أصدر المدير العام للصندوق العالمي للطبيعة، ماركو لامبرتيني، و الأمينة التنفيذية للأمم المتحدة، إليزابيث ماروما مريما، وماريا نيرا، مديرة إدارة البيئة وتغير المناخ والصحة في منظمة الصحة العالمية تحذيراً  في شكل تقرير مفصل ،شرح بشكل أساسي "العلاقة المتوترة بين الإنسان و الطبيعة" وبين كيف أن تجارة الحياة البرية ، من ثروات غابية و حيوانية، غير المنظمة وتدمير الغابات هو السبب الرئيسي وراء تأثير الأمراض الحيوانية على البشر محذرين من أوبئة أخرى جديدة تهدد العالم.

"يجب أن نعترف بأن الطريقة التي ننتج بها ونستهلك الغذاء حاليا، وتجاهلنا الصارخ للبيئة على نطاق واسع، قد دفعت العالم الطبيعي إلى حدوده القصوى"، هكذا دعا عدد من المنظمات الصحية، بما فيها الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والصندوق الدولي للطبيعة، الحكومات إلى التحرك على وجه السرعة لتغيير كيفية إنتاج الغذاء لحماية كوكب الأرض. كما أكدوا أن إزالة الغابات وتجارة الحياة البرية غير المنظمة هي المسؤولة عن أمراض مثل كوفيد 19 التي تنتقل إلى البشر داعين إلى وضع لوائح أكثر صرامة للتجارة في الحياة البرية وتحسين سلامة الأغذية.

فالنظام الغذاء العالمي غير المستدام يؤدي إلى تحويل مساحات واسعة من الأراضي إلى مناطق زراعية ما يهدد النظم الطبيعية ويزيد التفاعل بين الحياة الفطرية والثروة الحيوانية والإنسان. ففي عام 1990، تمت إزالة 178 مليون هكتار من الغابات، أي ما يوازي مساحة ليبيا، البلد الـ18 على مستوى العالم من حيث المساحة، كما أن 10 ملايين هكتار من الغابات يتم فقدانها سنوياً بفعل تحويل الأراضي لأغراض زراعية وغيرها من الاستخدامات.

و أكد التقرير "إن الطبيعة آخذة في الانخفاض حاليا على الصعيد العالمي بمعدلات لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية" وهذا يزيد بالفعل من تعرضنا للأمراض الجديدة.

وقال ماركو لامبرتيني، المدير العام للصندوق العالمي للطبيعة: "علينا بشكل عاجل أن نحدد الترابط بين ما تتعرض له الطبيعة من دمار وأثر ذلك على صحة الإنسان، وإلا فإننا سنكون على موعد مع وباء آخر قريباً، حيث يتوجب علينا كبح جماح استهلاك وتجارة الأحياء الفطرية بمعدلات عالية الخطورة، والحد من إزالة الغابات واستخدام الأراضي وإدارة إنتاج الغذاء بسبل مستدامة. وستساهم كل هذه الإجراءات في الحد من مسببات انتشار الأمراض بين البشر، فضلاً عن الحد من جملة المخاطر العالمية التي تواجه المجتمعات بما في ذلك فقدان التنوع الأحيائي وتغير المناخ، فلا مجال للنقاش وما يؤكده العلم واضح وصريح؛ علينا أن نعمل لصالح الطبيعة وليس ضدها، فقد أصبح الاستغلال غير المستدام للطبيعة خطراً محدقاً بنا جميعاً." 

و يعتقد بعض الخبراء  أن خفض استهلاك اللحوم يمكن أن يقلل من احتمال حدوث الأوبئة و بالتالي تناقص الاتصال الحيوانات والحياة البرية، وهو ما  يقلل إلى حد كبير من إمكانية انتشار الأمراض من الحيوانات إلى البشر. كما يقوم عدد من كبار قادة الصحة في العالم بوضع خطة للتعافي من الأوبئة الحالية  قبل  ظهور أوبئة  أخرى مستقبلا.

من الواضح أن  قادة الصحة في العالم حريصون على اتخاذ إجراءات جادة لتحسين العلاقة بين الطبيعة والبشرية  قبل حدوث فاشية أخرى في المستقبل، لكن الضرر الذي حصل إلى حد الآن و الذي سببه الإنسان للطبيعة" يصعب معالجته و الشفاء منه كليا" و يتطلب ذلك سنوات طوال و استراتيجيات صارمة ووعي كبير بالتغيير و تحسن "العلاقة مع الطبيعة" من البشرية جمعاء.