بعد طرد سفير حكومة الوفاق الخاضعة لسيطرة ميلشيات طرابلس من قبل الحكومة اليونانية ، تتسع دائرة الترجيحات بأن تشهد الأيام القادمة مواقف أكثر صلابة ضد رئاسي فائز السراج الذي بدأ يواجه عزلة إقليمية ودولية عشية الذكرى الرابعة لإتفاق الصخيرات الموقع في 17 ديسمبر 2015 ، خصوصا وأن حكومتي أثينا ونيقوسيا سيطرحان الموضوع بقوة خلال  اجتماع الإتحاد الأوربي غدا الإثنين
وأكدت مصادر ألمانية أمس  السبت أن قمة حلف شمال الأطلسي « الناتو» المنعقدة منذ أيام بلندن تحاشت الخوض في قضية  مذكرة التفاهم بين السراج والأتراك حول المنطقة الإقتصادية البحرية في شرق المتوسط ، ونزاعهما مع اليونان وقبرص ، لتجنب الدخول في صراع مع أنقرة خلال المرحلة الحالية على الأقل ، لكنها لم تستبعد أن تتسبب تذلك القضية في الرفع من مستوى المواجهة العسكرية في ليبيا في الوقت الذي تحاول فيه برلين نزع فتيل الأزمة  من خلال المؤتمر الذي دعت إليه القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في الملف الليبي والذي سيننظم في أوائل يناير 2020
وقد نعتت المصادر الألمانية مذكرة التفاهم  البحرية بين السراج والأتراك بأنها سخيفة نظرا لأنها لا تعطي إعتبارا لطبيعة الجغرافيا التي تفصل بين المياه الدولية ذات العلاقة بين ليبيا وتركيا بجزر يونانية ، مشيرة الى أن تنفيذ التفاهم مستقبلا يعني سيطرة تركيا على رودس وتحييد جزيرة كريت
ولا يخفي الألمان أنزعاجهم من الدور التركي المساهم في إدامة النزاع الليبي من خلال دعم نظام أردوغان لميلشيات حكومة السراج بالسلاح والذخيرة ، في تحد صراخ لقرارات مجلس الأمن ، بينما  تواجه إيطاليا ضغوطا  متزايدة من دول الإتحاد الأوروبي بإعتبارها العرّابة الأساسية لحكومة السراج ، وهو ما أكده وزير خارجية الوفاق محمد سيالة  عندما قال إن هناك ضغوطا أوروبية وخاصة من اليونان تمارس على إيطاليا لإجبار حكومته على إلغاء مذكرة التفاهم مع تركيا الخاصة بالتعاون العسكري وما وصفه بـ”السيادة علي المناطق البحرية”.
وحاول سيالة في مقابلة مع صحيفة « موريري دي لا سيرا » الايطالية التمادي في تبني النهج الخطأ بالقول أن « العلاقات الليبية – التركية تهم طرابلس وأنقرة حصرا  ولا أحد يستطيع التدخل » لكن «الإيطاليين قلقون، يقولون لنا إنهم يرغبون في أن يتم إخطارهم بتحركاتنا خاصة الأخيرة مع تركيا، لأنهم يظلون حلفاءنا التاريخيين على الرغم من أن سفيرهم في طرابلس يتحدث معنا طوال الوقت » وفق تعبيره
وجاءت تصريحات سيالة  بعد إجتماعه الجمعة مع وزير الخارجية الايطالي لويجي دي مايو ، والذي إحتلت مذكرة تفاهم السراج مع الأتراك الجزء الأكبر منه ، حيث حاول وزير خارجية الوفاق الدفع بالإيطاليين الى إقناع الأوروبيين بوجهة نظر حكومته ، طارحا كعادته جملة من الإغراءات الجديدة لسلطات روما
وكانت  الحكومة اليونانية  قررت الجمعة طرد السفير الليبي في أثينا، احتجاجا على مذكرة تفاهم بين بلاده تركيا تتعلق بتقسيم مناطق نفوذ ومصالح في البحر المتوسط.
وقال وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس  أمام الصحفيين إنه تم إمهال السفير ثلاثة أيام لمغادرة البلاد، موضحا في المقابل أن هذا القرار لا يعني قطع اليونان لعلاقاتها الدبلوماسية مع ليبيا، مشيرا  إلى أن القرار يعكس استياء الحكومة اليونانية من حكومة طرابلس،و موضحا أن القرار جرى إتخاذه  بعد "عدم استيفاء الجانب الليبي للشروط التي وضعناها".
وأضاف دندياس أن نص الاتفاق بين تركيا وليبيا يحمل توقيع وزير الخارجية الليبي الذي قدم للجانب اليوناني تأكيدات عكس ذلك في سبتمبر الماضي.
