في مثل هذا اليوم 25 يونيو 2014 تعرضت الناشطة والمحامية لليبية سلوى بوقعيقيص للاغتيال في بنغازي تزامنا مع تنظيم الانتخابات التشريعية. 

بعد نشرها أسماء ثلاثة جنود ليبيين قتلوا في ذات اليوم في مدينة بنغازي على صفحتها بموقع "فيسبوك"، وكذلك صور للاشتباكات بينها صورة لسيارة أمام منزلها بها مسلحين تحمل العلم الذي ترفعه "ميليشيا أنصار الشريعة"، قامت مجموعة من الملثمين باقتحام منزل المحامية واردوها بالرصاص بينها رصاصة في الرأس فضلاً عن مجموعة من الطعنات النافذة. تم إسعافها إلى مركز بنغازي الطبي حيث فارقت الحياة بعد قليل بغرفة الإنعاش أثناء محاولة إنقاذها. دفنت في جنازة مهيبة في مقبرة الهواري الجمعة 27 يونيو 2014 رفقة رتل عسكري شارك بها مئات من المواطنين بينهم إعلاميين ونشطاء سياسيين وحقوقيين وعدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني.

ولدت سلوى سعيد بو قعيقيص في مدينة بنغازي في 24 أبريل 1963. حصلت على ليسانس قانون من جامعة بنغازي وامتهنت المحاماة. تعد ناشطة ليبرالية مدافعة بشدة عن حقوق الإنسان قبل احداث فبراير 2011 وبعدها. وكانت من مؤسسي المجلس الانتقالي السابق الذي قاد الاحداث منذ انطلاقها. كذلك كانت من مؤسسي (ائتلاف 17 فبراير) في بنغازي رفقة آخرين بينهم الناشط المغتال عبد السلام المسماري وهو الجسم الذي كان يُدير شؤون بنغازي خلال فترة التمرد على النظام الجماهيري.

كان آخر ظهور لبوقعيقيص مساء الأربعاء 25 يونيو عبر محطة تلفزيونية ليبية خاصة كشاهد عيان على الاشتباكات التي جرت بين الجيش النظامي وكتائب (للثوار) في محيط منزلها بمنطقة الهواري في مدينة بنغازي. وكانت بوقعيقيص تشغل حتى اغتيالها منصب نائب رئيس الهيئة التحضيرية للحوار الوطني الذي ستشرف عليه الحكومة الليبية لإجراء مصالحة وطنية شاملة. وكان آخر عمل لها صبيحة يوم اغتيالها هو المشاركة بالأدلاء بصوتها في الانتخابات التشريعية، حيث نشرت على فيسبوك صوراً لها وهي تدلي بصوتها في مكتب اقتراع.

وردت تفاصيل الجريمة في تقرير أمني يقول أنه في يوم الاربعاء الموافق 25 _6 _2014.. عند الساعة 23 بمقر الامن الوطني الفويهات بمعرفة ر.ع. عصام بوشيحة مأمور الضبط القضائي بالمركز.. حيث وردت إشارة هاتفية من ضابط الغفر المدرية لذلك اليوم مفادها اغتيال المحامية سلوي بوقعقيص في منزلها علية تقرر الانتقال إلي مستشفى بنغازي الطبي حيث أنه ساعة الانتقال وفتح المحضر حضر إلي المركز المواطن عبد الله بوبكر المطردي (خال سلوي) وأبلغ عن الواقعة وقال انه تم وصول جثمان المجني عليها إلي مركز بنغازي الطبي ولمزيد من الايضاح قرر مركز الشرطة سماع اقوال المواطن المطردي المبلغ عن الواقعة تم الانتقال بعدها إلي المستشفى.. وقد أدل المواطن المبلغ بتفاصيل الحادث.. حيث قال " اتصل بي ابني وقال لي ان الغفير الذي يحرس الفيلا التي تقيم بها سلوي بوقعقيص قد دخل علية مسلحين وقاموا بالرماية علية حيث أنه (الغفير) قام بالطرق علي المنزل المجاور لمنزل المرحومة وقال لهم الحقوا المرحومة سلوي فقلت له (أبنه) اذهب واعرف الموضوع تم بعدها اتصل بي (أبنه) وقال لي انها قد انتقلت إلي رحمة الله وهي غارقة في الدماء.

