على الرغم من الاستقرار النسبي الذي تشهده ليبيا منذ أشهر والذي توج بتسلم حكومة الوحدة الوطنية لمهامها منذ اسابيع فان التعقيدات مازالت تطرح نفسها في المشهد الليبي في ظل استمرار مسلسل العقبات والتعثرات على أكثر من صعيد وسط مخاوف من انهيار الجهود المبذولة منذ أشهر لاعادة بناء الدولة.

تتواصل التعقيدات السياسية مع عودة معظلة المناصب السيادية حيث اعلن المجلس الأعلى للدولة رفضه أسماء المرشحين للمناصب السيادية في ليبيا من قبل البرلمان مستثنيا مرشحا واحدا وهو عبد الله أبو رزيزة الذي وافق المجلس على تعيينه في منصب رئيس المحكمة العليا بغالبية أصوات الحاضرين.وفق ما اعلنه الناطق الرسمي باسم مجلس الدولة محمد عبد الناصر.

وأضاف عبد الناصر، في مؤتمر صحافي، "أن المجلس قرر في جلسته الاثنين إعادة النظر في باقي المناصب السيادية؛ بسبب عدم وجود أرضية واضحة للاتفاق مع مجلس النواب"، وفق قوله.

وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري وجه خطابا إلى رئيس البرلمان عقيلة صالح، أكد فيه أن "المخرجات المحالة تتعارض مع ما تم الاتفاق عليه سابقا في لقاءات مدينة بوزنيقة، ما يدل على أن هناك اختلافا في الأرضية التي انبثق منها عمل اللجان في المجلسين".

وأضاف المشري أنه "ملتزم بما تم التوافق عليه سابقا" وأنه "في حال رغبتكم (مجلس النواب) في إجراء أي تعديل في المعايير والآليات فلا مانع لدينا من عقد مزيد اللقاءات والتباحث للوصول إلى أرضية مشتركة".

وكان مجلسي النواب والأعلى للدولة قد اتفقا في كانون الثاني/ يناير الماضي، في مدينة بوزنيقة المغربية، على تشكيل وتسمية فرق عمل مصغرة تتولى اتخاذ الخطوات الإجرائية بشأن شاغلي عدد من المناصب السيادية.وتشمل تلك المناصب "محافظ مصرف ليبيا المركزي ونائبه، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية ووكيله، ورئيس ديوان المحاسبة ونائبه، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات".

وتشير هذه التطورات الى احتمالية أن تشهد الفترة المقبلة صراعا على المؤسسات السيادية بين مختلف الأجسام الحالية.ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن المحلل السياسي محمود العمامي قوله انه هناك "محاولات من مجلس الدولة الاستشاري لفرض رؤية من جانبه على المناصب السيادية، ومنها المصرف المركزي وديوان المحاسبة والمحكمة العليا والمفوضية العليا للانتخابات؛ لأنه في حالة سيطرة تيار مجلس الدولة يعني سيطرة تيار الإسلام السياسي"، على حد قوله.

من جهة أخرى،تتجدد معظلة الاستفتاء على الدستور حيث اقترحت لجنة ملتقى الحوار القانونية الليبية، تأجيل الاستفتاء  لما بعد الانتخابات.وتوصلت اللجنة، إلى الصيغة النهائية للقاعدة الدستورية اللازمة لانتخابات ديسمبر. وتقوم الصيغة النهائية على إجراء الاستحقاقات الانتخابية أولا، ثم الذهاب لمشروع الاستفتاء على الدستور.

وكانت اللجنة القانونية لملتقى الحوار السياسي الليبي، قد فشلت قبل أسابيع، في التوصل إلى توافق تام حول القاعدة الدستورية التي ستجرى على أساسها الانتخابات العامة المزمع تنظيمها في 24 ديسمبر المقبل، بسبب خلاف حول آلية انتخاب الرئيس بين من يدفع نحو انتخابه مباشرة من الشعب، ومن يريد أن يكون انتخابه غير مباشر عن طريق البرلمان.

واجتمعت اللجنة في العاصمة التونسية على امتداد 3 أيام، وناقشت عدة مقترحات وخيارات دستورية وقانونية للانتخابات القادمة على أمل التوافق على واحدة فقط، يتم عرضها على مجلسي النواب والدولة لوضعها واعتمادها كمرجع وأساس لإجراء الاستحقاق الانتخابي.كما أثار هذا الخلاف جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا حينها، وسط اعتراضات كبيرة رفضت أن تجرى الانتخابات الرئاسية بطريقة غير مباشرة لا يشارك فيها الشعب.وفق ما اوردت "العربية نت".

وبعيدا عن التطورات السياسية المليئة بالعثرات تبدو الأمور ميدانيا اكثر تعقيدا خاصة مع استمرار معظلة انتشار المليشيات المسلحة وفرضها لسطوتها والذي برز مؤخرا من خلال ملف فتح الطريق الساحلي بين سرت ومصراتة.وكان آمر غرفة عمليات "سرت الجفرة" التابعة لقوات حكومة الوفاق السابقة، إبراهيم بيت المال،قال في وقت سابق إن قواته "لن تفتح الطريق الساحلي الرابط بين الشرق والغرب، إلا إذا تحققت الشروط اللازمة لذلك"، وضمنها انسحاب قوات الجيش الوطني من سرت والجفرة.

وهددت اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" بتسمية معرقلي فتح الطريق الساحلي الرابط بين غرب وشرق ليبيا،فيما دعا فريق المراقبين الدوليين، الذين جرى إقرار مهمتهم من قبل مجلس الأمن الدولي لمراقبة وقف إطلاق النار وتنفيذ مخرجات اتفاق جنيف،إلى تسجيل هذا التعطيل والمماطلة والخرق التي تقوم به هذه المليشيات.لكن كل ذلك لم ينجح في إثناء الميليشيات عن استمرارها في قطع الطريق، ورفض كل الجهود المحلية والدولية من أجل إنهاء هذا الوضع الذي يكرس لانقسام البلاد.

وبالتزامن مع ذلك تتواصل معظلة المرتزقة والقوات الأجنبية في ظل اصرار تركيا على التواجد في الساحة الليبية بتواطئ وتحريض من جماعة "الاخوان" التي لم تتواني في شن هجوم كبير على وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش عقب دعوتها للنظام التركي لسحب مرتزقته من الأراضي الليبية.

ودعت المنقوش ،الاثنين 03 مايو الجاري، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها التركي مولود تشاوش أوغلو، أنقرة إلى اتخاذ خطوات لتنفيذ مخرجات برلين حول ليبيا وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والتعاون معاً في إنهاء تواجد كافة القوات الأجنبية والمرتزقة في البلاد حفاظا على سيادتها..

ويمثل ملف المرتزقة فضلاً عن مسألة توحيد القوى الأمنية إحدى أصعب العقد في وجه السلطة الجديدة في ليبيا.وكان اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أكتوبر من العام الماضي بين الأطراف الليبية برعاية الأمم المتحدة نص على ضرورة انسحاب كافة القوات الأجنبية والمرتزقة بحلول يناير 2021، إلا أن هذا التاريخ انقضى دون التوصل لأي حل.