علت أصوات تجّار محلات سوق المدينة القديمة "السويقة" في العاصمة المغربية الرباط، وهم يحاولون اجتذاب الزبائن لشراء سلعهم المختلفة، خصوصاً تلك المرتبطة بذكرى عاشوراء، التي كانت محور اهتمام الباعة ومرتادي السوق خلال الأيام الأخيرة.

فقد اكتظت تلك المحلات بالزبائن، خلال اليومين السابقين، لليوم الأخير قبل العاشر من محرّم، إذ يُقبِل المغاربة على اقتناء ما يلزمهم لإحياء عادات وتقاليد الاحتفال بهذه المناسبة، وأبرزها الفواكه الجافة المعروفة في المغرب بـ"الفاكية"، وألعاب الأطفال والدفوف.

وتعرف تجارة الفواكه الجافة إقبالا كبيرا خلال هذه الأيام، فقد دأب المغاربة على اقتناء "الفاكية"، وأهمها الجوز، واللوز، والحمص، والتمور. فلا تخلو منها مائدة مغربية في عاشوراء.

غير أنّ باعة الفواكه الجافّة في الرباط غير راضين عن مستوى الإقبال على محلاتهم هذا العام. الحبيب الخلفي، أحد الباعة، قال في حديث للأناضول: "أنا أعرض البضاعة منذ أسبوع، والإقبال ضعيف مقارنة بالسنة الماضية"، لكنّه أعرب عن أمله في "أن يرتفع الإقبال على الفواكه الجافة خلال يوم عاشوراء".

ولم يمنع ذلك أن يحالف الحظّ عددا من الباعة، إذ يعتبر حسن الوردي أنّ الإقبال كان جيّداً جداً منذ أول أيّام شهر محرم". وتابع في حديث للأناضول: "نتوقّع أن يرتفع أكثر خلال اليومين المقبلين". ويعلّل تزايد الإقبال هذا العام بتزامن حلول عاشوراء مع صرف أجور الموظفين والعمال في نهاية الشهر.

إلى جوار محلات بيع الفواكه الجافة، تقع محلات بيع ألعاب الأطفال، التي لا تقلّ ازدحاماً. فإلى جانب "الفاكية"، يقتني المغاربة مختلف الألعاب لأطفالهم، كمظهر من مظاهر الاحتفال بعاشوراء.

متجر عبد الله الشنباري لألعاب الأطفال والأدوات الموسيقية المحلية، الذي شهد ازدحاماً كبيراً، قال صاحبه لوكالة الأناضول إنّ "الإقبال مرتفع هذه السنة، قياساً بالسنوات الماضية".

وأشار إلى أنّ غالبية الآباء يفضّلون اقتناء "مسدّسات الماء" لأطفالهم الذكور، بينما يفضّلون شراء الدمي لأطفالهم الإناث. في حين تُقبِل النساء على شراء الآلات الإيقاعية التقليدية، التي تُعدّ تقليداً أساسياً في هذه الاحتفالات، مثل الدفوف والطبول، و"كلّ المعروض من هذه الآلات الموسيقية مصنوع محلياً"، بحسب الشنباري.

ويضيف: "مهنة بيع الآلات الموسيقية المحلية في طريقها إلى الانقراض، وقد تراجع عدد البائعين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة"، لافتاً إلى أنّه يمتهن هذه المهنة "لا لتحقيق الرّبح المادي فقط، بل للحفاظ عليها، فقد توارثناها أباً عن جدّ".

ويؤكد أنّ جميع السلع التي يعرضها للبيع، من إنتاج محلي، يأتي بها من مدن آسفي (في الوسط الغربي للمغرب) ومراكش (وسط) وفاس (شمال). وهي مدن معروفة بصناعة الفخّار والجلد.

ورغم التراجع الذي تعرفه مهنة بيع الآلات الموسيقية التقليدية، فإن المغاربة ما زالوا أوفياء لتقليد اقتنائها للاحتفال بعاشوراء، وهو ما يفسّر الإقبال الكبير على متجر الشنباري.

فاطمة آيت وحمان واحدة من زبائن محل الشنباري، تقول للأناضول: "نحن نقتني كلّ سنة ألعاباً لأطفالنا، ونقتني الآلات الموسيقية المغربية لنحتفل بعاشوراء". وتابعت: "لا يتخلّى المغاربة عن هذه التقاليد، فهي علامة تميّز المغرب في تخليد هذا اليوم".

ويحيي المغاربة يوم عاشوراء بترديد أهازيج مصحوبة بإيقاع الدفوف والطبول، وفي بعض المناطق يتمّ كسر هذه الآلات وتحطيمها في نهاية النهار، ليعيدوا شراء آلات أخرى مجدّداً في العام التالي.