نشرت مؤسسة "فيتش" العالمية للتصنيف الائتماني يوم الأحد قائمة تضم 17 دولة، قالت إنها إما دول مفلسة وعاجزة حاليا عن سداد ديونها الخارجية، أو في طريقها إلى الإفلاس استنادا إلى مؤشر تهاوي قيمة سنداتها السيادية المتداولة في الأسواق الأممية، حيث إن هذا المؤشر يعبر عن رؤية وتوقعات المؤسسات المالية والمستثمرين حول العالم لمدى قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية من سداد ديون وتمويل الواردات الأساسية.

رقم الدول المتعثرة، وفق التقرير،  قياسي بكل تأكيد ولم يحدث أن اجتمع كل هذا العدد من قبل في توقيت واحد، في السابق كان تسريب خبر عن إفلاس دولة واحدة يهز الأسواق العالمية، ويقض مضاجع حكومات تعاني من عثرات مالية وتخشى من الوقوع في مصيدة التعثر التي تفتح أبواب جهنم على الدولة المفلسة.

القائمة ضمت بلدين عربيين هما لبنان وتونس وذلك لأول مرة في تاريخ المنطقة. وعالميا، ضمت قائمة "فيتش" للدول المفلسة دولا مثلت صدمة للكثيرين مثل روسيا وسريلانكا وفنزويلا وباكستان والأرجنتين وأوكراينا وبيلاروسيا وزامبيا وغانا وإثيوبيا وطاجكستان والسلفادور وسورينام والإكوادور وبليز الواقعة بوسط أميركا.

لقد كشفت جائحة كورونا ومن بعدها الحرب الروسية الأوكراينية عن هشاشة عدد من البلدان، ولعل العاصفة الشعبية التي هزت أركان سيريلانكا ستمتد إلى كل الشعوب التي ترزح دولها تحت الفقر والفساد وسوء التدبير السياسي.

منذ فبراير الماضي، أوقعت الحرب الروسية الأوكراينية أغلب بلدان العالم في مأزق متعدد الأوجه: سياسيا واقتصاديا وأمنيا. تؤكد كل المعطيات أن الحرب ستطول، ومن المحتمل أنها ستتسع وتتسع معها حاجة العالم إلى القمح والغاز وستتعطل حياة الناس في عدد من البلدان الهشة وستكون الشروط متوفرة لهدم بعض الأنساق السياسية في أفق تنضيد الفضاء الجيوسياسي في طبعته الجديدة.

في بلداننا المغاربية، مازال هناك من يتابع الأحداث كمشجع رياضي، والغريب أن عددا من المثقفين المغاربيين شنوا حملة ضد السعودي الدكتور العيسى وأخرجوا كل ما في صدورهم من علوم الشيطنة وراهنوا على إسقاطه من جبل عرفة، ولم ينسوا حشر أنوفهم في الشأن المصري رفضا للصلاة المختلطة بين الرجال والنساء. 

ووكالة فيتش هي شركة عالمية رائدة في مجال خدمات المعلومات المالية، وثالث أهم وكالة للتصنيف الائتماني في العالم من حيث رقم مبيعاتها وحصتها في السوق، بعد كل من وكالتي موديز لخدمة المستثمرين وستاندارد أند بورز. وتعمل فيتش في أكثر من خمسين بلدا حول العالم تملك فيها مكاتب تمثيلية.

تقارير هذه الوكالة توفر المعطيات التي تكشف عن جودة نخبة الدولة المستدينة أو عن رداءتها. تقارير هذه الوكالة ومؤسسات أخرى على غرار تلك التي تهتم بقضايا الحقوق والحريات أو بالديمقراطيا والتنمية، أو تبحث في أسباب فشل الدول، تكشف عن الحالة الصحية للدول والمجتمعات وتدق ناقوس الخطر حتى يمكن لنخب تلك البلدان أن تحشد طاقتها لمعالجة الوضع.

لكن في بلداننا المغاربية، للأسف، تقف النخب على الطرف النقيض من تقارير هذه المؤسسات، بل تعمل على تسفيهها أو اتهامها بالتضليل، وفي ذات الوقت تقدم تشخيصا آخر للتخلف تنسبه إلى "غضب الله" أو إلى "الشيطان" أو إلى "الاستعمار" والأيادي الخارجية وما شابه.