قال تقرير صحفي أثيوبي أن النظام القطري خسر  حضوره في  القرن الإفريقي بعد إنكشاف الدور التخريبي الذي كان يقوم بها في دول المنطقة، ومنها أثيوبيا عبر تدخله المباشر في الشؤون الداخلية لتلك الدول، ومساندته لبعض الإثنيات والشعوب على حساب أخرى، إنطلاقا من مواقف عنصرية، كان من بين ضحاياها شعب أوروميا الذي يقود الحكم حاليا في أديس أبابا من خلال رئيس الوزراء آبي أحمد علي.

وإتهمت إذاعة مستقبل أوروميا الإخبارية، وهي أول إذاعة ناطقة باللغة العربية في أثيوبيا، في تقرير لها قناة «الجزيرة» بدس إنفها في الصراعات الداخلية ومن ذلك  تغطيتها الميدانية لحرب جبهة الوطنية لتحرير أوغادين مع الحكومة الاثيوبية عام 2004 بدعوى ان شعب الاوغادين هو من اصول عربية، ومع التجاهل التام للثورة الاورومية الممتدة لاكثر من عقد من الزمن ضد الانظمة الاثيوبية نفسها التي كان الاوغادينيون بحاربونها بدعوى ان الشعب الاورومو افريقي من العنصر الحامي لا يستحق الالتفات اليه، وقالت أن الجزيرة فتحت مكتبا لها في أديس أبابا  بعد الإتفاق مع  جبهة تحرير تجراي،  ولكن بشروط منها ان يكون المدير العام للمكتب الصحفي محمد طه توكل وهو ينتمى الى قبيلة جبرتي التي  تعود أصولها للجزيرة العربية  ولكنهم للاسف واصلوا نفس النهج الذي كانوا يفرقون به بين النضالين الاورومو والاوغاديني ضد الانظمة الاثيوبية المتعاقبة التي هي نفسها لم تفرق بين النضالين ( الاورومو والاوغادين).

وتابعت الإذاعة «ولكن هذه المرة من داخل اثيوبيا نفسها حيث بدات القناة القطرية بايفاد الصحفيين  على سبيل المثال الى منطقة  هرر ع التي تبعد عن العاصمة أديس ابابا بحوالي 520 كلم لإنجاز  فليم وثائقي  عن الاقلية ( الطائفة ) الهررية دون ذكر حتى لأصحاب الارض (الشعب الاورومو) التي كانوا يمشون عليها ولو بكلمة عابرة ».

و»في موقف اخر اتفقت الجزيرة مع جنرالات الويان على إنجاز فيلم  وثائقي اخر من منطقة دارو  في شرق اوروميا بدعوى كاذبة مفادها ان هناك اقلية صومالية تعرضت للمجزرة من قبل الاوروميين، ولكن اذاعة مستقبل اوروميا للاخبار استطاعت افشال خطتهم هذه في وقتها » .

وأردفت الإذاعة أن «القناة القطرية لم تقم بذكر حوالي مليون مواطن اورومي هجروا من بيوتهم وقراهم من مدينة جكجيكا وضواحيها من قبل ملشيات ليوا بوليس  ناهيك عن تجاهلها للهجمات المتكررة من هذه الميلشيات على كل من منطقة بالي، وهررغي، ومنطقة بورنا، وغوجي وغيرها من المناطق الاورومية بالاضافة للتجاهل التام لكل ما يمت بصلة للشعب الاورومو في اثيوبيا .»

و»لكن على مايبدو ان انتصار الثورة الاورومية في اثيوبيا قد قلب كل الموازين لديهم حيث الذين الان في السلطة هم من ابناء قومية الاورومو الذين كانت الجزيرة تمارس ضدهم ابشع انواع التجاهل والعنصرية، هؤلاء القادة منذ وصولهم للسلطة اداروا ظهورهم على ما يبدوا لقناة الجزيرة ومن خلفهم لدولة قطر التي نذرت نفسها لخدمة بعض الأقليات في كل مكان من العالم، والتجاهل التام لكل شعوب العالم مهما كانت قضاياها عادلة ».

وأردفت الإذاعة الأثيوبية أن « هذا الامر  سوف يؤثر على علاقات دولة قطر بالدول المجاورة مثل جمهورية الصومال وارتريا وجيبوتي وغيرها من دول منطقة القرن الافريقي التي سوف يكون المرور إليها عن طريق اثيوبيا ومن ورائها دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية دون غيرهما » .

