تطرق الموقع الإيطالي إيسبي - موقع المعهد الدولي للدراسات السياسية وهو من أقدم المعاهد الإيطالية المتخصصة في الشؤون الدولية ويعمل تحت إشراف وزارة الخارجية الإيطالية وتأسس سنة 1934 – في مقال بتاريخ 25 يونيو 2014، إلى المتغيرات التي طرأت على علاقات ليبيا بالدول العربية قبل وأثناء ما وصف بالربيع العربي، وأهمية قضية الأمن بالنسبة للدول المجاورة لها.وذكر أن لليبيا أهمية استراتيجية كبرى بالنسبة للدول العربية ومنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، بما أن كل ما يحدث داخلها ينعكس بصفة مباشرة على كامل المنطقة أمنيا وسياسيا واقتصاديا.

دعم قطري

وأشار الموقع إلى أنه خلال الأزمة في ليبيا برزت دولة قطر بين الدول العربية، باعتبارها واحدة من أهم أنصار المجلس الوطني الانتقالي السابق من خلال تقديم المساعدات العسكرية والمالية إلى المجلس أثناء الصراع، ومنذ ذلك الحين، ظهرت شائعات بأن قطر قد شكلت "الجماعات الإسلامية" في ليبيا كما كان دعمها واضح لحزب "العدالة والبناء"، الذراع السياسي "لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا"، أثناء انتخابات المؤتمر الوطني العام سنة 2012.

وفي السياق الإقليمي، وقع تعزيز أكثر للعلاقات بين ليبيا وتونس، حيث شهدتا معا قمعا لنخبهما السياسية أثناء حكم النظامين السابقين، إذ تم التقارب سياسيا واقتصاديا من خلال توقيع اتفاقات اقتصادية وأمنية، ما خلق كتلة ليبية تونسية قوية يمكن أن تغير ميزان القوى في  قيادة شمال إفريقيا على حساب الجزائر، وهي آخر بلد في المنطقة اعترف بالحكومة الانتقالية الجديدة في ليبيا.

وأشار الموقع الإيطالي إلى أنه تم اتهام الجزائر في السابق بمحاولة حماية معمر القذافي خلال الثورة على الرغم من نفي السلطات الجزائرية لذلك، ومع ذلك عبرت الحكومة التونسية  خلال الأشهر الأخيرة عن قلقها الشديد بشأن عدم الاستقرار في ليبيا والفوضى في البلاد ، ما يسمح لـ"الجماعات المتطرفة" التونسية باتخاذها ملجأ آمنا لها.

وأضاف أن الربيع العربي أدى في البداية إلى تحسن العلاقات بين ليبيا ومصر ، بعد أن كانت لسنوات تتسم بالفتور، خاصة عندما تم طرد 250 ألف مصري من المقيمين في ليبيا سنة 1977، وكان سبب التحسن في العلاقات والتقارب بين الحكومة المصرية بقيادة الرئيس المصري الأسبق، محمد مرسي ووجود حزب "العدالة والبناء" في ليبيا.

لكن مع انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر، انقلب الوضع، بل ازداد الوضع سوءا منذ ديسمبر عام 2013، عندما تم تصنيف جماعة "الإخوان المسلمين" المصرية كمنظمة إرهابية، ومنذ ذلك أصبحت السلطات المصرية تنظر بغاية القلق إلى العلاقات التي تجمع بين "جماعات إسلامية" في ليبيا وأخرى مصرية تم استضافتها في برقة، كما يرى بعض المحللين أن العملية العسكرية التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر مدعومة من طرف المؤسسة العسكرية المصرية والسعودية والإمارات، ويأتي في سياق صراع هذه الأنظمة مع "الإخوان المسلمين" وسعيهم لمنع "الجماعة " من الوصول إلى السلطة في أية بلد من بلدان المنطقة.

 علاقات قوية

ولفت موقع إيسبي إلى أن ليبيا الجديدة تحاول إقامة علاقات قوية مع الأطراف الدولية الفاعلة، كما يعد الالتزام بتأمين الحدود أمر ضروري للحفاظ على علاقات إيجابية ليس فقط مع الجيران المباشرين لليبيا، ولكن أيضا مع الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية تثير قلق هذه الدول وخاصة إيطاليا، كما تسبب الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي في 11 سبتمبر 2012 ومقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز وثلاثة من مساعديه، في موقف محرج لها أمام المجتمع الدولي ، خصوصا وأن العملية تعكس تدهور الأمن في البلاد وعدم قدرتها على حماية البعثات الدبلوماسية.

 وأكد الموقع أن عملية القبض على ما وصف بـ"القيادي الإرهابي " أبو أنس الليبي في أكتوبر 2013 من قبل القوات الأمريكية، قد تسبب في تدهور العلاقات بين البلدين، فمن جهة تعلن واشنطن دعم استقلال ليبيا في مجال العدالة والأمن، ومن جهة أخرى، كشف هذا الاعتقال انعدام الثقة في السلطات الليبية، ولقيت عملية اعتقال أبو ختالة في يونيو 2014 المتهم بقيادة الهجوم على القنصلية الأمريكية في طرابلس، نفس ردود الفعل.

وخلص موقع إيسبي إلى التأكيد على أن حالة  الفوضى على الحدود تعتبر واحدة من التحديات الرئيسية في البلاد،  فضعف السيطرة ومراقبتها ترك الأسواق تزدهر بالتجارة غير المشروعة كالأسلحة  والمخدرات والاتجار بالبشر والوقود وغيرها من السلع، وما لها من تداعيات عواقب وخيمة على المنطقة ككل.