كثّف مفتي ليبيا المعزول الصادق الغرياني من إطلالاته الإعلامية في الفترة الأخيرة،حيث صعّد من وتيرة التحريض ضد قوات الجيش الوطني الليبي وداعياً إلى سفك المزيد من الدماء أبناء ليبيا، وذلك ردّاً على تقدّم الجيش في عمليته العسكرية لتحرير العاصمة طرابلس من الميليشيات المسلحة وتخليصها من الإرهاب الطي استوطن فيها طيلة السنوات الماضية.

وفي آخر فتوى له، دعا الغرياني الذي يقيم في تركيا،أهالي طرابلس لتشجيع أبنائهم على المحاربة في صفوف التشكيلات المسلحة التي تقاتل الجيش في العاصمة.وقال الغرياني في لقاء له ببرنامج "الإسلام والحياة" على فضائية التناصح إن الآباء والأمهات الذين يمنعون أبنائهم من المشاركة في الحرب، يمنعونهم من خير كثير، قائلاً: "إن كانوا يريدون الخير لهم فليسمحوا لهم بالخروج دفاعًا عن الحق والدين ودفع الصائل الباغي، لأن قتاله واجب شرعي" حسب قوله.

وأضاف الغرياني، في إجابة عن سؤال حول وجوب رضا الوالدين، للخروج لقتال الجيش، إن حالة طرابلس "جهاد دفع" ولا يشترط فيه رضا الوالدين، على حد تعبيره.

ومنذ اندلاع المعارك على تخوم العاصمة الليبية طرابلس في الرابع من أبريل/نيسان الماضي،سارع الغرياني كعادته للظهور والتحريض على القتل والتدمير،ففي 12 ابريل الماضي،دعا الغرياني، الذي يلّقب في ليبيا بـ"مفتي الدمّ والفتنة" من سمَّاهم بـ"المجاهدين وكتائب الثوار"، للنفير بعدتهم وسلاحهم إلى العاصمة طرابلس، مدعيّا أن "الجهاد والقتال ضد العدوّ واجب وفرض عين على كل قادر ولا يجوز التخلي عنه".

كما طلب من قادة الكتائب المقيمين خارج البلاد، وبالتحديد في تركيا، خاصة عناصر مجلس "شورى بنغازي" المصنّف تنظيما إرهابيا، العودة فورا إلى ليبيا والتوجه لجبهات المعارك، وقتال عناصر الجيش الوطني الليبي.

وفي 24 أبريل الماضي، أفتى الغرياني، بعدم تكرار أداء فريضة الحج والعمرة لمن أداهما، داعيا لتوجيه نفقات الحج والعمرة للميليشيات المسلحة التي تقاتل ضد الجيش الوطني الليبي.وأثارت فتوى الغرياني الغريبة موجة من الاستهجان والسخرية،لتضاف لسابقاتها من فتاوى التضليل، فقد دعا من قبل لإخراج زكاة المال للميليشيات المسلحة في طرابلس.

ولم تقتصر دعوات الغرياني لسفك الدماء على أبناء الجيش الليبي بل تعدتها لتشمل كل من يختلف مع المليشيات المتطرفة والأجندات المشبوهة،ففي مايو الماضي،أباح الغرياني قتل الاعلاميين الداعمين للجيش الليبي.حيث اعتبر ،في اصدار مرئي عبر قناة التناصح ،أن بعض القنوات الفضائية ووسائل الإعلام الليبية مرتزقة كمرتزقة السلاح، وحكم تلك القنوات هو حكم القتلة لأنهم يدعون إلى القتل ظلما وعدوانا ويتسببون فيه.

ويجاهر الغرياني المقيم حاليا في إسطنبول،بدعمه للإرهابيين وعدائه للجيش الليبي،ففى تصريحات سابقة قال المفتي المقال،"لا يوجد إرهاب في ليبيا، ويجب ألاّ تطلق كلمة الإرهاب على أنصار الشريعة فهم يَقتُلون ولهم أسبابهم، من مات منهم فهو شهيد". ولم يكتف المفتي الليبي بتصريحاته المنحازة للمتطرفين حيث أصدر فتوى تقول "إن من ينضم إلى اللواء خليفة حفتر ويموت معه، يخشى أن يموت ميتة جاهلية، وكل من يقاتله ويموت فهو شهيد وفي سبيل الله". حسب قوله.

ومن أكثر تصريحاته اثارة للجدل حديثه أمام مؤيديه بأن الحرب في ليبيا هي حرب بين الإسلام والكفر، وحرّض أتباعه على دعم قوات فجر ليبيا؛ مما دفع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التابعة لوزارة العدل الليبية، إلى إصدار بيان رسمي أعلنت فيه أن "الصادق الغرياني هو مجرم حرب"، معتبرة أن حديثه وفتاواه يحرضان على العنف والقتل.

الغرياني الذي يسعى لرهن بلاده لأجندات خارجية لم يتوانى في مايو الماضي عن شكر الرئيس التركي على تصريحه بدعم المليشيات بكل ما تحتاجه من سلاح؛ودعا الغرياني "المسؤولين أن يغتنموا هذه الفرصة للمسارعة إلى عقد تحالفات مع تركيا وقطر والدول الصديقة".واضاف بحسب ما أفادت دار الإفتاء الليبية، أن "تركيا عرضت أن تقف مع المقاتلين بقوة وأن تدعمهم؛ فعلى المسؤولين أن ينتهزوا هذه الفرصة ويعقدوا الاتفاقيات مع الدول الصديقة، ويدفعوا الأموال لتحقيق ذلك"، داعيا إلى "توثيق العلاقات مع الدول التي تقف معنا في وقت محنتنا".

وتعتبر تركيا مقرا آمنا لقيادات الإرهاب في العالم خاصة ليبيا،التي تحرض عبر منابرها الإعلامية وقنواتها الفضائية التي تبث من تركيا ضد الجيش الوطني الليبي والليبين الذين يدعمون الأمن والاستقرار في البلاد،على غرار عبدالحكيم بلحاج، زعيم الجماعة الليبية المقاتلة، والاخواني علي الصلابي  و"مفتي الإرهاب" الصادق الغرياني وغيرهم.

وتبث من تركيا عدة قنوات داعية للإرهاب خاصة قناة التناصح،التي يطل عبرها الصادق الغرياني.وتاسست قناة التناصح عام 2014، هي واحدة من أبرز قنوات الإرهاب التي تبث من أنقرة، وإحدى أبرز الأذرع الثقافية والإعلامية للتنظيمات والجماعات المتطرفة المنتشرة في البلاد.

ويصف مراقبون القناة بـ "الجناح الشرعي" لتحالف قوى الإرهاب التركي في ليبيا، والذي يضم عدة جماعات وتنظيمات منها جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية، والميليشيات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة أو القريبة منه مثل مجلس شورى الثوار، وسرايا الدفاع عن بنغازي، وجماعة فجر ليبيا التي قادت الانقلاب على مجلس النواب الليبي المنتخب في يونيو من العام 2014، بعد سقوط قوى التيار الإسلامي في الانتخابات التشريعية التي أجريت في العام نفسه.

وكشفت العديد من التقارير الدولية عن حجم التمويل التركي لمؤسسة التناصح، والذي قُدر بملايين الدولارات، فيما تبنت المؤسسة الإرهابية الأجندة التركية التخريبية، بالسعي إلى تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة للجماعات والتنظيمات المرتبطة بإردوغان.وحرصت التناصح على نشر رسائل إعلامية تحرض فيها على القتال وإراقة الدماء بين صفوف الليبيين، داعية الشباب للانضمام للجماعات والتنظيمات الإرهابية من أجل تخريب وتدمير مؤسسات الدولة الليبية، علما بأن القناة يديرها أبو الحارث سهيل الغرياني، ابن المفتي المعزول الصادق الغرياني.

ويؤكد العديد من المتابعين للشأن الليبي أن المهمة الأساسية لقناة التناصح هي تعظيم الدور التركي وتسليم أنقرة مفاتيح ليبيا لإعادة الاحتلال العثماني وفي يوليو أعلنها القيادي الإخواني عضو المؤتمر الليبي المنتهية ولايته محمد مرغم، حيث دعا إلى تدخل تركيا ضد الجيش الوطني الليبي.

كما تبث من تركيا عدة قنوات داعية للإرهاب على غرار ليبيا الأحرار، والنبأ وقنوات دعم الإرهاب التابعة للإخوان في العالم مثل الشرق ومكملين وغيرها.كما تورطت أنقرة في الدعم المباشر للإرهابيين، حتى أصبحت العلاقة بينهم مكشوفة،خاصة في أعقاب اندلاع معركة تحرير طرابلس.

