في الوقت الذي يستذكر فيه الليبيون ذكرى هجوم الطيران الفرنسي، على القوات العربية الليبية المسلحة، في التاسع عشر من شهر مارس سنة 2011، وبدء العدوان الخارجي على ليبيا، وما ترتب عليه من نتائج لايزال الشعب الليبي يعاني ويلاتها، وفي الوقت الذي تحامل الكثير من الليبيين على انفسهم وتنازلوا من أجل ليبيا واصطفوا إلى جانب قوات الجيش على الرغم من تحفظاتهم الكثيرة، باعتباره قد يكون الطوق الذي سيخرجهم من مستنقع المؤامرة الدولية التي بدأت في مثل هذا اليوم، ينشر أحد أعضاء مجلس النواب تهنئية، تناول فيها المناسبة على أن ما قامت به الطائرات الفرنسية والصواريخ الأمريكية في قوات الجيش الليبي انتصارا تاريخيا. 

حيث نشر عضو مجلس النواب يوسف العقوري، على الموقع الرسمي لمجلس النواب الليبي، تهنئية بمناسبة استهداف الطيران الفرنسي لقوات الجيش الليبي، والتي وصفها بالانتصار التاريخي،قائلا: إنه يتقدم "بخالص تهانيه إلى الشعب الليبي بمناسبة مرور ثمانية أعوام على الانتصار على الكتائب المسلحة التي أرسلها "نظام القذافي" إلى مدينة بنغازي لقمع المظاهرات التي تطالب بالحرية والحياة الكريمة"، ولعله هنا نسي أن هذه القوات التي قدمت من غرب ليبيا مرت على عشرات المدن والبلدات التي بسطت عليها الأمن وانقذتها من براثن المجموعات المتطرفة التي كان يقودها عناصر القاعدة والجماعة الليبية المقاتلة التي تحولت لاحقا إلى مجالس الشورى وتنظيم داعش الإرهابي، وأن قوات الشعب المسلح المدعومة بقوى مساندة من المتطوعين من مختلف أبناء المدن والقبائل الليبية، جاءت بعد ما يزيد عن شهر من بدء أحداث فبراير، فأي مظاهرات كانت ستقوم بقمعها؟

وأضاف النائب في تهنئته، "نستذكر في هذا اليوم شجاعة شعبنا، وتضحيات شهدائنا الأبرار من نسور جو قاعدة بنينا وأفراد قواتنا المسلحة وكل من ساندهم للدفاع عن مدينة بنغــازي , مؤكدا أن هذا اليوم لا ينسى لأنه جسَد التضامن والتلاحم بين مدننا وقبائلنا في وجه الطغيان والظلم  ويرمز لانتصار إرادة الشعب الليبي وإصراره على استعادة بلاده وخيراتها"، فهو لم يحدد أي شعب يتحدث عن تضحياته وأي شهداء يقصد، وأي قوات مسلحة يعني، أليس من قصفهم ساركوزي هم أبناء الشعب الليبي، والقوات هي قوات الشعب المسلح، والشهداء هم من تصدوا للرافال والميراج الفرنسية والتاماهوك والكروز الأمريكيين؟، أم أن المفاهيم اختلطت على العقوري، وإذا كان الأمر كذلك فما هو رأي وموقف البرلمان مما ذهب إليه أحد اعضاءه، ونشره في موقعه الرسمي؟، وما موقف أبناء بنغازي الذين يمثلهم هذا النائب؟

ولعل ما اختتم به العقوري، تهنئيته هو ما زاد الاستغراب واستعصاء فهم مقاصده، حيث اعتبر ما سبق مقدمة لضرورة مواصلة مسيرة المصالحة ودعم الوحدة الوطنية، معتبرا ذلك من أولوياته.

وأثارت تهنئة العقوري، موجة من الانتقادات في العديد من الأوساط الليبية، على مختلف توجهاتها السياسية والفكرية.