الصين تنتصر متجاوزة ازمة كورونا  بمغادرة  الدفعة الأولى من العاملين الطبيين لمقاطعة هوبي  بؤرة  تفشي الوباء  ، ففي  الساعة السابعة من صباح اليوم الثلاثاء  غادر 43 عاملا طبيا من مقاطعة شنشي شمال غربي الصين، مدينة ووهان  .

وكان  3675 عاملا طبيا  قد ساعد ضمن 41 فريقا طبيا من جميع أنحاء الصين بـ14 من المستشفيات المؤقتة وسبعة مستشفيات مخصصة لعلاج المرض في ووهان، حاضرة المقاطعة ومركز تفشي الوباء.

اما في شنغهاي فاعلنت  مصلحة الثقافة والسياحة  أن 69 منطقة سياحية من الدرجة الاولى  إستأنفت تشغيلها حتى يوم امس الاثنين مع بدء انحسار الوباء  .

تجربة الصين تدعوك الى التوقف امام تلك المقدرة المذهلة للحكومة الصينية في التعامل مع الازمة وتجاوزها بثبات.  

في هذا الحوار تحدثت الى بوابة افريقيا الاخبارية الصحفية الصينية  باذاعة الصين الدولية  فيحاء وانغ عن تصدي الصين للازمة وكيف تعاملت معها وتجاوزتها 

حدثينا عن تجربة الصين وانتصارها على فايروس كورونا ؟

بمقاييس الصحة العالمية قلة عدد الإصابات الجديدة تعني محاصرة فيروس كورونا (بكوفيد-19) وحتى إن لم تنعدم فهذا يعد تغلبا من الصين على المرض بكل المقاييس. وقبل أيام زار الرئيس الصيني شي جين بينغ، مدينة ووهان مركز تفشي الفيروس، معلنا الانتصار عليه مما أدى إلى إغلاق عدد من المستشفيات المؤقتة التي أنشئت من أجل محاصرة المرض وعلاج المصابين، فقد بدأت الصين في تسجيل إصابات لا تتعدى الـ20 يوميا بعدما كانت تسجل في بداية الأزمة أكثر من ألفي إصابة.

ما هي هذه التدابير الصارمة التى اتخذتها الصين لمواجهة الوباء ؟

منذ بداية تفشي فيروس كورونا (بكوفيد-19) في الصين، اتخذت الصين حكومة وشعبا سلسلة من الإجراءات الصارمة للوقاية والسيطرة على انتشار الفيروس حيث طبقت الصين بالقوة الجبرية حجرا صحيا على حوالي 60 مليون شخص في مقاطعة هوبي التي سجلت أكبر عدد للإصابات في بداية التفشي، وفرضت قيودا صارمة على السفر، واستخدام التكنولوجيا في تطبيق الإجراءات الصارمة وتتبع تنفيذ المواطنين لها، كما قامت ببناء مستشفيين متخصصين لعلاج الحالات الشديدة في ووهان في غضون 10 أيام فقط كما حولت بعض الأماكن العامة مثل الملاعب الرياضية ومراكز المعارض إلى 16 مستشفى مؤقتا لاستقبال الحالات الخفيفة.

كثيرون من المقيمين في الصين قرروا البقاء  بل والمساعدة في حرب الصين ضد الفايروس ومنهم طالب ليبي الى اي درجة ساهم هذا الموقف النبيل في تعزيز حرب الصين ضد الوباء ؟

رغم أن الحرب ضد فيروس كورونا (بكوفيد-19) قاسية جدا، شعرنا بالدفء والحماية عندما قبلنا الدعم القوي من قبل الأصدقاء الأجانب المقيمين في الصين، فإن أخلاقهم الراقية ومساعداتهم الفعلية أدخلت القوة والحماسة في صميم قلوبنا وزادت ثقتنا في تحقيق الانتصار النهائي. جدير بالذكر أن الفيروس عدو مشترك للبشرية كلها، وفي هذا التوقيت الحرج، لا حل إلا التضامن والتعاون بين دول العالم. لذا أود التعبير نيابة عن جميع الشعب الصيني عن خالص الشكر والامتنان للجميع، فانتم الصديق عند الضيق.

