كشفت دراسة أجرتها وكالة رويترز عن الحالة المتردية التى وصلت لها المرأة فى مصر، الأمر الذي وضع مصر فى ذيل القائمة التى تضم 22 دولة عربية يليها فى سوء أحوال المرأة العراق ثم السعودية ثم سوريا واليمن، فى الوقت الذى تأتى فيه دولة جزر القمر على رأس القائمة. أكدت الدراسة أن المرأة فى مصر تواجه الكثير من المخاطر التى تجعل حياتها داخل البلاد شديدة الصعوبة، أبرز تلك المخاطر التحرش الجنسى وكذلك تقرير منظمة الأمم المتحدة لعام 2013 الذى أكد أن 99.3% من النساء والفتيات يتعرضن للتحرش الجنسي

التحرش الجنسي جريمة منتشرة في كافة أنحاء العالم، ولكنها بدأت تتزايد وتظهر بحدة في كثير من مجتمعاتنا العربية ، لذا يجب علينا التوعية بها والعمل على مواجهتها.
والتحرش الجنسي هو محاوله استثارة امرأة - أو طفل - جنسيًا دون رغبة الطرف الآخر، ويشمل اللمس أو الكلام أو المحادثات التليفونية أو المجاملات غير البريئة. يحدث التحرش عادة من رجل في موقع القوة بالنسبة للأنثى أو للطفل، مثل المدرس و التلميذة، الطبيب و المريضة، أو حتى رجل دين ومتعبدة. ولكن الحالات الأكثر و الأغلب هي التي تحدث في مكان العمل. ومن أمثلة هذا السلوك: النظرة الخبيثة بينما تمر من أمام الشخص، التلفظ بألفاظ ذات معنى جنسي، تعليق صور جنسية أو تعليقات جنسية فى مكان يعرف الشخص أنها سوف ترى هذه الأشياء، لمس الجسد، النكات أو القصص الجنسية التى تحمل أكثر من معنى

هناك استراتيجيتان للتعامل مع حالات التحرش :
1 _ التفادى : وتعنى تجنب الأماكن والمواقف التى يتوقع فيها التحرش مثل الأماكن المعزولة أو المغلقة التى يسهل الإنفراد فيها بالضحية , أو الأماكن المزدحمة , أو التواجد مع أشخاص بعينهم يتوقع منهم هذا السلوك . وتتعلم الفتاة بشكل خاص أن تتجنب المواصلات المزدحمة , وأن تستفيد من وجود العربات المخصصة للنساء فى الترام , وإذا ركبت تاكسى أن لا تركب بجوار السائق فى الكرسى الأمامى وأن لا تتبسط إليه فى الحديث بدون داعى , وإذا ذهبت إلى عيادة الطبيب أن لا تذهب وحدها , وأن تعرف الأسرة ظروف وأماكن الدروس الخصوصية لبناتها وأبنائها ..

2 – المواجهة : وفيها تواجه المتحرش بها الشخص المتحرش , إما بنظرة حازمة ومهددة , أو بكلمة رادعة ومقتضبة , أو بتغيير مكانها ووضعها , أو بتهدديده وتحذيره بشكل مباشر , أو بالإستغاثة وطلب المساعدة ممن حولها , أو بضربه فى بعض الأحيان . واستراتيجية المواجهة تحتاج لذكاء وحسن تقدير من الضحية , وليس هناك سيناريو واحد يصلح لكل المواقف , وإنما يتشكل السيناريو حسب طبيعة الشخص وطبيعة الظروف . وهناك طرق قد تبدو طريفة فى المواجهة تستخدمها بعض الفتيات مثلا فى وسائل المواصلات فبعضهن يستخدمن دبوسا ضد من يحاول التحكك بهن , وهى وسيلة دفاع صامتة وقد تكون مؤثرة ورادعة , وبعضهن يتعلمن وسائل الدفاع عن النفس مثل الكاراتيه والتايكوندو والكونجفو لتتمكن من الدفاع عن نفسها دون الحاجة للمساعدة الخارجية , خاصة حين تضعف السلطات الأمنية أو تتغيب أو تنشغل بحماية أولى الأمر عن حماية الشعب أو تضعف النخوة والمروءة فى المجتمع .. ويعيب استراتيجية المواجهة أنها ربما تحدث ضجة أو فضيحة لا تحبذها المرأة أو الفتاة فى مجتمعاتنا المحافظة , على الرغم من أن فيها ردع قوى لكل من تسول له نفسه بالتحرش بأى فتاة .
التحرش الجنسى فى مصر الجزء الثانى
لكنني سأركز في دراستي المختصرة لهذه الظاهرة على التحرش بالمرأة في العمل والدراسة .
لأنه أكثرها انتشاراً ، ولأن الدراسة والعمل في نظر الكثيرين هما بوابة الدخول لتحقيق المرأة حياة الحرية والمساواة بالرجل!!
ودراسة هذه الظاهرة من الصعوبة بمكان فالأرقام والإحصائيات لا تمثل إلا جانباً بسيطاً من تلك المعاناة التي تعيشها المرأة العاملة في العالم اليوم ، وذلك للأسباب التالية