وتابعت أنه « وانتقاما لهذا التجاهل القطري للشعب الاورومو الذي يمثل 60% من اجمالي السكان في اثيوبيا قام وزير الخارجية الاثيوبي الدكتور ورقني غبيوا بسحب سفير اثيوبيا لدى دولة قطر وتعينيه في المملكة العربية السعودية، والزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الاثيوبي لكل من الرياض وابوظبي والاتفاق الاماراتي الاثيوبي الاخير بخصوص الموانئ في مقديشوا استفز على ما يبدو  دولة قطر التي حركت بعض خلاياها في اثيوبيا الذين قاموا بتظاهرات متفرقة في بعض القرى والمدن داخل منطقة اوروميامطالبين باسقاط مجلس الاسلامي الاعلى في اثيوبيا»

وذكرت الأذاعة أن مسلمي اثيوبيا كانت لهم مواجهات عدة مع الحكومة الاثيوبية ابان رئيس الوزراء الاثيوبي الراحل ملس زيناوي بخصوص اعتراضهم على سياسات المجلس الاعلى الاسلامي في اثيوبيا الذي تؤيده الحكومة الاثيوبية، ولكن دولة قطر هي التي اخمدت هذه الثورة الخاصة بمسلمي اثيوبيا، لصالح جبهة تحرير تجراي حيث قامت بسحب اغلب الزعماء المسلمين من اثيوبيا الى العاصمة القطرية الدوحة وايضا الى اسطنبول في تركيا ليعيشوا هناك على نفقتها الخاصة »

وكانت أثيوبيا أعلنت في ابريل 2008  قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر متهمة إياها  بدعم الارهاب في الصومال وزعزعة الاستقرار في القرن الافريقي.

وقالت الحكومة الاثيوبية  »سواء في الصومال أو في أجزاء أخرى من القرن الافريقي -بما فيها اثيوبيا- فان قطر واحدة من أشد داعمي الارهاب والتطرف في منطقتنا » وأنها» تلاحظ منذ فترة طويلة ” السلوك العدائي“ لقطر وأثارت القضية بشكل مباشر في عدة مناسبات» 

وتابعت في بيان لها : ”لقد تم بذل جميع الجهود الدبلوماسية لمحاولة اقناع قطر بتغيير أنشطتها الهدامة..التي لدى اثيوبيا أدلة لا لبس فيها عليها.. وظلت قطر بعد ان اعمتها الغطرسة فيما يبدو لا تلقي بالا لجميع جهودنا.“

وأضاف البيان الاثيوبي ان عداء قطر ”يشمل ناتج منافذها الاعلامية“ في اشارة الى شبكة تلفزيون الجزيرة الفضائية التي أذاعت أنذاك تقارير عن الصراع في اقليم اوغادين الاثيوبي  حيث حملت انتقادا للدور العسكري ضد المتمردين المحليين.

وحثت اثيوبيا قطر على ”ان تغير على وجه السرعة سياساتها المضللة التي أدت الى هذا الوضع التعس.“ وقالت : ”لم تدع قطر شيئا لم تفعله لالحاق الضرر بالامن القومي الاثيوبي. جميع الذين أبدوا استعدادا لاثارة عدم الاستقرار في اثيوبيا وتقويض امن البلاد تلقوا دعما وتشجيعا من قطر.“

ورغم عودة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين بعد أن إعتراف الدوحة ظاهريا بجملة أخطائها، إلا أن وسائل إعلام فرنسية وضعت في ديسمبر 2017 علامات استفهام قبالة زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي أنذاك  هيلي ماريام دسالين إلى قطر، ليس بسبب مقاطعتها من محيطها الخليجي والعربي لرعايتها الإرهاب، بل لسجل  الدوحة السيئ في دعم المعارضة الإثيوبية، ونقلت عن مصدر مسؤول وصفه للزيارة بأنها "عار" يلاحق الرجل

وفي مارس 2018، ومع وصول آبي أحمد علي (42 عاما ) الى الحكم كأول رئيس وزراء من عرقية أورومو، وأول رئيس وزراء مسلم يرأس حكومة في إثيوبيا، شهدت منطقة القرن الإفريقي تحولات مهمة وحاسمة في إتجاه الأمن والإستقرار، حيث بادر الزعيم الشاب بفتح صفحة جديدة في علاقات بلاده مع مصر والصومال وجيبوتي وأريتريا، وأدى زيارتين مهمتين الى أبوظبي والرياض، وإستقبل في أديس أبابا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ،ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي أدى زيارة تاريخية الى أثيوبيا ساهمت في إرساء عهد جديد من العلاقات الأثيوبية العربية، وفي إطلاق مرحلة إستثنائية من التعاون في منطقة القرن الأفريقي، قوامها التنمية والأزدهار والتعاون على أسس المصالح المشتركة

بالمقابل، وجد نظام الدوحة نفسه في وضعية المتسلل الذي إنكشف أمره أمام شعوب المنطقة، وعلى رأسها الشعوب الأثيوبية التي بدأت في تلمس طريقها نحو السلام الدائم والتنمية المستدامة بعيدا عن الصراعات الإثنية والحروب القبلية التي لم تكن قطر في منأى عنها