ذكرت مصادر إعلاميّة محليّة في ليبيا و أخرى غربية  بأنّ مقر السفارة الامريكية بطرابلس  تم اقتحامه  صباح أمس الاحد و تخريب محتوياته من الدّاخل .

وقال مصدر دبلوماسي غربي فضل عدم ذكر اسمه لــ"بوابة افريقيا الاخبارية" ان مسلحي مليشيا "كتيبة الحلبوص المصراتية" التابعة لفجر ليبيا  قاموا بتمشيط كامل محتويات مقرات السفارة الامريكية واتخذوها مقرا مؤقتا لهم .

وكان البرلمان الليبى المنتخب قد اعتبر جماعة "فجر ليبيا" جماعة إرهابية، لما ترتكبه من اعمال عنف وتخريب فى مدينة طرابلس وعلى راسه احراق  وتدمير مطار طرابلس الدولي..

و رغم نفي السّفيرة ديبورا جونز لعمليّة الإقتحام إلاّ أنّ نشطاء على شبكات التواصل الإجتماعي بثّوا صورًا و مقاطع فيديو تظهر ما أسماه النّشطاء بإقتحام مقر السّفارة الأمريكية بطرابلس .

و قالت السفيرة جونز - عبر تغريدة لها عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) - إن الأنباء التي تناقلتها وسائل الإعلام حول اقتحام مبنى السفارة في طرابلس ، هو خبر غير صحيح . وأشارت إلى أنه لا صحة للأنباء حول سيطرة مسلحين على مقر السفارة ، وهو ما تأكدنا منه بشكل موثوق وفق تعبيرها.

وفي السياق ذاته قال مسؤول ليبي في تصريحات لوكالة الاناضول ، اليوم الأحد، إن قوات "فجر ليبيا" سيطرت الأسبوع الماضي، على مقر السفارة الأمريكية في العاصمة الليبية طرابلس.وأضاف سعيد الأسود وكيل أول وزارة الخارجية الليبية في تصريجات لوكالة الأناضول، أن "المبني الخالي حاليا من أعضاء البعثة الأمريكية، يقع حاليا تحت سيطرة قوات فجر ليبيا، منذ الأسبوع الماضي، عقب معارك عنيفة طردت علي إثرها كتائب الصواعق والقعقاع من أماكن تمركزها لا سيما مقر السفارة الأمريكية".

هذا و يذكر أنّه و في 10 أغسطس/آب 2014 كان مجمع السفارة الامريكية في طريق المطار بالعاصمة الليبية طرابلس قد تعرّض لقصف مكثف بقذائف الهاون و صواريخ الجراد و قذائف الدبابات, في وقت كانت تتعرض فيه المنطقة المجاورة لمحيط السفارة طيلة أيام لقصف عنيف من قبل مليشيات الدروع بقبادة صلاح بادي وغرفة عمليات ثوار ليبيا بقيادة ابوعبيدة الليبي في إطار ما سُميّ بعمليّة "فجر ليبيا" .

و تأتي هذا العمليات التي إستهدفت مقر السّفارة بعد اعلان الولايات المتحدة الامريكية عن دعمها لإنعقاد مجلس النواب فى مدينة طبرق و دعوتها لوقف اطلاق النار حول المطار بما يُفهم منه إنحياز واضح للعملية الدّيمقراطيّة في ليبيا المتمثلة في مجلس النواب المنتخب و الشّرعي و وقوفها ضد هذه العمليّة العسكريّة التي أطلقتها ميليشيات إسلاميّة قادمة من مدينة مصراطة شمال البلاد بمسمّى "فجر ليبيا" من أجل السيطرة على العاصمة طرابلس و إخراج ثوّار الزنتان التابعة للجيش الوطني الليبي منها.

و كانت واشنطن قد أجلت موظّفيها من العاصمة الليبية طرابلس في 26 سوليو/تموز 2014 إلى تونس، بسبب الاشتباكات الدائرة بين الكتائب المتنازعة حول  مطار طرابلس الدولي جنوبي العاصمة الليبية حيث قال وقال مصدر أمني في وزارة الداخلية الليبية حينها بأن “موظفي السفارة الأمريكية، غادروا البلاد صباح اليوم السبت (26/7//2014) ، إلى تونس، بسبب استمرار الاشتباكات الدائرة في محيط  مطار طرابلس، والذي تقع السفارة الأمريكية في مكان قريب منه”.