1- حساسية الموضوع ، وأن كثيراً من ضحايا التحرش تخاف من : الفضيحة ، وتلويث السمعة ، فأن أصابع الاتهام ستشير إليها بالدرجة الأولى ، لذلك فهي تفتقد الجرأة والشجاعة في التحدث عن معاناتها
2- بعض الضحايا تخاف من فقد عملها
3- الخوف من تعثر الدراسة جعل بعض الضحايا يلتزمن الصمت
4- شعور الضحايا بأن الجاني عليها لن يجد العقاب الرادع له ، وأن رئيسها المباشر لن يسمع لها خوفا على سمعة عمله

إثبات لهذه الأسباب وغيرها سيظل موضوع التحرش الجنسي بعيداً عن المعرفة الكاملة لصورته الحقيقية ، بل قل ولا حتى جانباً كبيراً منه ، فقد جاء في دراسة صادرة عن معهد المرأة في العاصمة الاسبانية مدريد : إن عدد اللواتي يتجرأن على التقدم بشكوى لا يتجاوز الـ 25% من مجموع حالات التحرش- حدوث التحرش
جاء في تقرير للجمعية الأمريكية للنساء الجامعيات : أن الطالبات أكثر شعورا بالخجل والغضب والخوف والتشوش ، وأقل ثقة وأكثر شعورا بخيبة الأمل تجاه تجربتهن الجامعية بعد تعرضهن للتحرش الجنسي.
و في دراسة صادرة عن معهد المرأة في العاصمة الاسبانية مدريد : أن أغلب هؤلاء العاملات يعانين من أمراض نفسية مثل :القلق ،والسهر، واللامبالاة ،والخوف ، والتعرض للكوابيس.
فتقول المفوضة الأوروبية للعمل والشؤون الاجتماعية - آنا ديامنتوبولو - التي تعتبر نفسها واحدة من ضحايا التحرش الجنسي عندما كانت طالبة:
أن حجم هذه الظاهرة غير مدرك على نحو فعلي في دول الاتحاد، وأن 35 في المئة من النساء يتعرضن إلى شكل من أشكال التحرش الجنسي في مكان العمل .
وتشير إحصائيات المفوضية الأوروبية إلى أنه خلال العام الماضي تعرض نحو 50 في المئة من النساء العاملات إلى تحرشات جنسية

