“إذا وفرنا للمعركة القدرات القتالية المناسبة وأتحنا لها الوقت الكافى للإعداد و التجهيز و هيأنا لها الظروف المواتية؛ فليس ثمة شك فى النصر” .. كلمات قالها بعد هزيمة 67، ليؤسس بها “فكرة الصمود”، معتمداً على إمكانيات قليلة و قدرات كثيرة .. إنه الفريق أول عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الذى قرر أن يعيش و يموت وسط جنوده.

محمد عبد المنعم محمد رياض، المولود فى 22 أكتوبر 1919 بمحافظة الغربية، عقب حصوله على الثانوية العامة من مدرسة الخديوى إسماعيل؛ التحق بكلية الطب بناء على رغبة أسرته، ثم تركها بعد عامين ليلتحق بالكلية الحربية، التى كان والده يعمل بها قائد بلوكات الطلبة.

نال شهادة الماجستير فى العلوم العسكرية عام 1944، تلاها إتمامه لدراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات فى بريطانيا، ثم التحاقه بكلية العلوم لدراسة الرياضة البحتة، وكلية التجارة لدراسة الاقتصاد كجزء من العلوم الأستراتيجية، إلى أن حصل على زمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية عام 1966.

اختاره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ليشغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة بعد هزيمة يونيو 1967، بعد تدرجه فى عدد من المناصب الهامة داخل المؤسسة العسكرية، واشتراكه فى حرب فلسطين و العدوان الثلاثى، ليتحمل مسئولية إعادة بناء الجيش المصرى، والاستعداد لخوض معركة تحرير الأرض، مؤمناً أن القائد يصنعه العلم و التجربة و الثقة:”إن ما نحتاج إليه هو بناء القادة و صنعهم، والقائد ليس هو من يملك سلطة إصدار القرار، لكن من لديه القدرة على إصدار القرار فى الوقت المناسب”.

معركة رأس العش، تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات،  تحطيم 60% من تحصينات خط بارليف .. جزء من العمليات الهامة، التى حدثت فى فترة حرب الاستنزاف تحت إشراف الفريق أول عبد المنعم رياض، وهو من وضع الخطة الحربية (200)، و التى تم تطويرها بعد ذلك لتصبح خطة عمليات حرب أكتوبر تحت مسمى (بدر).

“أنا لست أقل من أى جندى يدافع عن الجبهة و لابد أن أكون بينهم فى كل لحظة من لحظات البطولة” .. هكذا كان يرى “رياض”، الأمر الذى جعله يتواجد وسط الجنود ليشرف على العمليات بنفسه، وفى صباح يوم 9 مارس 1969 ذهب إلى الجبهة ليتابع نتيجة أعنف اشتباك شهدته، لتدمير مواقع خط بارليف و إسكات بعض مواقع مدفعيته .. توجه إلى أكثر نقطة متقدمة، والتى حملت رقم (6)، لتشهد نهاية حياته بعد إلقاء قوات العدو قنابل تفريغ الهواء خلال معركة استمرت لما يقرب من ساعة و نصف.

أكثر من 30 عاماً قضاها فى خدمة الجيش كانت جديرة لإعتبار يوم وفاته هو يوم الشهيد لتخليد ذكراه، وتكريم الرئيس عبد الناصر له ومنحه نجمة الشرف العسكرية، كما اطلق اسمه على أشهر ميادين القاهرة مع وضع النصب التذكارى الخاص به، إضافة إلى تسمية العديد من المدارس و الشوارع باسمه، ليبقى الفريق أول عبد المنعم رياض رمزاً من رموز مصر، و جنرالاً ذهبياً – كما اطلقوا عليه أساتذة الاكاديمية العليا للشئون العسكرية بالاتحاد السوفيتى.