بعد أن كانت مهملة لعقود في عصر العقيد الراحل معمر القذافي، باتت طبرق واحدة من أهم المدن الليبية، إذ يصفها البعض بالعاصمة السياسية الجديدة للبلاد، كونها تحتضن مجلس النواب المنتخب حديثا.

وعانت طبرق، تلك المدينة الصغيرة الهادئة في أقصى الشرق الليبي، سنوات طويلة من التهميش في عهد القذاقي، الذي تركها وغيرها من مدن الشرق بدون تنمية أو بنى تحتية قوية، أو مظاهر تمدن حقيقية.

وطبرق ثاني مدينة - بعد مساعد - يمر عليها من يدخل ليبيا برا عبر مصر، ويفصلها عن الحدود المصرية نحو 130 كيلومترا، وتربطها بمدينة مرسى مطروح المصرية علاقات اجتماعية وروابط ثقافية، كما تتشابه طباع سكانها إلى حد كبير مع سكان غرب مصر، علاوة على ذلك تعتبر الإسكندرية وجهة سكان طبرق المفضلة عربيا للسياحة والعلاج.

وتتمتع طبرق بشواطئ خلابة على البحر المتوسط، وبجو معتدل على مدار العام كونها شبه جزيرة داخل البحر المتوسط، فضلا عن مناظر خلابة لاندماج الجبال مع الخلجان، لكنها لم تستغل يوما كمدينة سياحية، ولا يوجد بها سوى فندق واحد كبير، هو الذي تجرى به جلسات مجلس النواب.

ولم تكن طبرق مدينة مؤثرة خلال الاحتجاجات التي شهدتها ليبيا في 2011 وأدت إلى إسقاط نظام القذافي، حيث اندلعت شرارة الاحتجاجات في بنغازي، عاصمة الشرق الليبي ومعقل المعارضة ضد الزعيم الراحل.

لكن بعد نحو 3 سنوات من مقتل العقيد الليبي بدأت الأضواء تسلط على طبرق، البعيدة عن العاصمة طرابلس بأكثر من 1200 كيلومتر، وتعيش بمنأى عن أعمال العنف بعكس معظم المدن الليبية، إذ كان ذلك سببا في اختيارها لتكون مقرا لمجلس النواب المنتخب، أهم جسم سياسي في البلاد حاليا.

والبرلمان الجديد في طبرق لقي اعترافا واسعا من المجتمع الدولي، وبدأ في اتخاذ خطوات مهمة على رأسها تكليف عبد الله الثني بتشكيل حكومة، وإدراج عدة مجموعات مسلحة على قوائم الإرهاب منها "فجر ليبيا" في طرابلس و"أنصار الشريعة" في بنغازي، علاوة على إصدار قانون مكافحة الإرهاب.

وفي طبرق أدى رئيس الوزراء المكلف عبد الله الثني وحكومته اليمين، الأحد، بعد أن وافق المشرعون على تشكيلة الحكومة الجديدة، التي من المرجح أن تتخذ من مدينة البيضاء القريبة مقرا لها.

لكن التحدي أمام مجلس النواب والحكومة الجديدة، يتمثل في إمكانية فرض السيطرة على باقي أنحاء ليبيا المضطربة.

فبعد خسارة الإسلاميين للأغلبية في مجلس النواب، أدى الصراع السياسي إلى نزاع مسلح في عدة مدن، أهمها طرابلس غربا وبنغازي شرقا، والمدينتان أصبحتا تحت سيطرة ميليشيات صنفها البرلمان على أنها "جماعات إرهابية".

ويأمل سكان طبرق أن يجلب وجود البرلمان في هذه المدينة العناية والاهتمام من السلطات الجديدة، لا سيما بعد تشكيل الحكومة واعتمادها من قبل مجلس النواب.

*سكاي نيوز