كما  وجهت اليونان دعوة رسمية الى رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح ونائب رئيس المجلس الرئاسي المنسحب فتحي المجبري لزيارة أثينا، بينما أرسل رئيس الحكومة اليونانية  كيرياكوس ميتسوتاكيس رسالة إلى الحكومة التركية  قال أنها ليست فقط من أجل القيام بعمل جيد لإعادة تقييم المذكرة  المبرمة مع حكومة السراج في 27 نوفمير الماضي ، نظرا لأنها غير شرعية وتتجاهل وجود الجزر اليونانية في الخريطة ، ولكن أيضًا لأن تركيا أصبحت معزولة دوليا ، حيث واجهت بتلك المذكرة كلا من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي وإسرائيل ومصر، مبرزا  أن الناتو لن يصادق عليها أيضا ، لأن "الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون كان لديه موقف واضح ضد هذا الاتفاق".
وأضاف رئيس الحكومة اليونانية إن ليبيا وتركيا ليست بينهما حدود بحرية بينهما ، أنه لا توجد في ليبيا حكومة حاصلة على الشرعية الوطنية ، وبالتالي فإن هذا الاتفاق سينهار عند ولادته، مبرزا أن  "هذه القضية ستثار  ( غدا الإثنين ) في إجتماع  الاتحاد الأوروبي ، وأنا متأكد من أننا سنحصل على دعم شركائنا الأوروبيين"، وفق تعبيره
وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية أنها ستناقش المسائل المتعلقة بكل من ليبيا وتركيا خلال اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأووربي، المقرر عقده في بروكسل الإثنين المقبل.وحسب بيان حكومي، فإن وزير الشؤون الخارجية جان إيف لو دريان، سيشارك في جلسة الإثنين بعدة ملفات على رأسها تبادل وجهات النظر حول القضايا المتعلقة بليبيا وتركيا، والوضع في هونغ كونغ، والتطورات في مولدوفا، وتطور العملية الانتخابية في بوليفيا.وفي وقتٍ سابق الأسبوع الماضي ذكرت الخارجية المصرية أن وزيري الخارجية، المصري سامح شكري والفرنسي جان إيف لودريان، اتفقا على «عدم مشروعية توقيع رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي، فايز السراج، مذكرتي التفاهم مع تركيا».ودخلت مذكرة تحديد مجالات الصلاحية البحرية في البحر المتوسط التي وقَّعتها أنقرة مع حكومة الوفاق حيز التنفيذ، اليوم السبت بعد نشرها في الجريدة الرسمية التركية.
كما إعتبرت وزارة الخارجية اليونانية أن مذكرة التفاهم بين السراج والأتراك  "انتهاك صارخ للقانون الدولي للبحار والحقوق السيادية لليونان ودول أخرى"، وأضافت إن نشر إحداثيات محاولة ترسيم حدود المناطق البحرية من خلال توقيع مذكرة التفاهم  بين تركيا وليبيا يؤكد الانتهاك الجسيم للقانون الدولي للبحر والحقوق السيادية لليونان ودول أخرى، وأبرزت  أنه بالإضافة إلى العيوب الأساسية ، فإن هذه المحاولة غير قانونية وليس لها أي تأثير قانوني وكما أنها تشكل  مظهرا من مظاهر التوتر الثنائي المتعمد مع دول المنطقة وعلى المستوى الإقليمي لذلك يتم إدانتها بشكل قاطع ، وفق نص البيان
وفي الوقت نفسه ، أدان سفير الولايات المتحدة في اليونان جيفري باتي ، في حديثه في اجتماع للمعهد الهيليني الأمريكي ، مذكرة التعاون الموقعة بين تركيا وليبيا. وقال : "المذكرة مع ليبيا أحدثت توترات في المنطقة. هذا لا يساعد على تحقيق  روح الأمن والإستقرار التي تريدها الولايات المتحدة للمنطقة "، مضيفًا أن بلاده قد أكدت  بوضوح أنها ترى في اليونان عامل استقرار في المنطقة وجزء من الحل.
بدورها  توجهت جمهورية قبرص المعترف بها دوليا  بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي في نيويورك بشأن الإتفاقية البحرية الموقعة بين كل من تركيا والمجلس الرئاسي ، أكدت فيها تمسكها  بعدم أحقية حكومة السراج في توقيع الإتفاقيات وفقًا لنصوص الإتفاق السياسي الصادر قبل أربع سنوات عن إجتماعات الصخيرات المغربية
وجاء في الرسالة القبرصية  ان الاتفاق السياسي الليبي الموقع في 17 ديسمبر 2015 في الصخيرات تحت رعاية الأمم المتحدة ،وأقر بالإجماع من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 23 ديسمبر 2015 من خلال القرار 2259 ينص على “اختصاصات مجلس رئاسة المجلس الرئاسي “ ومنها  انه يمكن للمجلس الرئاسي إبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية شريطة أن يصادق عليها مجلس النواب الليبي وفقًا لما جاء في المادة 8 من الإتفاق السياسي الليبي  ،مشيرة الى إن عدم الوفاء بهذا الشرط يجعل المذكرة المذكورة أعلاه لاغية وباطلة.