معاناة المرآه من ظاهرة الاغتصاب

صدر تقرير عن الجمعية الأمريكية للنساء الجامعيات وهي منظمة تدافع عن حقوق المرأة مقرها واشنطن العاصمة . جاء فيه أن حوالي ثلثي من شاركوا في الاستطلاع أشاروا إلى تعرضهم لشكل من أشكال التحرش الجنسي، وهو ما تعرفه الدراسة بأنه سلوك جنسي غير مرّحب به ، ويعتبر بمثابة تدخل في حياة الطالب. وقد تراوحت أعمار المشاركين في الاستطلاع بين الـ18 والـ24. كما أنهم ينتسبون إلى كليات خدمة المجتمع وكليات جامعية وجامعات خاصة وعامة في أرجاء البلاد. وقد وجد المحللون أن معدلات من يتعرضون للتحرش الجنسي مرتفعة على نحو يثير الدهشة خاصة في ضوء الاهتمام العام بهذا الموضوع في أعقاب الاتهامات الموجهة إلى شخصيات بارزة مثل :الرئيس كلينتون وقاضي المحكمة العليا كلارينس ثوماس والسناتور السابق بوب باكوورد
وتشير إحصائيات المفوضية الأوروبية إلى أنه خلال العام الماضي تعرض نحو 50 في المئة من النساء العاملات إلى تحرشات جنسية .
اليابان: فقد أشار تقرير حكومي ياباني إلى ارتفاع واضح في قضايا التحرّش الجنسي ضد النساء اليابانيات العاملات خلال العام الماضي مقارنة مع الأعوام التي سبقته. واستناداً للتقرير فقد سجّلت قضايا التحرش الجنسيفي أماكن العمل ارتفاعا عام 1999 بنسبة 35 في المائة، مقارنة مع عام 1998, تم أكثر من نصفها بحق سيدات عاملات, وشكت معظمهن من امتناع مسئولي العمل عن اتخاذ أي إجراء عقابي أو رادع بحق المتحرشين بهن
وفي مصر:
الأرقام التي تثير الفزع جاءت تحذر أن من بين مائة امرأة يوجد 68 تعرضن فعلا للتحرش الجنسي داخل محيط العمل سواء كان هذا التحرش لفظيا أو بدنيا!
وأشارت الأستاذة - عزة سليمان- مدير مركز قضايا المرأة المصرية :أن ظاهرة التحرش الجنسي هي قضية "مسكوت عنها" في المجتمع المصري نظرا لحساسية هذه القضية، بالإضافة لعدم امتلاكنا ثقافة كيفية لمواجهة مثل هذه الأمور.
هذه الظاهرة و طرق علاجها .
وأول هذه المغالطات

هو ما يطرحه البعض بأن ثقافة الفصل بين الجنسين في العالم العربي والإسلامي والتي يربى عليها الصغار والكبار ، ووضع الحواجز بين الجنسين هي التي تجعل من مجتمعاتنا مسرحاً لمثل هذه الظواهر السيئة !!
ويكفينا رداً على هذه المغالطة طرح السؤال التالي : لماذا نجد هذا المسلك المشين بنسب عالية - كما أبدت هذه الدراسة جانباً منه وغيرها من الدراسات - في المجتمعات الغربية والشرقية التي تعيش الاختلاط بين الجنسين بدون حواجز أو فواصل في كل مراحلهم العمرية ، وفي كل مجالات الحياة ؟!!

أما ثاني المغالطات :

هو زعمهم أن تدني ثقافة ووعي الرجل خاصة وكذلك المرأة في المجتمعات العربية والإسلامية عن المستوى الحضاري الذي يعيشه الإنسان رجلاً كان أم امرأة في الغرب ، هو الذي يتسبب في إفراز مثل هذه الانتهاكات في حق المرأة !
الخاتمة
أن ألوان الأذى كالاغتصاب ،والدعارة ، والضرب ، والقتل ، والاستعباد التي تتعرض لها المرأة في العالم اليوم ما هي إلا ثمار قبيحة المنظر كريهة الرائحة ومرة المذاق للحياة المتحررة من دين الله تعالى ، المنفلتة من كل قيم وآداب الفطر السليمة
أن تخبط البشرية اليوم بين نظريات هذا ، وآراء ذاك يؤكد حاجتها إلى معرفة طريق النجاة ، الذي حاد عنه الإنسان منذ أن قدس عقله وأله هواه ، وترك وحي ربه وراء ظهره!!
فكانت النتيجة هذا الشقاء الذي يتقلب فيه البشر رجالا ونساءً كباراً وصغاراً ، قال تعالى : {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {