لم تخرج مدينة فاس  المغربية عن دائرة القلق الوطني والعربي المرافق لميلاد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف اختصارا ب»داعش»، خاصة بعد تفكيك الخلية الإرهابية الأخيرة المشكلة من 6 أشخاص بينهم معتقل سلفي سابق وتلميذ من إقليم تازة ومعاق من دوار بجماعة عين الشقف بمولاي يعقوب ، كانت تنشط بالمدينة وتخصصت في استقطاب وتجنيد متطوعين للقتل بالبلدين. 

تفكيك هذه الخلية من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بتنسيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ومصالح أمن فاس، كان بمثابة إنذار للمصالح الأمنية بمختلف تشكيلاتها ومهامها ومسؤولياتها، لاتخاذ الاحتياطات الضرورية لشل أي تحرك مماثل من قبيل ما أقدمت عليه من التغرير بشباب من المدينة وتهجيرهم للقتال بسوريا والعراق، بتنسيق مع قياديي تنظيمات مماثلة بالبلدين.

ولن يهدأ بال أمن المدينة إلا بضبط الأمور واكتشاف الخيوط الكاملة الموصلة إلى تحديد أوجه التنسيق بين تلك التنظيمات ومصادر التمويل وكيفية التهجير، بعدما كانت الصدفة قبل تفكيك الخلية، وراء اكتشاف محاولات عائلات سلفيين تصفية تركتهم بطرق لا تخلو من تزوير، استعدادا لالتحاق الزوجات والأبناء بأرض الشام، اثنان منها عرفا طريقهما إلى ابتدائية المدينة التي تابعت المتورطين.

وبات الشغل الشاغل للأجهزة الأمنية، ضبط أي خيط رفيع ل"داعش" بهذه المدينة وغيرها من المدن والأقاليم المغربية التي يمكن أن تكون هدفا رئيسيا أو ثانويا لهذا التنظيم الإسلامي الذي لم يتوانى في تكفير رموز السلفية منتقدي تجنيد الشباب للقتال، خاصة أمام ما تتداوله التقارير الإعلامية من وضع هذا التنظيم لمنطقة المغرب العربي، نصب أعينه وإعلانه قرب تأسيس فرع بها. 

وتقول مصادر "الصباح" إن خطة أمنية محكمة وضعت لضبط الأمور انطلاقا من حصر لوائح الشباب المشتبه في علاقاتهم ببعض التنظيمات بالعراق وسوريا، بكل المقاطعات الستة وفي ضاحيتها فاس، وتتبع خطواتهم واتصالاتهم وتحركاتهم اليومية وما إذا كان لهم تنسيق داخلي في ما بينهم بحثا عن أي معلومة يمكن أن تقود إلى مواجهة أي تهديد، قبل القيام بأي عمليات استباقية لمواجهته بقوة.

ورغم أن الأمور تبدو عادية وطبيعية إلى الآن، فالتخوفات تكبر من احتمال استغلال تلك التنظيمات الإرهابية للهشاشة الاجتماعية ببعض الأحياء التي شكلت طيلة سنوات بؤرا تلفظ مختلف أنواع حمم الجريمة والتطرف، للتغرير ببعض شبابها خاصة العاطل عن العمل الذي يعاني الفقر وانسداد الآفاق المستقبلية، وإغرائه للهجرة بداعي "الجهاد" كطريق للجنة، الذي يعمي البصر والبصيرة.

وهو الخطر الذي نبه إليه حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال، بنفسه ليلة الجمعة الماضي في لقاء تواصلي مع مناضلي حزبه بالمركب الثقافي الحرية بفاس، مؤكدا أن الشباب المغاربة يشكلون نسبة مهمة من الذين يجندون للقتال بسوريا والعراق بعد إخضاعهم لتداريب عسكرية حول استعمال الأسلحة وتقنيات صناعة المتفجرات وتعبئة بعضهم لتنفيذ عمليات انتحارية بالبلدين. 

*عن « الصباح » المغربية