قال مسئولون واقتصاديون مصريون، إن سعر العائد على شهادات "استثمار قناة السويس"، التي تعتزم الحكومة طرحها للمصريين فى الخارج والداخل، لتمويل مشروع "قناة السويس الجديدة"، مرتفع، وجاذب للمواطن والمستثمر المحلى، ولكنه غير جاذب للمستثمر والمقيم المصري في الخارج.وحددت الحكومة المصرية، سعر العائد على تلك الشهادات، بـ 12% سنويا، ويصرف عائدها كل 3 أشهر لمدة 5 سنوات، كما تعتزم الحكومة طرح شهادات للمصريين بالخارج بالدولار واليورو بعائد 3% فقط.

كان إبراهيم محلب، رئيس الوزراء المصري، قد قال الخميس الماضي، إن الحكومة قررت طرح شهادات استثمار باسم "شهادة استثمار قناة السويس" ليمول المصريون فقط مشروع "قناة السويس الجديدة". وأضاف أن تكلفة مشروع قناة السويس تبلغ ٦٠ مليار جنيه (8.4 مليار دولار)، مشيرا إلي أن الإعلان عن طرح شهادات "استثمار قناة السويس" له مدلول وطنى وبداية كبيرة للوطن.

وقال الخبراء في أحاديث لوكالة الأناضول، إن ارتفاع سعر العائد على تلك الشهادات المحلية، قد يؤدى لإقبال المواطنين على تحويل مدخراتهم بالبنوك، والتي يقل سعر العائد فيها عن هذا المستوى، وتوجيهها للاستثمار في شراء الشهادات الجديدة، مما قد يخفض ودائع البنوك والتي يوجه جانب منها للتوظيف في أدوات الدين الحكومية، الأمر الذى من شأنه أن يجبر الحكومة على رفع أسعار العائد على أذون وسندات الخزانة، مما سيرفع الفوائد المسددة عنها، وسيؤدى بالضرورة إلى زيادة العجز في الموازنة المصرية .

وتستهدف مصر وصول العجز في الموازنة الحالية 2014/2015، إلى 240 مليار جنيه (33.6 مليار دولار) تمثل 10% من الناتج المحلي الإجمالي في البلاد، فيما تصل حجم الفوائد المتوقع سدادها عن الدين العام 204 مليار جنيه (28.6 مليار دولار).

وقال مسؤول بوزارة المالية المصرية، إنه من المقرر أن يتم غدا الاثنين، الإعلان عن كافة التفاصيل الخاصة بشهادات "استثمار قناة السويس".وأضاف المسؤول، في تصريحات هاتفية للأناضول، اليوم الأحد، أن الشهادات ستضمنها وزارة المالية المصرية، وهو ما سيعطيها ميزة وجاذبية لدى المستثمرين، وأشار إلى أنه من بين التفاصيل التي ستعلن كيفية استرداد تلك الشهادات، والحد الأدنى لقيمة الاسترداد، وعمولة البنوك المستثمرة.وقال ممتاز السعيد عضو بنك الاستثمار القومي (حكومي)، إن سعر العائد على شهادات استثمار قناة السويس مرتفع مقارنة بسعر الشهادات المماثلة المطروحة، في السوق من قبل البنوك المصرية.

وذكر في اتصال، مع وكالة الأناضول، اليوم الأحد، "إن المشروع (قناة السويس الجديدة) هام جدا لإحداث نقلة اقتصادية لمصر، ومن المهم أن نوظف فيه ودائع البنوك، وأموال المصريين لتحقيق حلم انشاء هذا المشروع الضخم، وتشغيل العمالة، إلا أن سعر العائد على تلك الشهادات سيحدث عددا من التأثيرات على الاقتصاد".

وأعطى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فى الخامس من أغسطس / آب ، إشارة بدء تنفيذ مشروع "قناة السويس الجديدة"، وهي عبارة عن ممر ملاحي يحاذي الممر الملاحي الحالي، يمتد بطول 72 كيلو متر، منها 35 كيلومترات حفر جاف، ونحو 37 كليو متر توسعة وتعميق لأجزاء من المجرى الحالي للقناة، بجانب إنشاء 6 أنفاق لسيناء تمر أسفل القناة.

وأوضح السعيد أنه من المتوقع أن يبادر عملاء البنوك، لسحب استثماراتهم في الاوعية الادخارية الاخرى، التي ينخفض عائدها عن عائد تلك  الشهادات، والتي من بينها شهادات الاستثمار، التي يصدرها البنك الأهلي المصري لصالح بنك الاستثمار القومي التابع للحكومة، والتي يبلغ سعر العائد عليها 9.75%.

