قدم "أنغ لي" كعادته فيلم مطاردات قتالي يحفل بالطموح والابتكار، لكنه عجز مع ممثله الرئيسي بتحويل القصة لخيال علمي معقول، كما عجز عن استثمار روح الشاب المستنسخ ومعاناته، وبدت الشخصية الرئيسة وكأنها تحارب نفسها بضراوة وبدون اقناع، حيث تسلل الملل تدريجيا من ضحالة تنفيذ الفكرة، وبدا وكان كل من "أنغ لي وويل سميث" قد أفسدا انتاجا ضخما واعدا بهذا الخيال العلمي الحركي الغريب غير المتماسك!

*يكاد الفيلم يصل لذروة عاطفية واضحة وجذابة ثم يفسدها في اللحظات الأخيرة بلا سبب واضح سوى ضعف تماسك السيناريو فيدخلنا بمتاهة لا نعرف كيف نخرج منها، وهناك لا شك جهد كبير بطريقة اعداد هذا الشريط المبتكر بطرحه الفريد، لكن النتائج كانت مخيبة، وهو يمثل ربما اعادة غير شيقة لأحد النصوص القديمة منذ عقود في هوليوود، حيث سبق وقام "كلينت ايستوود" بمعالجتها في احد أفلامه القديمة المنسية.

*تكمن ميزة الفيلم الفريدة بدافعيته لتجاوز حدود السينما المعيارية، ربما مثل نماذج آفاتار وجرافيتي وحياة باي (هذا الأخير لنفس المخرج)، ولكنه قصر تماما عن الوصول لتخوم ابداع هذه التحف السينمائية اللافتة، بالرغم من نجاح المخرج أنغ لي بفيلمه المميز المدهش "حياة باي".

*وبالرغم من براعة التصوير السينمائي، فقد خرج الشريط برجل الجوزاء المحبط والقاتل المحترف وهو على وشك التقاعد، ثم يكتشف فجأة بسذاجة أنه تم استنساخه ببراعة بنسخة شابة أصغر منه بحوالي الثلاثين عاما، والذي يتم ارساله بمهمة قتله والتخلص منه...

حبكة "جيمي مان" هذه: فشل ذريع  بمحاولة تغيير مفهوم السينما!


*الغريب هنا أن هذا الفيلم لا يسعى لابهار الجمهور او مفاجأته، كما فعل نفس المخرج أنج لي البارع بفيلمي "مرتفعات برو كباك والنمر  الشرير والدراجون الخفي" سابقا، وهو مخرج معروف مخضرم طوال عشرين عاما، بالرغم من بذل جهود كبيرة لا يمكن انكارها، وبالحق فقد تفوق التصوير هنا على كافة العناصر الاخرى. لكن المخرج الشهير فشل بتقديم شريط جديد يغير مفهوم السينما التقليدي وتاه وضيع بوصلته تماما!

*يبدأ الفيلم مثيرا ومشوقا وحابسا للأنفاس في  لقطة الافتتاحية الشيقة "قنص العالم على متن قطار سريع"...ثم يضعف تدريجيا   بلا سبب مفهوم، وربما يكمن السبب بعجز "ويل سميث" عن تقديم ادائين منفصلين لذاته مع اختلاف عنصري العمر والزمان وربما المكان...لكن فكرة الاستنساخ رائعة حقا و"ديستوبية" وقد عجز المخرج عن معالجتها بشكل بارع وخاصة أثناء مشاهد القتال باليد، حيث بدا الشاب المقاتل وكأنه  صورة شبحية "كمييوترية" غير مقنعة، الابداع الاخراجي يتمثل هنا بطريقة تبني واظهار فكرة استنساخ الشخصية، ولكنه بقي عاجزا عن الاقناع سواء بالسيناريو او الحوار.

*هذا الفيلم يمثل تحديا سينمائيا لنمط الأفلام الرقمية من حيث عدم تماسكه وتحديد شخوصه، فبعد هزيمة مجموعة من عملاء جيمي يواجه كل من "هنري وداني وجونيور" استنساخا آخر روبوطي على شكل شاب يانع جديد، لكن هنري يمنعه من اطلاق النار على سيده الشرير لكي لا يؤنبه ضميره لاحقا، لأن كلاي كان بمثابة والده، ولكنه بلقطة غير مفهومة يقدم هو على قتله اخيرا...والسؤال الذي غفل عن استدراك المخرج هنا يتعلق بتأنيب الضمير فهل يملك المستنسخ ضميرا ولماذا اذن سعى منذ البداية لمطاردة والده البيولوجي (المستنسخ عنه) وقتله بضراوة في الأزقة مستخدما براعته بقيادة "الموتورسيكل" كما شاهدنا وانبهرنا ثم تراخى وتأثر عاطفيا! 

*يعود "هنري وجونيور" لأمريكا بامان، ثم نرى جونيور الحزين المحبط وهو يواجه سيده الصانع كلاي الخبيث المخضرم الذي يطلب منه باصرار أن يهزم هنري لكي يتجاوزه ولكنه يرفض ...أخيرا فبعد التأكد من عدم وجود مستنسخات جديدة اخرى، يجتمع هنري لاحقا مع جونيور، الذي التحق بالكلية الجامعية باسم الهوية المقترحة لوالده هنري "جاكسون بروغان"، ونرا "هنري وصديقته الجميلة داني" يخططان معا لمستقبل جاكسون الدراسي والعملي...