لا تزال ليبيا حبلى بالأحداث التي تتسارع يوما بعد يوم مع تواصل العجز الدولي عن تحقيق توافق بين الفرقاء ينزع فتيل التوتر ويؤسس لعودة مفاوضات تذهب بالبلاد الى تسوية سياسية شاملة تنهي سنوات من الانقسامات والصراعات التي حولت ليبيا الى بلد تعمه الفوضى وتتنازع حوله القوى الدولية طمعا في ثرواته.
وتتجه الأوضاع في غرب ليبيا نحو مزيد مع تصاعد حدة التردي الأمني والمعيشي وهو ما دفع الى خروج مظاهرات تنديدا بعجز حكومة الوفاق وضعفها.وأظهرت صور تداولها نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي إشعال المتظاهرين النيران في إطارات السيارات في شوارع مدينة الزاوية.وأعرب المتظاهرون عن استيائهم من الوضع الذي وصلت إليه مدينة الزاوية على المستوىين الخدمي والأمني، مطالبين بإسقاط المسؤولين الفاسدين بالمدينة ومحاسبتهم.
وفي العاصمة طرابلس،تجمع المتظاهرون في ميدان الجزائر وسط المدينة للتنديد بتوّقف الخدمات العامة للناس خاصة أزمة الكهرباء وتأخر الرواتب إلى جانب الانفلات الأمني بسبب انتشار المرتزقة، وهتفوا بشعارات هاجموا فيها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق وانتقدوا من خلالها لا مبالاة المسؤولين بأوضاعهم وتأخرهم في إيجاد الحلول، وأخرى تطالبهم بالرحيل، مثل "لا نواب ولا رئاسي.. الشعب الليبي ولّى يساسي (أصبح يتسوّل)"،و"الشعب يريد دولة".وفق ما أوردت "العربية". 

   

وتاتي هذه التطورات بعد دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي على مدار الأيام الماضية للخروج في مظاهرات للتنديد بالاوضاع المعيشية المتردية وانعدام الخدمات علاوةً على الانفلات الأمني الذي تشهده المدن والمناطق في غرب البلاد على وقع انتشار المليشيات المسلحة والمرتزقة والعناصر الارهابية الموالين لتركيا.
 وتعيش مدن غرب ليبيا أزمة خانقة بسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي يمتد لـ10 ساعات يوميا،اضافة الى أزمة التزود بالمياه جراء التعدي على مياه النهر الصناعي،إفضلاً عن ارتفاع الأسعار،وتأخر الرواتب وانعدام الخدمات.
وفي هذا البلد الغنيّ بالنفط، يعيش الليبيون  وسط نقص كبير في الوقود السائل أو الغاز الطبيعي، ما يدفعهم للوقوف بالساعات أمام المحطات، وفي الغالب يغادرون دون الحصول على احتياجاتهم.
وأعربت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا ، عن قلقها الشديد إزاء استمرار تفاقم الأزمة الإنسانية والمعيشية والصحية والاقتصادية التي يمر بها المواطنون في ليبيا، من انقطاع التيار الكهربائي وانعدام الخدمات الأساسية للمواطنين وانهيار النظام الصحي وسوء إدارة الأزمة الصحية جراء جائحة كورونا وانهيار قيمة الدينار الليبي، وغلاء الأسعار، وانعدام السيولة النقدية المحلية من البنوك، وتأخر صرف المرتبات بعموم البلاد.
وعبرت اللجنة، عن استيائها من الفشل الكبير للمجلس الرئاسي في توفير الاحتياجات والخدمات الأساسية وتوفير أساسيات ومتطلبات الحياة الكريمة للمواطنين، وتحسين الوضع الإنساني والمعيشي للمواطنين والذي أسهم بشكل كبير في زيادة تردي الأوضاع الإنسانية والمعيشية للمواطنين.
وأكدت على أن المعاناة الإنسانية والمعيشية التي يمر بها المواطنون الليبيون تتفاقم، لتصل إلى درجات غير مسبوقة، حيث يعيشون تحت وطأة انهيار الخدمات الأساسية بشكل كامل، وهو ما يُنذر بحدوث كارثة إنسانية غير مسبوقة في ليبيا.
ويحمل الليبيون حكومة الوفاق مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية، وتردي الخدمات وتفاقم الفساد، بسبب تعويلها على الميليشيات المسلحة التي تسيطر على مفاصل مؤسسات الدولة،وارتهانها لتركيا التي تنهب ثروات البلاد بعد أن فتحت لها حكومة السراج الباب لتحقيق أطماعها.
ففي الوقت الذي يعيش فيه الليبيون هذه الأزمات دعم البنك المركزي الليبي،نظيره التركي بوديعة تبلغ 8 مليارات دولار مع إلغاء أي فوائد، وفقا لـرئيس لجنة إدارة أزمة السيولة بمصرف ليبيا المركزي رمزي الأغا، لمدة 4 سنوات، وبدون أي فوائد، كما يتقاضى المرتزقة السوري الواحد في ليبيا راتب 2000 دولار شهريا وفقا لتقارير اعلامية. 