هذا و يُذكر بأنّ السّفارة الأمريكية في بنغازي قد تم إقتحامها في 11 سبتمبر/أيلول 2012،اثر بث الفلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم، والمعروف باسم "براءة المسلمين" ما نتج عنه مقتل 4 أمريكيين، بينهم السفير كريس ستيفنز .

 

أهم المحطّات في تاريخ العلاقات الليبية الأمريكيّة منذ العام 1969 إلى 17 فبراير 2011 :

 

 

إتسمت العلاقات الليبية الأمريكية منذ العام 1969 تاريخ إزاحة الملك السنوسي عن السّلطة في إطار ما سُمّي بـ"ثورة الفاتح من سبتمبر" بتذبذب كبير و إن كانت سمتها البارزة حتّى العام 2008 هي العداء المتبادل بين الطّرفين ،خاصة و أن "العقيدة" السياسية للثّورة الوليدة التي قادها مجموعة من الضّباط على رأسهم العقيد الرّاحل معمّر القذّافي ، كانت منحازة للمعسكر الإشتراكي الشّرقي في قلب الحرب الباردة التي كانت تدور رحاها بين الإتحاد السّوفياتي من جهة و الولايات المتحدة من جهة أخرى .

بعد العام 2008 أخذت العلاقة بين البلدين منحى آخر حيث بدأ الخطاب الرسمي يلين بين الطّرفين مع عودة متسارعة للعلاقات الدّيبلوماسية و توقيع لمجموعة من الإتفاقيات الأمنية و الإقتصاديّة و تعاون كبير على مستوى مكافحة الإرهاب.

و في ما يلي أهم المحطات التي مرت بها العلاقات الليبية الأمريكية منذ تلك الفترة الى اليوم :

* ايار/مايو 1953: زيارة وزير الخارجية الاميركي جون فوستر دالس في عهد الرئيس دوايت ايزنهاور إلى ليبيا.

* آذار/مارس 1957: زيارة نائب الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون إلى ليبيا.

* الفاتح من  ايلول/سبتمبر 1969: مجموعة من الضباط في الحيش الليبي بقيادة معمّر القذّافي يطيحون بالملك ادريس السنوسي ويعلنون قيام الجمهورية العربية الليبية.

* حزيران/يونيو 1970: القوات الجوية الاميركية تخلي قاعدة ويلس في ليبيا بطلب من السلطات الليبية الجديدة و هي النّقطة التي يُمكن إعتبارها نقطة الدّخول في الأزمة في العلاقة بين البلدين.

* تموز/يوليو 1970: السلطات الليبية تعلن تاميم قطاع النفط في البلاد التي كان تحت سيطرة شركات أجنبية في معظمها أمريكية.

* تشرين الثاني/نوفمبر 1972: الولايات المتحدة تسحب سفيرها من طرابلس.

* 10 أكتوبر 1973: بعد تأميم  قطاع النفط ،ليبيا تعلن تمديد مياهها الإقليمية و تحظر على السفن التابعة لسلاح البحرية الاميركية دخول المياه الليبية.

* أكتوبر 1973: أمريكا تتهم القذّافي بالضلوع في عمليات إرهابية

* 1978: الولايات المتحدة تفرض حظرا على المعدات العسكرية الى ليبيا.

* كانون الاول/ديسمبر 1979: إقتحام و حرق السفارة الأمريكيّة من قبل متظاهرين مؤيدين لقيام "الثورة الايرانية" بقيادة الخميني حيث تم اقتحام السفارة الأمريكية في طهران كذلك .

*1980:عند انتخاب رونالد ريغان رئيساً للولايات المتحدة وصف القذافي بأنه الكلب المسعور في الشرق الأوسط وقال انه يتبع نهجاً متشدداً في ليبيا، معتبراً حكومته دمية لنظام الاتحاد السوفيتي.

* ايار/مايو 1980: تعكّر العلاقات حيث قامت الولايات المتحدة بطرد 4 دبلوماسيين ليبيين وإستدعت 2 من دبلوماسييها في العاصمة الليبية طرابلس.

*1981 :القذّافي يزور الإتحاد السوفياتي و يهدد بالانضمام إلى حلف وارسو.

* آب/اغسطس 1981: تم اسقاط مقاتلتين ليبيتين بنيران سلاح الجو الاميركي و ليبيا تتهم الولايات المتحدة بإختراق المجال الجوي الليبي خلال مناورات عسكرية أمريكية قرب خليج سرت الليبي.