ويصدر بنك الاستثمار القومي المملوك للدولة، شهادات استثمار تضمنها الحكومة، وهي أكبر وعاء استثماري في البلاد، ويقوم بتسويقها البنك الأهلي (حكومي)، ويتم استخدام حصيلة الشهادات لتمويل عجز الموازنة، وتتجاوز قيمة شهادات الاستثمار 100 مليار جنيه  ( 14 مليار دولار) طبقا لأرقام رسمية.

وقال مصدر بوزارة المالية المصرية في وقت سابق إن الموازنة العامة للدولة تتحمل 199 مليار جنيه (27.9 مليار دولار)، بواقع 8.3% من الناتج المحلى الاجمالي، فوائد عن السندات واذون الخزانة التي تصدرها الحكومة، بزيادة تبلغ نحو 20.8 مليار جنيه (2.9 مليار دولار) عن العام المالي الماضي، حيث بلغت الفوائد 178.1 مليار جنيه (24.9 مليار دولار).

وقال السعيد إن البنك لن يستطيع رفع سعر الفائدة على شهادات الاستثمار، التي يقوم بإصدارها للحفاظ على عملائه.وتوقع السعيد أنه فى حالة قيام العملاء بسحب ودائعهم من البنوك، وخفض نسبة السيولة، فإن هذا من شأنه زيادة اسعار الفائدة على أذون وسندات الخزانة، الأمر الذى سيؤدى الى زيادة الفوائد المسددة عن الدين العام، وتحميل الموازنة بأعباء إضافية.

وسجل الدين العام فى مصر ارتفاعا بقيمة 1.9 تريليون جنيه (266 مليار دولار)  بنهاية العام المالي المنقضى، ومرشح للزيادة الى 2.2 تريليون جنيه (308 مليار دولار) بنهاية العام المالي الحالي.وقال الخبير المصرفي هشام إبراهيم إنه يتوقع اقبالا كبيرا من قبل المصريين، على شراء شهادات استثمار قناة السويس، بسبب عائدها المغرى.وأضاف في تصريحات هاتفية لوكالة الأناضول، أن الحكومة اختارت هذا العائد المرتفع لجذب المواطنين للشراء، لسرعة انجاز المشروع القومي، بغض النظر عن تأثيرات ذلك على الأوعية الادخارية الأخرى الصادرة عن البنوك.

وقال الدكتور محمد عبد العزيز حجازي، الخبير الاقتصادي، إن عائد 12 % على الشهادات ليس مرتفعا، مع سداد العائد كل 3 أشهر، خاصة وأن هناك أوعية ادخارية يتم صرف عائدها شهريا، فضلا عن أن مدة استرداد الشهادات تحدد عامل المخاطرة. 

وتوقع حجازى ألا يقل الحد الأدنى لمدة استرداد قيمة تلك الشهادات بعد شرائها عن عام، وذلك لحين بدء تحقيق عوائد للمشروع وعدم اثقال كاهل البنوك، والموازنة العامة لمصر، في حين أنه في غالبية البنوك المصرية يحق استرداد قيمة شهادات الاستثمار المماثلة، خلال 6 اشهر فقط من تاريخ الشراء.وقال إن وضع الاحتياطي النقدي، وراء خفض أسعار العائد على شهادات المصريين في الخارج، والذى وصفه بـ "غير المغرى"، في ظل تراجع التصنيف الإئتماني لمصر.

وتعرض الاقتصاد المصري لأزمات متلاحقة منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011 أدت إلى تآكل احتياطي البلاد من النقد الأجنبي وانخفاض كبير في قيمة العملة المحلية.وتصنف وكالة "ستاندرد آند بورز " مصر بالعملتين الأجنبية والمحلية على المديين  الطويل والقصير عند  (   'B-/ B   ) وهو التصنيف الذي يعني أن الإستثمار ينطوي على مخاطرة، وهو أدنى من مستوى الإستثمار بخمس درجات للعملة المحلية وست درجات بالعملة الأجنبية ، لكن الوكالة أعطت نظرة مستقبلية مستقرة.

وقال البنك المركزي المصري، في بداية الشهر الجاري، إن الاحتياطي من النقد الأجنبي لديه ارتفع بقيمة 49.4 مليون دولار خلال شهر يوليو/ تموز  2014 ليصل إلى 16.7367 مليار دولار، مقارنة بقيمته في يونيو/ حزيران الماضي البالغة نحو 16.6873 مليار دولار، وهو ما يمثل ارتفاعا طفيفا نسبته 0.3%.وكانت مصر قد طرحت شهادات المصري الدولارية بعد ثورة 25 يناير / كانون الثاني 2011، بعائد  4.8% لدعم الاحتياطي النقدي. وبحسب بيانات وزارة المالية المصرية بلغ الرصيد القائم لتلك الشهادات 1.7 مليار جنيه فقط، مما أدى لوقف اصدارها.