انتقل بعد سماع اقوال خال المرحومة رجال الامن بمركز الفويهات إلي مركز بنغازي الطبي لمعاينة الجثمان وعند وصولهم لم تتوفر سجانه للكشف عن الجثمان كون القتيلة إمراه لذلك تعذر الكشف علي جثمان سلوي وإلي حين ذلك أقفل المحضر بعد ان حررت رسالة حفظ للجثمان موجة لمركز بنغازي الطبي.

محضر مقتل سلوي بوقعقيص أعيد فتحه من جديد بنفس الهيئة السابقة والتاريخ وعلي تمام الساعة 23 حيث ساعة إعادة الافتتاح أفاد نقطة تفتيش (الامن) بالمستشفى وجود الغفير الذي كان في منزل المرحومة سلوي بوقعقيص وهو مصاب بطلق ناري وفور دخول رجال الامن إلية لوحظ انه في صحة جيدة والاطلاقة في رجلة ونظرا للوضع الامني في المستشفى ومدينة بنغازي تقرر الانتقال بالغفير إلي مركز الشرطة للاستدلال معه علي الواقعة وعلية اقفل المحضر من جديد. وبعد فتح المحضر للمرة الثالثة تقرر سماع اقوال الغفير المدعو(صالح احمد عبد القادر) مواليد (1990) مصري الجنسية كونه كان حاضرا للواقعة ومصاب بعيار ناري برجلة اليمني وبالنداء علية أجاب.

وبسماع أقوال شاهد الواقعة الأول (أسامة علي أبراهيم الشويهدي) أستدلالاً، جاء في أقواله امام ضابط التحقيق بالمركز من أنه "صديق المجني عليه (عصام الغرياني) وقد شاهد في يوم الواقعة جثمان المجني عليها (سلوي بوقعيقيص) بمركز بنغازي الطبي، فتوجه إلي منزلها برفقة بعض من أقاربها حيث شاهد أثار دماء بالمطبخ، وشاهد شخصان أخبره أحدهما بأنه وكيل نيابة، والآخر من الأدلة الجنائية، حيث قام بجمع حاجيات المجني عليها مع أقاربها الذي كانوا معه وتم تسليمها إلي العائلة، حيث أخبروه أقارب المجني عليها بأن الخزينة مفتوحة ومسروق منها أشياء ثمينة، وأضاف بأن المتهم الأول يعمل في منزل المجني عليه (عصام الغرياني) منذ فترة والأخير مختفي، ولا يعلم عنه شيئاً".

اما شاهد الواقعة الثاني (فتحي عبد الحميد علي النيهوم) فقد قال استدلالاً امام ضابط التحقيق أن "المجني عليها (سلوي بوقعيقيص) ابنة خالته، وفي يوم الواقعة كان بمنزل صهره حيث أتصل به جار المجني عليها وأخبره بأن هناك مجموعة مسلحة دخلوا علي المجني عليها وقتلوها وأن العامل الذي يعمل بمنزلها موجود لديه وهو مصاب بعيار ناري في رجله " حيث تكبل العديد من الصعاب والمتاعب في سبيل الوصول إلي مكان الواقعة، وعند الوصول إلي هناك وجد جار المجني عليها أمامه في الشارع ومعه مفاتيح الباب الخارجي، فقام بفتح الباب والدخول إلي داخل المنزل حيث شاهد المجني عليها وهي ملقاة علي الأرض والدماء تسيل منها، وبها إصابة غائرة جداً برأسها ودماغها علي الأرض فتيقن من وفاتها، حيث قام بلفها بواسطة قطعة من القماش ونقلها إلي سيارته، حيث وفي هذه الأثناء حضر العامل الذي يعمل بمنزل المجني عليها منقولاً في (برويطة) فقام بنقل المجني عليها وأسعاف المصاب إلي مركز بنغازي الطبي، وأضاف بأن العامل الذي يعمل بمنزل المجني عليها أخبره في الطريق بأنه يخشي من المجني عليه (عصام الغرياني) كونه ترك المجني عليها وهرب، كما أخبره بأن المجني عليه غادر المنزل قبل الواقعة بقليل، وأن الأشخاص الذين دخلوا علي المجني عليها وقتلوها خمسة أشخاص، أحدهما فقط غير مرتدي قناع علي وجه والبقية يرتدون أقنعة علي وجوههم.