ويأتي ذلك، بالتزامن مع خلافات تفجرّت داخل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الذي يعيش على وقع تصدّع وانشقاقات كشفت عنها الانتقادات الحادة لرئيس حكومة طرابلس من طرف نائبه أحمد معيتيق، الذي انتقد "تفرد السراج بالسلطة" ودعا الليبيين إلى التظاهر و"المطالبة بفتح تحقيق في الأموال التي صُرفت وأين صُرفت وأوجه صرفها"، والتحقيق في "مستوى الخدمات المتدني الذي تسببت فيه سلطة الفرد المطلق وقراراته التي نتج عنها تدنٍ في هذه الخدمات".
وكان معيتيق أكد في مذكرة وجهها إلى مجلس رئاسة مجلس الوزراء بحكومة الوفاق،في وقت سابق أن رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج "لا يملك صفة رئيس مجلس الوزراء، وأن هذه الصفة تؤول لمجلس يتشكل من رئيس مجلس الرئاسة ونوابه ووزيري دولة".
وأضاف أنه "وفقا لاتفاق الصخيرات فإن رئاسة الوزراء تتمثل في مجلس رئاسة الوزراء، وأن هذا المجلس يتشكل من رئيس مجلس الرئاسة ونوابه ووزيري دولة، مع العلم بأن الرئيس وفق اتفاق الصخيرات هو رئيس مجلس الرئاسة ولا يملك شخص الرئيس صفة رئيس مجلس الوزراء".


وفي المقابل،شنت قوة حماية طرابلس هجوما حادا على جماعة "الإخوان" الليبية ،واصفة إياها بالورم  الذي ينخر في جسد البلاد.وقالت قوة حماية طرابلس، فى بيان رسمى، اليوم الجمعة:"إن أفعال هذه الجماعة المفسدة في الأرض منذ تغلغلها في مفاصل الدولة إلى يومنا هذا قد فاق الوصف من شدة إنهاك الدولة والفساد فيها وتخريبها.
وحذرت قوة حماية طرابلس كل من تسول له نفسه المساس بالوطن والمواطن، بأن "القوة" لازالت بالمرصاد لها، وتابع البيان "لا تزال هذه الفئة الضالة مستمرة في نهجها المُخرب من افتعال الأزمات، وخنق للوطن والمواطن، ومحاربة وتشويه القادة والشرفاء منا؛ ممـن قدموا دمائهم وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن الوطن".
ويبدو أن هذا الهجوم يأتي كرد على المظاهرات ضد سياسات رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، التي دعا اليها معيتيق وقيادات اخوانية.ويشير مراقبون الى أن هذا التطور يكشف عن التوتر الكبير بين مليشيات طرابلس ومليشيات مصراتة وهو ما ينذر بجولة صراع قادمة قد تكون أكثر حدة وخطورة خاصة مع انتشار الآلاف من المرتزقة والارهابيين في غرب البلاد.