"غمرتني السعادة البالغة عندما تم الانتهاء من صيانة مركز المرأة. إن ذلك يعني الكثير للجميع في المدينة حيث يقوم المركز بدعم المرأة في مختلف الجوانب أهمها مساعدتها على تحسين مهاراتها حتى تزيد من فرص الحصول على وظائف وتمكينها من الدفاع عن حقوقها وأن تكون نشطة في مجتمعها، سواء من الناحية الاقتصادية وأيضاً اجتماعياً ".
بهذه الكلمات تشرح السيدة باتا شغول، مسؤولة الشؤون الاجتماعية في أوباري وتعبر بلهفة عن سعادتها بالتقدم الذي أحرزته المرأة في مجتمعها.
كان المبنى من قبل بمثابة إدارة الشؤون الاجتماعية بالمدينة، ولكن نزاع عامي 2011 و 2016 جعل من المبنى غير صالح للاستخدام. مع إرساء السلام والأمن، أصبح صيانة المبنى أمر ذا أولوية قصوى حيث إنه مساحة آمنة للنساء وفضاء لجميع السكان للتعلم والتفاعل فيما بينهم.
في عام 2017، قام صندوق الاستقرار في ليبيا التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بصيانة وتأهيل المبنى بأثاث مكتبي وأجهزة كمبيوتر وورشة خياطة ومطبخ مجهز بالكامل. يرتاد المركز اليوم أكثر من 150 امرأة تتراوح أعمارهن بين 18 و 65 عام ويوفر لهن مساحة لتبادل الأفكار والتعلم واكتساب مهارات جديدة ودعم بعضهن البعض. كما أنه بمثابة قاعة للفنانين المحليين لعرض أعمالهم، وبالتالي تعزيز الثقافة المحلية. المركز هو الوحيد المركز العام في مدينة أوباري، والذي يساهم في تمكين المرأة وتنمية المجتمع.
تقول السيدة باتا: "إن أهم قضية يدعمها هذا المركز هي المشاركة السياسية للمرأة، ورفع وعيها المدني من خلال ورش العمل والدورات التدريبية. وشملت هذه المناقشات حول الوضع السياسي المحلي والانتخابات ومصادر النزاع وما شابه. يتم أيضاً دعوة الرجال للمشاركة في أحداث وأنشطة محددة حيث أنهم جزء من المجتمع ومن المهم رفع وعيهم بالقضايا المثارة وتقديم الدعم عند الضرورة ".
الحرص على المعرفة
تتعلم النساء في المركز العديد من المهارات المختلفة وتتاح لهن فرص تعلم لتحسين مهاراتهن ما يساهم في إدرار دخلهن. وتشمل هذه الأنشطة الإلمام بمهارات الحاسوب، وتعلم اللغات، والقيادة، والصناعات اليدوية، والإسعافات الأولية، والطهي، وصناعة العطور، والخياطة والحياكة، وغيرها. منذ الافتتاح، قدم المركز التدريب لأكثر من 3000 امرأة، العديد منهن يعرضن الآن منتجاتهن في السوق المحلية ويطلقن مشاريعهن الخاصة ويسوقن منتجاتهن عبر الإنترنت.
تشاركنا إحدى المدربات بالمركز، السيدة سمية خليل قولها: "رغبة نساء أوباري الشديدة للتعلم هو ما دفعني لتقديم دورات في الطبخ والخبز. لقد فوجئت برؤية شغف هؤلاء النساء. مهنتي هي إعداد وجبات الطعام لحفلات الزفاف والمناسبات العامة في أوباري، حيث هناك طلب كبير على المنتجات محلية الصنع، لأنها ذات جودة أفضل من وجبات المطاعم".

 وقد ساهم هذا التدريب في خلق فرص للمرأة لكسب لقمة العيش وتمكينها من أن تصبح ناشطة اقتصادياً. وتضيف السيدة سمية: "في الواقع، يساعد التدريب المهني المرأة على أن تصبح مستقلة اقتصادياً حيث يجعلها غير مضطرة للاعتماد على الراتب الحكومي". وتضيف: "نشكر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركائه على دعمهم للمرأة، اليوم، تمثل منتجات نساء أوباري جزء كبير من السوق المحلي ".وتتابع السيدة سمية: "إذ توفر المزيد من الدعم، يمكن توسيع الأعمال التجارية الصغيرة والمساهمة في انتعاش كبير للاقتصاد المحلي في أوباري. تتمتع أوباري بموقع جغرافي مميز، فهي عاصمة منطقة وادي الحياة والمدخل الشرقي لبلدية غات. ومع ذلك، فإن العديد من الشركات ليس لديها مصادر للتمويل وهذا يجعل أفكارهم مجرد حلم ".

مساحة للتنمية وبناء السلام
 تعمل السيدة فاطمة الزهراء، وهي من سكان مدينة أوباري وفرد من قبيلة التبو، في المركز وتساعد في تنظيم الفعاليات المختلفة بما في ذلك معرض السلام الذي أقيم مؤخراً بمشاركة الناشطة السيدة خديجة أنديدي. حضر المعرض نساء يمثلن مجتمعات مختلفة بما في ذلك التبو، كما لعبت الناشطات والمؤثرات مثل السيدة أنديدي دوراً مهماً في جذب النساء من مختلف المجتمعات للمشاركة في أنشطة المركز، وفي نفس الوقت إنشاء الحوار والحفاظ عليه والمساهمة في المصالحة بين هذه المجتمعات.

نظراً لأن مدينة أوباري تتكون من مجموعات عرقية مختلفة، وفر المركز عن طريق الأنشطة مثل المعارض منبر لهذه المجموعات، وخاصة النساء للالتقاء واجراء الحوارات والتعاون فيما بينهم، وإثارة القضايا ذات الاهتمام المشترك واقتراح وتبادل الأفكار والحلول. وقد ساعد ذلك أيضاً في تحديد مناطق النزاع ومعالجة الحساسيات ومنع النزاعات وحلها داخل المجتمع.قال الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا السيد مارك أندريه فرانش: "إن إعادة تأهيل مركز المرأة واستخدامه خطوة واضحة نحو منع نشوب النزاعات والمصالحة والسلام المحلي والاستقرار، وهذا بالضبط ما يفعله برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا".
يتمثل أحد الأهداف الرئيسية للبرنامج القُطري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا في تعزيز المؤسسات الليبية والمجتمع المدني ودعمهم للاستجابة بشكل أفضل لاحتياجات الناس، من خلال تحسين قدراتهم على تصميم واعداد وتنفيذ السياسات الاجتماعية التي تركز على توفير الخدمات الاجتماعية ذات الجودة.

من خلال صندوق تحقيق الاستقرار، وبدعم من 13 شريك دولي والحكومة الليبية، ساعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 4.5 مليون شخص للوصول أيضاً بشكل أفضل إلى خدمات المياه والكهرباء والتعليم من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية مثل الصرف الصحي وشبكات الطاقة والتعليمية والثقافية، ومرافق الرعاية الصحية. كما ساعد في بناء قدرات السلطات البلدية والمجتمع المدني لتحليل النزاعات ومعالجتها.يختتم السيد فرانش قوله: "تنفيذاً لخطة برنامجنا القُطري في ليبيا بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، نعمل على تحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية ونوعية الحياة للسكان في ليبيا بشكل عام، وعودة النازحون إلى ديارهم ودعم البلديات لتكون أكثر استعداد للاستجابة لسكانها، مما يساهم في زيادة الثقة والمساءلة دون اهمال أي شخص".