المصري الغفير (صالح أحمد الجازوي) وهو الشاهد علي جريمة القتل يقول في محضر الاستدلال "نعم اصبت بطلق ناري وذلك عند تواجدي داخل منزل عائلة عيت عصام الغرياني زوج المتوفية سلوي بوقعقيص قد دخل عليا خمس اشخاص منهم اربعة ملثمين وواحد قمحي البشرة بأيدهم اسلحة نارية وقاموا برميي بسلاح ناري من ثم دخلوا داخل المنزل وقد سمعت صوت اعيره نارية وقد هربت ومن ثم غرفت بأن المدعوة سلوي بوقعقيص قد توفت وهذا سبب وجود الاصابة بي".

وردا علي سؤال ضابط التحقيق عن التفاصيل رد المصري الغفير قائلا "نعم اليوم (يوم الواقعة) عن الساعة 11 تقريبا (ليلا) بمنزل الأستاذة سلوي بوقعقيص بمنطقة الهواري بجوار المدرسة الدولية والذي حصل هوان عند الساعة 15 تقريبا حضرت سلوي بوقعقيص هي وزوجها عصام الغرياني إلي المنزل وقد مكثو فيه حتي جاءت الساعة 18 تقريبا حيث أنه قد خرج عصام الغرياني من منزلة بسيارته نوع متشي بيشي وقال لي انه يريد الذهاب للمحل لجلب اغراض العشاء وقد كانت سلوي بوقعقيص في المنزل حتي الساعة 21 تقريبا وبعدها وانا متواجد داخل غرفة الحراسة الخاصة بي عند سور المنزل قد سمعت صوت حيث عند خروجي شاهدت اربع اشخاص ملثمين يرتدون واقيات واحدهم غير ملثم واحد قمحي البشرة كان بيده سلاح ناري نوع مسدس وكان بيد الاخرين سلاح نوع كلاشن كوف حيث قام الذي بيدة مسدس بإطلاق النار علي طلقتين في رجلي ومن ثم قاموا بالدخول إلي داخل المنزل حيث انني قد سمعت صوت اعيره نارية داخل المنزل فقمت بربط ساقي بواسطة ملابسي الداخلية العليا وقمت بالركض والقفز إلي صديقي ابراهيم والذي قام بإسعافي واخبرته بأنه هناك اشخاص قد دخلوا علي المدام سلوي وقاموا بقتلها حيث جاء أحد اقرباءها وقاموا بنقلنا إلي مستشفى 1200 سرير وهذا ما تم".

بعد ذلك قام ضباط التحقيق بإعادة سماع اقوال المتهم الاول الحارس (استدلالا) من جديد لكنه هذه المرة أعترف بما هو منسوب إليه، حيث أعيد سماع أقواله بناءً علي طلبه ورغبته ليعترف بالواقعة دون أي ضغط أو أكراه أو تعذيب فقط أراد أراحة ضميره علي حد قوله بحسب ما جاء في محاضر استدلال الواقعة، فإن  الغفير او الشاهد او الجاني او المتهم بكل تلك الصفات التي سجل بها (صالح أحمد عبد القادر عبد الجواد الجازوي) في مختلف المحاضر وعديد الفقرات جاء في أقواله في ثاني استدلال معه أن "المتهم الثالث (سيد محمد عبد القادر عبد الجواد الجازوي) هومن قتل المجني عليها (سلوي بوقعيقيص) حيث قام بإطلاق الرصاص علي رأسها، وكان دوره يقتصر فقط، علي المراقبة وتهيئة الأمور له، وبعد تمام عملية القتل صعد المتهم الثالث إلي غرفة نوم المجني عليها وأستولي من داخلها علي مبلغ مالي وقدره مائة ألف دينار وقد قام قبل ذلك أي المتهم الثالث بخطف زوج المجني عليها المجني عليه (عصام الغرياني) بأن قام بملاحقته عند خروجه من منزله لأحضار بعض من حاجيات المنزل وقام بخطفه ووضعه في مزرعة بمنطقة الهواري بالقرب من مصنع الاسمنت، حيث قام بملاحقة المتهم الثالث بعد قتله للمجني عليها وسرقتها إلي أن وصلا إلي المكان المنوه عنه سابقاً، وهناك قام المتهم الثالث بذبح المجني عليه (عصام الغرياني) ودفنه بنفس المكان وقد قام بذلك بناءً علي تعليمات المتهم الخامس (حسن مفتاح يونس الجازوي) وهو أحد أعضاء درع ليبيا (1)".

