تستحضر الثلوج التي تغلف القطب الشمالي بيئة سمعية بصرية في مخيلة الشاعرة والفنانة الهندية همالي سينغ سوان، الفائزة بجائزة "فريز" للفنانين. كانت الفنانة لسنوات تتأمل بهذا الغطاء الجليدي الذي تشبهه بـ "شاشة فارغة يتيح عرض الكثير من الأشياء، فيما كل ما يتطلبه هو المخيلة والمقارنات المبالغ بها"، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز".  

بإلهام من رحلة قادتها إلى القطب الشمالي، نسجت سردها عن أبعد نقطة على كوكب الأرض عبر وسائط متعددة كالأفلام والكلمات المنطوقة والموسيقى الحية، حيث تحدثت عن البيئة وقضايا الهوية وطبيعة الزمن الغابر.

علمت أن أرخبيل سفالبارد النرويجي لا تسكنه شعوب أصلية أو أساطير، فتحول المكان إلى قماشة فارغة لأساطير متخيلة لديها، ما تدعوه "مدرسة قديمة، قصيدة لأوفيد عن التحول" التي أكسبتها جائزة مجلة "فريز" للفنانين.

الفنانة كانت على مركب في القطب الشمالي عام 2017، عندما التقت بمؤرخ العلوم الكس رادير، الذي أخبرها أن بريطانيا في حقبة فكتوريا، كانت قلقة إزاء الوصول الوشيك لعصر جليدي آخر. هذا الخوف من "الآخر" المستعمر، أصبح متشابكا مع تخيلات لبيئات نائية تغزو شواطئ إنجلترا، على شكل تسرب جليدي أو تلوث.

وقد عرضت في فيلمها الخيالي المعروض في لندن إجابتها عن روايات أولئك المستكشفين والقلق الاستعماري لتلك الفترة، الفيلم بعنوان "نحن عكس ذلك، مثل ذاك 2" يتأمل بالجليد باعتباره أرشيفاً لقصص عرضة للفقدان مع ذوبان الجليد، وقد لعبت فيه الفنانة دور مخلوق استوائي يتحول إلى جليد، ربما شكل خيالي لإيقاظ تربة الغابة الصقيعية لتصبح كائناً حياً يتنفس.

تقول إن عملها يستمد من كتاب الخيال أمثال ايتالو كالفينو وخورخي بورخيس وقصص فولكلورية من الهند. وفيما كانت على متن السفينة متجهة الى القطب الشمالي أصبحت منغمسة في النظريات التي استوطنت هناك، وقد أحبت فكرة أن القطب الشمالي والجنوبي كانتا ربما جنتين استوائيتين في الماضي، مليئتين بالبعوض والديناصورات. وردا على ذلك، استدعت ما تصفه "غرابتها " الخاصة عبر استحضار رموز من ديارها.

أشكال عدة من التعبير وضعتها في فيلمها، ليس فقط أداؤها واشعارها ومقاطع فيديو عن القطب الشمالي، لكن أيضا مواد ارشيفية من مجلات مستكشفين من حقبة فكتوريا وبحوث أخرى. منحت من خلالها الفنانة الجليد صوتاً وأظهرت مدى سطوة القصص. أما الموسيقى التي صاحبت الفيلم فكانت من تلحين شريكها الموسيقي ديفيد سوان تابيسر، الذي ألف لحناً أصيلاً، تؤديه أربعة نساء ترافقن الفيلم، يشتمل على أجزاء من الحقبة الرومانسية بما في ذلك "الثلج" لإدوارد الغار.