، وتحت يافطة الانتقال الديمقراطي بتونس.

وردد زعيم الحزب نفسه، راشد الغنوشي، بأن تونس دولة ديمقراطية، وملتزمة باحترام قانون اللجوء السياسي.

لكن الدوائر دارت أيضاً في تونس، وتفادت حركة النهضة مصير الإخوان في مصر، في أعقاب احتجاجات شعبية في الشوارع، لكنها دخلت في حوار وطني مع خصومها، وتنازلت عن الحكم لصالح حكومة غير متحزبة، لتشرف على ما تبقى من المرحلة الانتقالية.

مسؤولية الدولة
وبعد 10 أشهر منن تخليها عن الحكم، باتت نبرة حركة النهضة مختلفة، ويغلب عليها الحذر في التعاطي مع ملف استضافة قيادات الإخوان المتواجدين خارج مصر.

وقال القيادي في الحزب، ووزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية في الحكومة المستقيلة، سمير ديلو، إن "الاستضافة بالمعنى الشخصي والعائلي، والصداقة بالطبع ممكنة، ولكن بالمعنى القانوني، هذا مسؤولية الدولة".

وأضاف ديلو "ما يحكم قرار الدولة في مسألة الاستضافة من عدمها هما تطبيق القانون والمرجعيات الأخلاقية والمبدئية، ومراعاة مصلحة البلاد".

لكن موقف حزب النهضة أعطى انطباعاً بإحداثه مسافة مع التنظيم العالمي للإخوان، أشهراً قليلة قبل خوضه انتخابات حاسمة في تونس، ستمهد لتركيز مؤسسات دائمة، بعد أكثر من 3 سنوات من الانتقال الديمقراطي.

وقال المؤرخ والقيادي بحزب "نداء تونس"، ناجي جلول: "حركة النهضة الإسلامية أصبحت تونسية، وخرجت من جبة الإخوان المسلمين أم لم تخرج فنحن نتعامل معها وفق مواقفها المعلنة, ونتعاطى معها كحزب مدني تونسي مرخص له, ويتصارع في إطار المشروع الوطني المشترك".

ولا يجد جلول أي موانع من استضافة قادة الإخوان من طالبي اللجوء, طالما أنهم ملتزمون بعدم ممارسة أي نشاط سياسي على التراب التونسي.

تركيا "العدالة والتنمية"
لكن بعيداً عن حزب النهضة بتونس، فإن الحال يختلف في تركيا، البلد الذي يقوده حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي، منذ أكثر من 10 سنوات، ويحتضن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، ويقدم نفسه نصيراً للإسلام السياسي في المنطقة.

وفي زيارة له إلى تونس، في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، قال نائب رئيس حزب "العدالة والتنمية" التركي، ومستشار الرئيس رجب طيب أردوغان، ياسين أقطاي: "موقف تركيا هو أن كل الناس الذين يهربون من الظلم تستضيفهم، فتركيا دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان واللجوء السياسي متاح فيها". وفق تعبيره