الشاهد الذي تحول إلي متهم تابع خلال الاستدلال الثاني معه قائلا بأنه "أطلق الرصاص علي نفسه لأبعاد الشبهة عن نفسه وهو متعاون مع الجماعة الإرهابية المتطرفة التي قتلت المجني عليها، وخلص إلي القول بأنه رمي المجني عليها بواسطة بندقية نوع كلاشنكوف تخص المتهم الثالث، وأن الأخير قام برمايتها في راسها وطعنها".

وقالت منظمة العفو الدولية، إنه يجب على السلطات الليبية بذل المزيد من الجهد لحماية المدافعات عن حقوق الإنسان في البلاد والتحقيق في الهجمات العنيفة المتكررة ضدهن، وذلك بعد أربع سنوات من مقتل المحامية والناشطة الليبية الشهيرة في مجال حقوق الإنسان سلوى بوقعيقيص.

وقالت هبة مرعي المديرة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية "لقد كان اغتيال سلوى بوقعيقيص  نقطة تحول سلبية بالنسبة للنساء في ليبيا اللواتي كن يسعين بنشاط للمشاركة في الحياة العامة والسياسية في أعقاب انتفاضة 2011"

وأضافت "تدهور الوضع الأمني العام لليبيين بعد عام 2014 لكن النساء أصبن بشكل خاص، وأدى انعدام المساءلة عن الاغتيال إلى كشف مناخ الإفلات من العقاب على العنف ضد النساء اللواتي يتكلمن ، مما تسبب في تراجع بعض النساء من المجتمع المدني الليبي وإجبار الآخرين على الفرار من البلاد ".

في يوم اغتيالها كانت سلوى قد صوتت للتو في الانتخابات العامة الليبية، كما اختُطف زوجها عصام الغرياني في ذلك اليوم ولا يزال مكان وجوده مجهولاً.

وقالت ليلى مغربي  -المدافعة عن حقوق الإنسان التي أجبرت على الفرار من ليبيا بعد تهديداتها وهجماتها- لمنظمة العفو الدولية "بالنسبة لكل من النساء اللواتي اغتيلن، قامت السلطات والمجتمع ... بنسب قتلهن إلى السرقة في قضية سلوى، والأرث في حالة انتصار وقتل الشرف في قضية نصيب -الصحفية التلفزيونية نصيب كرنافة  التي قُتلت في مايو 2014-.

وأضافت مغربي "إدراك هؤلاء النسوة على أنهن ممثلات سياسيات متساويات مع السياسيين ليس خيارًا للسلطات، واغتيالهن لا يتلخص في عمل إجرامي لا أكثر".

وقامت منظمة العفو الدولية بتوثيق العديد من الأمثلة الأخرى حول العنف والاعتداء على أساس النوع الاجتماعي التي تستهدف المدافعات عن حقوق الإنسان في ليبيا ، بما في ذلك الاعتداءات والاختطاف والعنف الجنسي والتشهير على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقالت هبة مرعييف "منذ مقتل سلوى بوقعيقيص والاغتيالات التي أعقبتها ، شهدنا تصعيدا في العنف القائم على نوع الجنس ضد النساء اللواتي يواصلن النضال من أجل الاندماج السياسي".