اظهرت الصين تقدما تكنولوجيا في  مواجهة المرض هل حدثتينا عن هذا التحدي الكبير ؟

بعد تفشي فيروس كورونا الجديد فيها، استخدمت الصين جميع الوسائل وأحدثها، من رجال آليين وذكاء اصطناعي وكاميرات تستخدم الأشعة فوق البنفسجية وتكنولوجيا التعرف على الوجوه وطائرات مسيرة، من أجل الوقاية واحتواء الفيروس، حيث يمكن للناس في المنزل التحقق من آخر تطورات الوضع الوبائي وخريطة انتشار الفيروس على تطبيق الهاتف في أي وقت، مما ساعد على الحد من سفر الناس وتقليل قلقهم. 

وفي الوقت نفسه، قامت بعض المجمعات السكنية بتشغيل الطائرات المسيرة لقياس درجة الحرارة وتسجيلها عن بُعد للسكان، لتجنب حدوث العدوى الثانية الناجمة عن الاتصال الوثيق، حيث يمكن للطائرات المسيرة المجهزة بعدسة تصوير حراري بالأشعة تحت الحمراء مراقبة الضوء المرئي وضوء الأشعة تحت الحمراء، ويمكنها قياس درجة الحرارة على نطاق 3 أمتار بنسبة خطأ في القياس قدره 5%، وتنخفض نسبة الخطأ إلى 1% في حدود متر واحد.

بالإضافة إلى الخدمات المعلوماتية للأشخاص في المنازل، فإن الموظفين في الجبهة الأمامية لمحاربة الفيروس في حاجة ملحة إلى مساعدة المنتجات الذكية. وفي 6 فبراير، كانت مركبة لتوصيل الطرود بدون سائق تسير على شارع جيلين بحي تشنغشان بمدينة ووهان بهوبي. ووصلت المركبة إلى المستشفى التاسع بووهان بعد عبور عدة تقاطعات طرق، وتم الحصول على الطرد من خلال النقر على الشاشة الالكترونية على المركبة. ويعتبر أول طرد يرسله روبوت توصيل الطرود الذكي الذي قامت بتطويره شركة جينغدونغ بشكل مستقل، منذ انتشار الفيروس.

كما أن التكنولوجيا الطبية المتقدمة لا غنى عنها في السباق مع الزمن للتغلب على الوباء. وفي 5 فبراير، تم تشغيل رسميا مختبر يمكنه اختبار 10000 عينة جديدة لفيروس كورونا الجديد يوميا، ويمكن الحصول على نتائج اختبار الحمض النووي بمتوسط 4 إلى 6 ساعات، ما يزيد القدرة على الكشف عن الفيروس في ووهان ومدن مجاورة.

وتدخل المزيد من التكنولوجيا الفائقة حيز الاستخدام بعد الانتهاء من بناء مستشفيي هوشنشان وليشنشان بووهان للمساعدة على مكافحة الوباء من نواحي شاملة. حيث قام ثلاثة مشغلين رئيسيين وهم تشاينا موبايل وتشاينا تيليكوم وتشاينا يونيكوم، بالتعاون مع عدد من الشركات باستكمال تغطية إشارة الجيل الخامس في مستشفى هوشنشان في غضون 36 ساعة، كما نجحوا في بناء نظام التشاور عن بُعد بين مستشفى هوشنشان والمستشفى العام لجيش التحرير الشعبي الصيني ومقره بكين. وقدمت مجموعة لينوفو 2000 جهاز كمبيوتر وفريقا لخدمة تكنولوجيا المعلومات مرابطا في الموقع لبناء نظام المعلومات للمستشفى.