وكشفت المعركة الدور التركي المشبوه حيث واصلت جكومة أردوغان ارسال شحنات السلاح الى ليبيا والتي كا آخرها أواخر مايو الماضي حين وصلت سفينة قادمة من ميناء "سامسون" التركي، محمّلة بأسلحة وذخائر متنوعة وآليات عسكرية إلى ميناء العاصمة طرابلس، حسبما وثقته صور ومقاطع فيديو التقطت على متنها، أظهرت كذلك لحظة تسلّم الشحنة من طرف كتيبة "لواء الصمود" التي يقودها المعاقب دوليّا صلاح بادي.

ولم تكتفي أنقرة بارسال سفن السلاح بل دفعت بعناصرها الى ساحة المعركة حيث نشرت "شعبة الإعلام الحربي" التابعة للجيش الوطني الليبي، على حسابها في موقع "فيسبوك"،منذ أيام، شريطًا مصورًا يظهر ضابطًا تركيًّا يدرب المسلحين على قيادة مدرعات تركية وصلت أخيرًا إلى العاصمة الليبية، مشيرة إلى أنّ الفيديو عثر عليه في هاتف أحد المقبوض عليهم.

ويعول "اخوان" ليبيا على الدعم التركي في تسليح المليشيات وتوفير الغطاء السياسي لها، ووصل بهم ها الارتباط الى حد طلب التدخل التركي ضد الجيش الليبي في أكثر من مناسبة.وتسعى أنقرة لتقويض الأمن في البلاد، وتزويد الميليشيات بالأسلحة والأموال،وهو ما أكدته سفن السلاح التي تم ضبطها في أكثر من مناسبة قادمة من تركيا باتجاه الجماعات المسلحة في ليبيا.

صحيفة "واشنطن إكزامينر"  قالت في تقرير لها يناير الماضي إن تركيا لم تكتف برعاية الإرهاب في كينيا والصومال وسورية فقط بل تخطتها إلى دول أخرى أبرزها ليبيا من أجل زيادة الانقسام والفتن والفوضى.وأضافت الصحيفة: العلاقة بين الاستخبارات التركية والإرهابيين في ليبيا وثيقة للغاية، لافتة إلى شحنات الأسلحة التي أرسلتها أنقرة للكيانات المتطرفة بليبيا في تحدٍ لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، إضافة للقنوات الليبية التي تبث من تركيا وتدعم الإرهاب في البلاد.

يؤكد الكثيرون أن القنوات المحرضة لا تقل خطورة عن السلاح،وهو ما أكده العقيد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الليبي،الذي حذر من خطورة الفضائيات الليبية التي تبث من تركيا وتخدم أجندات الإسلام السياسي والجماعات الإرهابية، على الأمن والسلم في ليبيا، معتبرا أنها تضر بمصالح الوطن العربي كله خاصة بأمن واستقرار ليبيا.

المسماري كشف في مؤتمر صحافي في شهر يناير الماضي، أن أنقرة لا تدعم الإرهاب في ليبيا بالأسلحة فقط، بل تقوم بتأجيجه إعلاميا، بعد أن أصبحت "قاعدة إعلامية" تحتضن على أراضيها عددا من القنوات الليبية تابعة لعناصر متطرفة وجماعات إرهابية تكن العداء للدولة، وتقود الفوضى في ليبيا وترعى الإرهاب داخلها.

ومنذ انطلاق عملية "طوفان الكرامة" التي أعلنها الجيش الليبي في الرابع من أبريل/نيسان الماضي،تقدمت العناصر والجماعات المتطرفة والإرهابية من تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الصفوف الأمامية للمليشيات التي تتصدى للقوات المسلحة،وظهرت العديد من العناصر المعروفة بانتماءاتها الارهابية في المعركة.

وفي ظل سيطرته على مناطق واسعةٍ في البلاد،يواصل الجيش الوطنى الليبى عملياته العسكرية لتحرير المدن الليبية من التنظيمات الإرهابية التى حاولت السيطرة على مفاصل الدولة،مستغلة في ذلك تردي الأوضاع الأمنية وتواصل الصراعات بين الفرقاء وسط غياب تام للدولة واجهزتها.ويجمع المراقبون أن انهاء نفوذ المليشيات في العاصمة سيكون بداية لانهاء الفوضى في البلاد وسيغلق الباب أمام المساعي التركية لنهب ثروات الليبيين.