* آذار/مارس 1982: نفذت الولايات المتحدة حظراً على النفط الليبي، وأمرت في عام 1986 جميع الشركات الأميركية بوقف تعاملاتها هناك.

* 1986: تجميد  الارصدة الليبية في البنوك الاميركية

*1986:  ليبيا تعلن مقتل 58 ليبيا في اشتباكات بحرية مع القوات الاميركية في خليج سرت.

* 5 نيسان/ابريل 1986: اتهمت الولايات المتحدة ليبيا بتدبير تفجير مرقص في برلين والذي توفي فيه جنديين أمريكيين.

 * 15 نيسان/ابريل1986: أطلقت طائرات عسكرية أمريكية في عملية إلدورادو كانيون، نظمت في 15 نيسان 1986، سلسلة من الغارات الجوية على ليبيا، وتم قصف المنشآت العسكرية في أجزاء مختلفة من البلاد، مما أسفر عن مقتل نحو 100 من الليبيين، بعضهم من المدنيين. وكانت أحد تلك الأهداف الرئيسية ثكنة باب العزيزية التي تعتبر معقل القذافي، وزعم فيه ان ابنته بالتبني هناء ذات الأربع سنوات قتلت بتلك الغارة

* 1988: انفجرت طائرة تابعة لخطوط بان اميركان فوق مدينة لوكربي الاسكتلندية مما ادى الى مقتل 270 شخصا كانوا على متن الطائرة وفي مكان سقوطها.

*1991: الولايات المتحدة تتهم ليبيا بالضلوع في تفجير طائرة تابعة لخطوط "بان اميركان" فوق مدينة لوكربي الاسكتلندية مما ادى الى مقتل 270 شخصا كانوا على متن الطائرة في العام 1988 و تطالب باستدعاء عميلين ليبيين للمثول أمام المحكمة.

* 1992: مجلس الامن يصدر القرار رقم 748 ويدعو الى فرض حظر عسكري وجوي على ليبيا.

* 1993: فرض عقوبات اقتصادية جديدة على ليبيا من قبل واشنطن.

* 1998: بداية انفراج في العلاقة بين البلدين حيث ابرمت ليبيا اتفاقا مع الولايات المتحدة وبريطانيا يحاكم بموجبه المتهمان الليبيان بالضلوع في تفجير لوكربي امام محكمة اسكتلندية تعقد في هولندا.

* 29 نيسان/ابريل 2003 : ليبيا تقبل المسؤولية القانونية عن تفجير لوكربي و دفع تعويضات لعائلات الضحايا. 

* 12 آب/اغسطس 2003: رفع العقوبات الدولية عن ليبيا.

* 19 كانون الاول/ديسمر 2003: ليبيا تعلن عن التخلي على اسلحة الدمار الشامل.

* 24 كانون الثاني/يناير 2004 : اعادة اعلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

* 26 شباط/فبراير 2004 : افتتاح شعبة للمصالح الليبية في واشنطن.

* 23 اذار/مارس 2004 : وليام بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الاميركية يزور طرابلس و يلتقي القذّافي في اول لقاء لهذا الأخير مع مسؤول اميركي منذ اكثر من 30 عاما.

* 23 نيسان/ايريل2004 : الولايات المتحدة تخفف العقوبات الاقتصادية على ليبيا.

* 3 حزيران/يونيو 2004 : استئناف تصدير النفط الليبي الى واشنطن.

* 28 حزيران/يونيو 2004 : رفع الاتصالات الرسمية الى مستوى "مكاتب ارتباط". 

*  ايلول/سبتمبر 2004 : الولايات المتحدة تلغي العقوبات الاقتصادية المفروضة على طرابلس.

* ايار/مايو 2006 : واشنطن تعلن أنها ستزيل اسم ليبيا من على لائحة وزارة الخارجية للدول الداعمة للارهاب.

*  تموز/يوليو:2006  الغاء القيود الأمريكية عن السفر الى ليبيا.

* 17-18 نيسان/ابريل 2007 : الرجل الثاني في وزارة الخارجية الاميركية جون نيغروبونتي يزور طرابلس.

* 3 كانون الثاني/يناير 2008 : كوندوليزا رايس تستقبل نظيرها الليبي عبد الرحمن شلقم في واشنطن.

*أيلول/سبتمبر 2008 :وزيرة الخارجيّة الأمريكيّة كوندليزا رايس تزور العاصمة الليبية طرابلس و تلتقي الزعيم الليبي معمّر القدّافي الذي استقبلها في مقر إقامته بباب العزيزية .