 ووفق نص الرسالة القبرصية ، يتحمل مجلس الأمن مسؤولية واضحة عن ضمان التنفيذ الكامل الاتفاق السياسي بين الليبيين كوسيلة للحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة وينبغي أن يكون رد فعله على وجه السرعة من أجل اعتبار المذكرة المذكورة أعلاه بمثابة انتهاك للاتفاقية التي يمكن أن تعطل بشكل خطير علاقات ليبيا مع الدول المجاورة.
 وتابعت الشكوى القبرصية إن قضايا إبرام المعاهدات المشروعة والشرعية الدولية ليست هي الوحيدة التي تتعرض للخطر هنا، إن محتوى الاتفاقية يسخر من قواعد راسخة للقانون الدولي ، والتي ظهرت على وجه التحديد من أجل ضمان العلاقات السلمية بين الدول ووضع إطار لممارسة سيادتها وحقوقها السيادية ، حيث لا ينبغي أن يكون المجلس خاملاً في وجه الجهود المبذولة لتقويض هذه القواعد ، المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية الأمم المتحدة بشأن قانون البحار (ولا سيما المادتان 74 و 83 بشأن تعيين الحدود البحرية بين الدول التي لها مصلحة قانونية فيها) ، من خلال إبرام اتفاقات ترسيم الحدود المزعومة بين الدول غير الأطراف في الاتفاقية ، خارج إطار اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار وبشكل مباشر يتعارض مع أحكامه ، على أساس معايير تعسفية تنتهك أيضًا الاعراف وتتجاهل القانون الدولي تمامًا وكذلك حقوق الدول الأخرى في المنطقة ، بما في ذلك قبرص
الى ذلك ، ذكرت مصادر مطلعة  أن هناك دافعا غير معلن للإصرار على تسمية الوثيقة  المتعلقة بالمنطقة الإقتصادية البحرية الموقعة في 27 نوفمبر الماضي بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس المجلس الرئاسي الليبي فائز السراج بمذكرة تفاهم وليس إتفاقية ،وأن هذا الدافع هو عدم الإضطرار لعرضها على البرلمان الليبي المنتخب للتصديق عليها
وأضافت المصادر أن الجانب التركي هو الذي إقترح الاتفاقية وقام بتحرير بنودها وهو الذي أقنع السراج بالتوقيع عليها مقابل التوقيع على مذكرة التفاهم المتعلقة بالتعاون الأمني والعسكري
وتابعات المصادر أن مذكرة التفاهم لا تحظى في القانون الدولي بنفس إمتيازات الإتفاق ، ويمكن إلغاؤها في أي وقت ، وهي أقرب الى الإتفاق المعنوي بين طرفين الذي لا يستوجب التصديق البرلمان والغطاء الدستوري
وتعتبر مذكرة التفاهم وفق القانون الدولي وثيقة رسمية تتضمن اتفاقاً بين طرفين أو عدة أطراف،  وينظر إليها  البعض كاتفاق شرف يفتقد لإلزام العقود القانونية الرسمية ، حيث أن الإتفاق  الرسمي أكثر قانونية منها
وفيما يتعلق بالعلاقات الدولية، تعتبر السرية أهم ما يخص مذكرة التفاهم حيث ان القانون يسمح بذلك. كما أنها توقع في معظم الدول دون الرجوع إلى المؤسسات الداخلية المعنية مثل البرلمان أو الهيئات التشريعية.
ومن خصائص مذكرة التفاهم انها أسهل من المعاهدات من حيث التعديل، حيث أن المعاهدات تستغرق وقتاً أطول ومفاوضات مستمرة لتعديلها.
وردت المصادر الإلتجاء الى مذكرة التفاهم كوسيلة للتهرب من ضرورة عرضها على مجلس النواب المنتخب ، خصوصا في ظل ما ينص عليه أتفاق الصخيرات المبرم قبل أربع سنوات بوجوب عرض كل الإتفاقات المبرمة مع أطراف خارجية على البرلمان وأن تحظى قبل ذلك بتوقيع جماعي بين أعضاء المجلس الرئاسي وعددهم تسعة لم يبق منهم قيد الممارسة الفعلية سوى خمسة
وقد أعلنت الجريدة الرسمية التركية أن مذكرة التفاهم الموقعة بين حكومة الوفاق الوطني وتركيا بشأن تحديد المجالات البحرية دخلت، اليوم السبت، حيز التنفيذ، بينما أكد  مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية والرئيس التركي رجب طيب أردوغان،  ياسين أقطاي أن أنقرة ماضية لتنفيذ مذكرة التفاهم التي وقعتها مع حكومة الوفاق قبل أيام وسيبدأ الاستكشاف وإنتاج النفط والغاز بمجرد إتمام الإجراءات القانونية