حاصر الصينيون  كورونا بحزم عظيم برغم قسوة التجربة ؟

قد تعرضت الصين والشعب الصيني للعديد من الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات وغيرها من التحديات الكبيرة الاجماعية والاقتصادية، كل مرة اعتمدنا على قوة التضامن بين الحكومة والشعب، ولدينا وعي قوي برؤية المصالح العامة وسلامة الآخرين أكثر أولوية في مواجهة الأزمات. وبفضل الالتزام الصارم بالاجراءات الوقائية، قد وصلنا إلى باب الانتصار على احتواء هذا الفيروس. 

فرضت الحكومة الصينية بنجاح حجرا صحيا على حوالي 60 مليون شخص في مقاطعة هوبي وهذا مالا يمكن تنفيذه في كل الدول هل الحكومة الصينية مستعدة للتعاون في دعم دول اخرى بتجربتها الناجحة ؟

بينما تحسن الوضع في داخل الصين باستمرار، انتشر فيروس كورونا (بكوفيد-19) في 146 دولة وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن هذا الفيروس قد أصبح جائحة تهدد البشرية. وقد قدمت الصين مساعدات طبية وأرسلت عدة فرق طبية متخصصة إلى العراق وإيران وإيطاليا وغيرها من دول العالم لمواجهة فيروس كورونا (بكوفيد-19) كما تبادلت الخبرات والتجارب للوقاية والعلاج لهذا المرض مع مختلف البلدان والمنظمات الدولية.

ماذ تقولين عن الصين بعد كورونا في الخريطة الاقتصادية العالمية ؟

بعد اندلاع فيروس كورونا الجديد في الصين، علقت العديد من الشركات السياحية والتجارية والصناعية عملها وإنتاجها، الأمر الذي أثار قلقا شديدا تجاه تباطأ نمو اقتصاد الصين ومخاطر انسياب الإمدادات العالمية، نظرا لأن الاقتصاد الصيني هو ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ويمثل احدى الحلقات المهمة في السلسلة الصناعية العالمية، حيث أعربت كثير من الدول المصدرة للطاقة أوالمشترية لقطع الغيار عن قلقها إزاء توقف الصين عن أنشطتها الصناعية.

ومن أجل تخفيف الآثار السلبية لاقتصاد الصين واقتصاد العالم كله، حاولت الصين استئناف تشغيل المصانع في أسرع وقت ممكن، حيث اتخذت الحكومة المركزية والحكومات المحلية سلسلة من التدابير لخلق ظروف ملائمة للشركات لاستئناف عملها. على سبيل المثال، قبل العودة إلى العمل، يجب أن يمر الموظفون بسلسلة من إجراءات التفتيش والتطهير. هذه هي الممارسة المحددة لسياسة " تنسيق الوقاية من الوباء ومكافحته واستعادة النظام الاقتصادي والاجتماعي".

وفي اليوم الـ17 من مارس الجاري، أفادت السلطات الصينية باستئناف العمل والإنتاج في أكثر من 90% من المؤسسات الصناعية الأساسية في معظم أراضي البلاد، باستثناء المناطق الأكثر إصابة بالفيروس.

كما قال روبرت ميرتون، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد والأستاذ بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، في خطابه المفتوح إلى الشعب الصيني: "نحن متفائلون بالتحسن طويل الأمد للاقتصاد الصيني، ونعتقد أيضًا أن الصين ستصبح أكثر قوة.

 وبالإضافة إلى ذلك، استأنفت الصين حركة المرور على الطرق في مناطق خارج مقاطعة هوبي بشكل طبيعي أيضا، وذلك يمثل جهودها للعودة إلى الأنشطة الاقتصادية الطبيعية خلال الحرب ضد فيروس كورونا الجديد. 

إن الحفاظ على نمو اقتصاد الصين ليس من أجل الصين  فقط، بل يهم دول العالم كلها، لذا ظللنا متفائلين بالانتصار على الفيروس وآفاق النمو الصيني.