منذ تلك الفترة دخلت العلاقات بين البلدين مرحلة أخرى من التطوّر في الإتّجاه الإيجابي توّجت بتوقيع اتفاق ينص في نفس العام ينص على دفع تعويضات الى ذوي كل من الضحايا الاميركيين والليبيين للحوادث التي وقعت بين البلدين ابان ثمانينات القرن الماضي.

بقيت العلاقة بين البلدين على تلك الحالة من الإستقرار خاصة مع بداية فك العزلة الدّولية على ليبيا و بداية ظهور تقارير إيجابية من منظمات حقوق الإنسان حول الوضع في ليبيا ،حتى بداية ما يسمّى بثورة 17 فبراير حيث كانت الولايات المتحدة الحليف الرئيسي للمجلس الوطني الإنتقالي الليبي في معركته العسكرية و الدّيبلوماسيّة و الدّولية ضد القذافي منذ 19 من مارس/آذار 2011 حيث لعبت الولايات المتحدة بقواتها الجوية ومشاة البحرية دورا أساسيا في قمع الدفاعات الجوية الليبية في أواخر مارس و مساندة "الثوّار" على الأرض من خلال الغطاء و القصف الجوي طيلة عمر الحرب .

غير أنّ الولايات المتحدة استغرقت وقتا أطول من غيرها من أعضاء الناتو للاعتراف رسميا بتشكيل المجلس الإنتقالي باعتباره السلطة الشرعية الوحيدة في ليبيا ، لكنها سلمت حيث لم تتعرف بذلك إلاّ في أوائل أغسطس 2011.

الهجوم على السّفارة في بنغازي ..نقطة مفصليّة أخرى :

أدى الهجوم الذي وقع بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة في سبتمبر 2011 على قنصلية واشنطن في بنغازي إلى مقتل أربعة من موظفي السفارة يتقدمهم السفير الأميركي كريس ستفينز، ووجهت الأجهزة الأمنية الإتهام على عناصر مرتبطة بتنظيم "أنصار الشريعة" السلفي الجهادي و المقرب من تنظيم القاعدة بالمغرب العربي.

ونشرت المباحث الفيدرالية الأميركية في أبريل 2013، معلومات خاصة بثلاثة ليبيين يعتقد أنهم على صلة مباشرة بالهجوم على القنصلية، وطالبت الأجهزة الأمنية الليبية بمساعدتها في القبض على المتهمين.

وفي أغسطس من العام الماضي، وجهت وزارة العدل الأميركية اتهامات جنائية لعدد من الليبيين يتقدمهم المدعو أحمد أبو ختالة زعيم مجموعة مسلحة متطرفة على خلفية هجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، وفقًا لما نقلته آنذاك شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية. وعقب توجيه الاتهام، نفى أبو ختالة ضلوعه في الحادثة رافضًا اتهام واشنطن له بالتخطيط للهجوم، بحسب مقابلة صحفية أجرتها معه "سي أن أن".

أبو ختالة الذي ألقت عليه قوّة أمريكية خاصة القبض يوم 17 يونيو/حزيران 2014 في مدينة بنغازي و قامت بترحيله الى واشنطن حيث تتم محاكمته بتهمة الضلوع في قتل السفير الأمريكي .

و قبل ذلك في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 ،قامت وحدة أمريكية خاصة من اعتقال القيادي الجهادي الليبي نزيه عبد الحميد الرقيعي المعروف باسم"أبو أنس الليبي"في العاصمة، طرابلس، في مهمة تمت عقب إخطار السلطات الليبية، بحسب ما كشفت مصادر أمريكية و نقل لمحاكمته في واشنطن بتهمة المشاركة في تفجير سفارتي الولايات المتحدة الامريكية في كينيا وتنزانيا العام 1998.

هذا الهجوم على السفارة الأمريكية في بنغازي كانت له تأثيرات كبيرة على العلاقة بين البلدين ففي حين إستنكرت ليبيا عملية الإعتداء على سياجتها و إعتقال مواطنين ليبيبن على أرضها ،وفق العديد من التصريحات لمسؤوليين ليبيين فإنّه و في المقابل قامت واشنطن بمراجعة الكثير من المسائل في علاقتها بمنظومة ما يسمى بـ"الربيع العربي" كاملة و علاقتها بالإسلاميين في كل من تونس و ليبيا و القيام بمراجعة شاملة لشكل و جحم حضورها الأمني و العسكري في ليبيا خاصة و في كامل منطقة شمال إفريقيا عموما.

 

.