"الوضع ليس بذلك السوء"هكذا قالت مواطنة إيطالية وهي تصفق من شرفتها لعازف الكمان في الشرفة المقابلة..
لعل الوضع العالمي أصبح أكثر استقرار منذ بداية الأزمة الوبائية في ديسمبر 2019، حيث بات الفيروس معروفا وباتت طبيعته المعقدة معلومة شيئا ما للعالم رغم عدم اكتشاف اللقاح المناسب فعلا لفيروس كوفيد 19 المستجد.
لكن الدول تضع استراتجيات متوسطة الى ناجعة للتصدي للفيروس، فقد انتهجت معظمها سياسة الوقاية والحجر الصحي، الجزئي و الشامل و أجبرت مواطنيها طوعا و كرها إلى تطبيق الإجراءات الوقائية. اجراءات حصرت الفيروس التاجي وحدت من انتشاره، وهي تدابير وقائية تفطنت إليها الصين في منتصف الأزمة واتبعتها  بكل صرامة مما جعلها تسيطر على الوضع الوبائي و تنتصر عليه إلى حد ما.

كورونا: من الأوبئة الأقل فتكا على مر التاريخ

حسب تقرير نشرته صحيفة ‘ديلي ميل’ البريطانية عن أكثر الأوبئة فتكًا في التاريخ، ابتداءً من الطاعون الأنطوني حتى فيروس ‘كورونا المستجد’، يمكن اعتبار هذا الأخير من بين الأوبئة الأقل فتكا وضررا إلى حد اليوم.
إذا يعتبر الطاعون من أكثر الأمراض التي عايشت حقبات تارخية مختلفة بأشكال مختلفة و متجددة ، حيث تسبب نوع من الطاعون أطلق عليه اسم" طاعون جاستيان" في إبادة أكثر من 50 مليون شخص في حين حصد الطاعون الدملي الملقب أيضا "بالموت الأسود"، الوباء الأكثر شهرة و الذي نشر الرعب في القرون الوسطى، في قتل أكثر من نصف سكان العالم(200 مليون شخص).
و يعتبر وباء الجدري (قتل 56 مليون شخص)و الكوليرا و الايبولا(أبادت 12 مليون شخص)  و  الانفلونزا بأشكالها المختلفة " الأسيوية و الاسبانية و الروسية و انفلوانرا الخنازير" التي راح ضحيتها ما يقارب 53 شخص ،أيضا من أشد الأوبئة وطأة على الإنسانية.
و يبقى الإيدز الوباء الأكثر انتشارا و ديمومة و فتكا أيضا، حيث يعاصرنا إلى يومنا هذا و أودى بحياة أكثر من 35 مليون شخصا.
و هنا يمكن أن نعتبر فيروس كورونا 'كوفيد19" المستجد الذي بدأ انتشاره من مدينة يوهان الصينية و بلغ عدد الوفيات إلى حد اللحظة 40 ألف شخص، الفيروس الأقل خطورة من بينها.
حالات الشفاء تتضاعف و الفيروس تحت السيطرة
بلغت حالات الشفاء 175 ألف حالة أي بنسبة 24.5 %  من نسبة المصابين مقابل 4.8% نسبة وفيات. و تعتبرنسبة مهمة حيث أن العالم استنفر في الشهر الأخير و طبق اجراءات الوقاية وهو ما جعل الإصابات و الوفيات تنحصر في دوائر معينة أو مناطق معينة خاصة بعد تطبيق الحجر الصحي الشامل و حصر دائرة المشتبه في إصابتهم، وهو ما أثبت نجاعة في 9 دول من بينها 3 دول عربية على غرار الصين التي وصلت إلى 0 حالة في مرحلة ما و اليابان و البحرين و كوريا الجنوبية و إيران التي تعتبر البؤرة الرئيسية الثانية للوباء بعد الصين، وأول دولة في الشرق الأوسط يتفشى فيها كورونا بشكل مريع، و رغم ذلك بلغت نسبة الشفاء فيها  %36،إضافة إلى كل من روسيا و العراق و فلسطين و سنغافورة و إقليم هونغ كونغ
يذكر أن دولا أخرى سجلت عددا كبيرا من المتعافين لكن عدد الإصابات كان هائلا، مما أضعف معدل من تماثلوا للشفاء، مثل إيطاليا التي شهدت تعافي أكثر من 9300 شخص، وإسبانيا أزيد من 5300  شخص، وفرنسا 3900 شخص. و دول أخرى تعرف نسقا بطيئا في تفشي هذا الوباء على غرار ليبيا و تونس و مصر و المغرب .كما أن الفيروس لم يصل إلى 20 دولة حسب اخر الإحصائيات لمنظمة الصحة العالمية.

مواطنو العالم يتازرون و يتأقلمون..

غزت فيديوهات تحسيسية و أخرى تشجيعية و أخرى تحذيرية، و أخرى تبعث الأمل و تنشر التفاؤول و ترسم صورا جميلة للوضع العالمي أمام هذا الوباء" الخفي الغادر".

عازف إيطالي يعزف مقطوعة وطنية على شرفته و الجميع يصفق من الشرفات الاخرى، ومجموعات تغني نشيد بلدانها الوطني من الشرفات أيضا..

رسائل إيجابية غزت مواقع التواصل الإجتماعي إضافة إلى إجراءات عديدة سرعان ما تأقلم معها معظم سكان العالم كتعقيم المنازل و الفضاءات العمومية و الخاصة و احترام مسافات الأمان عند الخروج في الحالات الضرورية و الومضات التحسيسية في وسائل الإعلام و تضامن أبناء الشعب الواحد و تضامن الدول و غيره من الإجراءات المحفزة وصلت حد تضحية دول كثيرة النامية منها قبل المتقدمة بنموها افقتصادي مقابل صحة شعوبها.إجراءات و تجاوب أبهر العالم و كشفت عمق الإنسانية في الشعوب.

ومن أبرز هذه التدابير هي تطوع الكثيرين من مؤسسات و أفراد لتصنيع الأقنعة و الملابس الواقية و المعقم بل ووصلت إلى حد صناعة أقنعة خاصة و غرف عزل و روبوتات حجر في بعض الدول. هي اجراءات جابهت بها الدول نضوب مخزونها من هذه المواد الوقائية الهامة بل و الأهم لمجابهة فيروس كورونا كوفيد 19.

باتت الصور تنقل لنا محاولة العالم التأقلم مع الفيروس بمجرد تدابير وقائية في غياب علاج حقيقي لهذا الفيروس. ولعل عودة الحياة بنسق بطيء إلى بؤرة الوباء الأولى ، مدينة يوهان الصينية، تنبيء بقرب نهايته أو السيطرة عليه إضافة إلى المحاولات الحثيثة حول العالم لاكتشاف لقاح يقضي على هذا الفيروس التاجي المستجد.